وعلى أثر التطوّر الأخير، دفع «الإصلاح» بتعزيزات كبيرة من مدينة عتق، مركز محافظة شبوة، إلى مديرية عسيلان، في محاولة للسيطرة على حقول النفط في المديرية وانتزاعها بالقوة من تحت سيطرة القبائل. ووفقاً لمصادر محلية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن «ميليشيات الإصلاح حاولت خلال العامين الماضيين السيطرة على حقل جنة هنت أكثر من مرّة، وتحت أكثر من ذريعة، لكنها فشلت». وأشارت المصادر إلى أن «قبيلة بلحارث تلقّت معلومات مطلع الشهر الجاري عن وجود تحرّكات لميليشيات الحزب للسيطرة بالقوة على حقول النفط كافة في المديرية، وردّت بخطاب وَجّهته إلى السلطات المحلية في شبوة، والتابعة للإصلاح، رفضت فيه أيّ تحرّكات عسكرية في أراضيها كونها المخوّلة بحماية حقول النفط، ولا وجود لأيّ مخاطر تستدعي طلب أيّ تعزيزات عسكرية كون المواجهات تجري في أطراف مديرية بيحان وبعيدة عن مناطق النفط». وأضافت أن «ميليشيات الإصلاح فاجأت قبيلة بلحارث بإرسال حملة عسكرية مدجّجة بمختلف أنواع الأسلحة، بعدما منحتها الضوء الأخضر لقصف منازل القبائل في حال اعتراضها ومحاولة منعها من السيطرة على حقول النفط».
كلّف محافظ شبوة لجنة بالتفاوض مع قبيلة بلحارث للانسحاب من المواقع التي سيطرت عليها
ووفقاً لأكثر من مصدر في عسيلان، فإن «ميليشيات الإصلاح حاولت، الخميس الماضي، الوصول إلى حقول النفط، لكنها وقعت في كمين قبلي انتهى بقتل وجرح عدد من أفراد الحملة، وأسر خمسة أطقم بِمَن فيها من جنود، ليُجبَر المهاجمون على الانسحاب إلى منطقة العقلة النفطية المجاورة لعسيلان». وأفادت مصادر قبلية «الأخبار» بأن «قبيلة بلحارث أطلقت سراح الأسرى في اليوم نفسه، وطلبت منهم عدم العودة إلى أراضيها، لكن قيادة حزب الإصلاح عقدت اجتماعاً أمنياً وعسكرياً، واتهمت القبيلة بالتعاون مع حركة أنصار الله، وطالبت وزارة داخلية هادي وتحالف العدوان بوضع زعماء بلحارث على القائمة السوداء، باعتبارهم عصابات تخريبية تتهدّد حقول النفط». وأضافت المصادر أن «ميليشيا الإصلاح اعتبرت السيطرة على حقول النفط في عسيلان، الواقعة في النطاق الجغرافي لقطاع صافر النفطي، ضرورة أمنية وعسكرية، فدفعت بتعزيزات جديدة للسيطرة على الحقول يوم الأحد الماضي، رافضة وساطة قبلية لتهدئة الأوضاع مع القبائل»، لتعود المواجهات وتحتدم أول من أمس، ويسقط فيها قتلى وجرحى، قبل أن «تتمكّن قبيلة بلحارث، بمساندة عدد من قبائل شبوة، من السيطرة الكاملة على العديد من حقول النفط في عسيلان». وبحسب المصادر، فإن «قبائل آل عريق ساندت قبيلة بلحارث بالمئات من المقاتلين، ما ساهم في طرد ميليشيات الإصلاح بالقوة من الأماكن المستحدثة والقريبة من حقول النفط». وعلى أثر تلك التطوّرات، كلّف محافظ شبوة، المقرّب من «الإصلاح»، محمد صالح بن عديو، لجنة وساطة بقيادة أحد الوجاهات القبلية، بالتفاوض مع «بلحارث» للانسحاب من المواقع التي سيطرت عليها، فيما تداول ناشطون صوراً للمسلحين القبليين داخل منشأة النفط في عسيلان بعد وقوعها بأيديهم، علماً أن القبائل كانت تتولّى حماية حقول النفط وأنبوب الغاز المسال الذي يمرّ عبر أراضيها، ويمتدّ من قطاع صافر النفطي إلى ميناء بلحاف على سواحل شبوة، والواقع تحت سيطرة قوات إماراتية منذ ثلاث سنوات.
وتتّهم قبائل عسيلان، سلطات «الإصلاح» في مأرب وشبوة، بالاستيلاء على إيرادات النفط، ونهب قرابة 7000 برميل من إنتاج «القطاع 18» الواقع في نطاق «جنة هنت» الذي ينتج يومياً أكثر من 14 ألف برميل. وقدّرت مصادر اقتصادية ما يتمّ نهبه من هذا القطاع النفطي باسم «المجهود الحربي»، بما يصل شهرياً إلى نحو 8.7 ملايين دولار. وتفيد مصادر نفطية في صنعاء بأن شركات «صافر» و«omv» و«كالفالي» تتولّى إنتاج النفط من حقول شبوة منذ عام 2018، ويتمّ نقل قرابة 21 ألف برميل من النفط الخام عبر الأنبوب الروسي التابع لـ«الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية» إلى ميناء النشيمة في سواحل رضوم، والذي يتمّ تصدير شحنات نفط شهرية منه تقدّر بأكثر من مليون برميل تُباع بطرق غير قانونية، ويتمّ تقاسم إيراداتها بين حزب «الإصلاح» وحكومة هادي.