مع مرور الوقت، بدأت المكوّنات الجنوبية الموالية لـ«التحالف» تبدي تذمّرها منه، على اعتبار أنه خدعها واستخدمها كأدوات
مع مرور الوقت، بدأت المكوّنات الجنوبية الموالية لـ«التحالف» تبدي تذمّرها منه، على اعتبار أنه خدعها واستخدمها كأدوات، على رغم أن موقفه كان واضحاً منذ اليوم الأوّل، وأنه حدّد بدقة ما هو المطلوب من تلك المكوّنات، ورسَم ملامح العلاقة بينه وبينها، وهي القائمة على تقديمه المال والسلاح لها مقابل التزامها هي بالقتال حيث يريد، سواءً في مواجهة قوّات صنعاء أو في المواجهات المتفرّقة مع الأطراف غير الموثوق بعلاقتها بـ«التحالف»، كحزب «الإصلاح» وحركات الإسلام السياسي، إضافة إلى تنظيمَي «القاعدة» و«داعش». في هذا الإطار، يكشف أحد قادة المكوّنات الجنوبية، في حديث إلى «الأخبار»، عن جهود استقطاب وحشد واسعَين، من قِبَل السعودية والإمارات، تمّت قُبيل انطلاق «عاصفة الحزم»، حيث تدفّقت قيادات سياسية وعسكرية جنوبية إلى الرياض وأبو ظبي في تلك الفترة، مضيفاً أنه في أن أوّل لقاء جمَع بعضاً من تلك القيادات بوليّ العهد السعودي حينها، محمد بن نايف، في الرياض، قال الأخير لهم: «نَمدّكم بالمال والسلاح، والمطلوب منكم القتال». لم يَفتح ابن نايف باب النقاش حول أيّ قضايا سياسية، الأمر الذي حمل بعض القيادات على التحذير من أن السعودية تبحث عن «قتَلة مأجورين» ليس إلّا، ولا تعير أيّ اهتمام لمستقبل العلاقة معهم. أمّا اللقاء الثاني، فكان في الإمارات، بحضور رؤساء سابقين ونواب ورؤساء حكومات، جميعهم جنوبيين، طُلبت إليهم الموافقة من دون شروط مسبقة على قرار الحرب، وهو ما قوبل برفض بعضهم ورضوخ البعض الآخر.
هكذا تمّت الصفقة بكلّ وضوح، لتأتي النتيجة بعد ثمانية أعوام من الحرب، خسائر كبيرة وغير قابلة للتعويض لـ«المشروع الجنوبي»، الذي سُخّر جزء كبير من جهد الحرب من أجل تدميره. ولم يحصل ذلك لكون السعودية والإمارات ضدّ مبدأ التقسيم والانفصال، أو لأنهما حريصتان على بقاء اليمن موحّداً، ولكن لتخوّفهما من قيام دولة في الجنوب تتمتّع بميزتَين: الموقع والثروة، الأمر الذي يتعارض بالمطلق مع الأهداف الحقيقية التي قامت عليها الحرب. ولعلّ هذا هو ما يفسّر التدمير الممنهج الذي طال كلّ مناحي الحياة في المحافظات الجنوبية، فضلاً عن تلغيم هذه الأخيرة بالميليشيات المتعدّدة، وتعميق الانقسامات في بيانها.
اليوم، وفي ظلّ فقدان الأمل في حدوث أيّ تغيير إيجابي في سياسات «التحالف» تجاه الجنوب، خصوصاً وأن الذكرى الثامنة للحرب تحمل معها بوادر للسلام المشروط بخروج جميع القوّات الأجنبية من اليمن، يظلّ السؤال المطروح هو حول ما إذا كانت المكوّنات المنخرطة في الصراع ستتلقّف الفرصة لإجراء مراجعات جذرية لعلاقتها بـ«التحالف»؟ أم أن مصيرها أيضاً مرهون بمصير هذا الأخير في الجنوب؟