صنعاء | وصلت ناقلة النفط، «نوتيكا»، منتصف الأسبوع الجاري، إلى اليمن، بحسب تأكيد الأمم المتحدة، إلّا أن عملية نقل النفط الخام من سفينة «صافر» المتهالكة التي ترسو على بعد ثمانية أميال من ميناء رأس عيسى في سواحل البحر الأحمر في محافظة الحديدة، لن تبدأ أواخر الشهر الجاري وفق خطّة الإنقاذ الأممية السابقة، وذلك بعدما فشل مؤتمر المانحين الذي نظّمته بريطانيا وهولندا الخميس الماضي، في الحصول على 29 مليون دولار، قالت المنظّمة الدولية إنها تحتاج إليها بسرعة لتتمكّن من بدء العملية في النصف الأول من هذا العام.

ولم تجنِ الأمم المتحدة سوى 5 ملايين دولار، بالإضافة إلى حصولها على تمويلات بقيمة 3 ملايين دولار قبل عقد المؤتمر، ما يعني أنها لا تزال بحاجة إلى 14 مليون دولار في الحدّ الأدنى، للمباشرة في عملية نزع فتيل الخطر الذي يتهدّد البيئة البحرية في البحر الأحمر والدول المشاطئة له. والجدير ذكره، هنا، أن كمّية النفط الذي تحمله «صافر» (نحو 1.1 مليون برميل)، يعادل أربعة أضعاف النفط الذي تَسرّب من الناقلة «إكسون فالديز» عام 1989 قبالة ألاسكا في الولايات المتحدة، وفق خبراء في مجال البيئة، فيما قد يتسبّب أي تسرّب نفطي من السفينة بإغلاق باب المندب وإيقاف محطّات تحلية المياه في جزيرة فرسان السعودية، وصولاً إلى سواحل جدة.
وكان فريق إنقاذ أممي مكوّن من خبراء دوليين مختصّين في إنقاذ السفن قد وصل إلى مدينة المخا، بينما افتتح البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة مكاتب خاصة بالفرق والشركات المعنيّة بالإنقاذ في مناطق سيطرة حكومة عدن، لكن قصور التمويل حال دون الشروع في العملية. ولذا، بعثت المنظّمة الدولية برسائل إلى الدول المانحة حول أهمية الإسهام في سدّ الفجوة التمويلية، لاستدارك سيناريو وصفه مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر، بأنه «عالي المخاطر». وتتوزّع الخطّة الأممية لإنقاذ «صافر»، التي اشترتها شركة «هنت» الأميركية عام 1986 كسفينة عائمة وتخلّت عنها عام 2005، بعدما نقلت عبرها نحو مليار برميل نفط، على ثلاث مراحل، علماً أن السفينة التي اشتُريت للإنقاذ تَبيّن أنها متهالكة، وهو ما دفع وزارة النقل في صنعاء إلى المطالبة بفحصها قبل دخولها المياه اليمنية.
وتقتضي المرحلة الأولى من الخطّة، التي قدّرت الأمم المتحدة كلفتها بـ 129 مليون دولار، حصلت حتى الآن على نحو 100 مليون منها، بإدخال «نوتيكا» من جيبوتي إلى ميناء رأس عيسى، وتجهيزها لنقل حمولة «صافر» إليها، وذلك خلال شهر واحد. أمّا المرحلة الثانية، والتي حُدّدت بأربعة أشهر، فسيتمّ خلالها نقل النفط، وهو ما يرى مراقبون أنه محفوف بالمخاطر في ظلّ احتمال تفكّك بدن السفينة البديلة خلال تنفيذ العملية، أو حتى حدوث تسرّب نفطي محدود قُدّرت تكاليف مكافحته بنحو 40 مليون دولار. وبخصوص المرحلة الثالثة، فهي تقتضي سحب «صافر»، التي تزن 400 ألف طن، من موقعها إلى خارج المجرى الملاحي، بعد تفكيكها إلى قطع صغيرة، الأمر الذي سيستغرق عاماً كاملاً. ووفقاً لمصادر مطّلعة في صنعاء، فإن الأمم المتحدة تخطّط لبيع هذه القطع كخردة بنحو 20 مليون دولار.

قالت الأمم المتحدة إن فريقها الموجود في المخا لن يستطيع البدء بعملية تفريغ «صافر»


وكانت شركة «بوسكاليس» الهولندية، والتي تعاقدت معها الأمم المتحدة لتنفيذ خطّة إنقاذ «صافر»، قد أعلنت، قبل فشل مؤتمر المانحين الأخير، أنها ستبدأ العمل على تثبيت الناقلة الجديدة ونقل النفط الخام إليها، خلال شهرَي حزيران وتموز القادمَين، في عملية قد تمتدّ حتى منتصف آب المقبل. لكن المنظّمة الدولية عادت وقالت إن فريقها الموجود في مدينة المخا الساحلية منذ أيام، لن يستطيع البدء بعملية التفريغ الآن، لعدم توفّر معلومات لديه عن ملّاك النفط المنويّ نقله. وفي هذا الإطار، يؤكد مصدر نفطي في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، أن الشحنة التي تحملها «صافر» تابعة لشركات أجنبية عاملة في إنتاج النفط اليمني، كـ«أكسيدنتال» و«أكسون» الأميركيتَين، و«هلمجبر» «أو أم في» النمسويّتَين، و«كالفالي بتروليوم» الكندية، و«توتال» الفرنسية، تخلّت عنها مطلع شباط عام 2015، وغادرت اليمن بعد إعلان حالة «القوة القاهرة». ووفقاً للمصدر، فإن هذه الشحنة لم تتمّ مصادرتها من قِبَل حكومة صنعاء.
من جانبها، حمّلت المنظمة البيئية الدولية، «غرينبيس»، شركات النفط العالمية مسؤولية تعرّض منطقة البحر الأحمر للخطر لعدم مشاركتها في تقديم التمويل اللازم لخطّة الأمم المتحدة لتفريغ النفط من «صافر»، واصفةً أصحاب نلك الشركات بـ«الملوّثين الكبار»، وقالت إن الحقائق تشير إلى أن عدداً من الشركات الضخمة، كـ«إكسون موبايل» و«توتال إنيرجيز»، قد تكون من بين المسؤولين عن النفط الموجود على متن الناقلة. وكانت شركتا «أوكتافيا إنرجي» و«كالفالي بتروليوم» قد شاركتا في مؤتمر المانحين الخميس الماضي، وساهمتا بـ 300 ألف دولار في تمويل خطّة الإنقاذ.