يمثّل إعلان بايدن تحوّلاً كبيراً في الموقف الأميركي منذ إطلاق إشارة الحرب الأولى
في أوجه، تضمّن الدعم الأميركي الجوانب اللوجستية والاستخبارية والعسكرية، فضلاً عن مبيعات السلاح بمليارات الدولارات لـ»التحالف» الذي تقوده السعودية، وتزويد الطائرات الحربية بالوقود جواً (توقّف الإجراء الأخير في أواخر عام 2018، في أعقاب مقتل جمال خاشقجي). وفي حين أن إنهاء دعم الرياض وأبو ظبي يبعث برسالة سياسية، فليس واضحاً بعد ما سيتبعه من الناحية العملية. في مقالة لهما في «واشنطن بوست»، يشير سودارسان راغافان وميسي رايان إلى أن «الجزء الصعب» من تحقيق سلام حقيقي في اليمن، يبدأ الآن. ففي واشنطن، رأت كل من إدارتَي (دونالد) ترامب و(باراك) أوباما الصراع من منظور التنافس السعودي - الإيراني الأوسع. كان هذا دائماً، يشير إيشان ثارور في مقالة للصحيفة نفسها، «إطاراً بسيطاً للغاية: الحوثيون أكثر استقلالية عن إيران من بعض وكلاء طهران في العراق ولبنان». ويرجَّح أن يمثّل إقناع «أنصار الله» بقبول تسوية سياسية، الجانب الأصعب، بحسب أنيل شلاين من معهد «كوينسي»، ولا سيّما أن الحركة تشعر بأن لها «اليد الطولى في الحرب، ولديها أسباب قليلة لوقف القتال الآن». لكن السؤال الرئيس، وفق راغافان ورايان، «هو إذا ما كان الأطراف المتحاربون في اليمن سيقبلون التحوّل الحادّ في السياسة الأميركية، وإذا ما كانوا سينظرون إلى الولايات المتحدة كوسيط دبلوماسي محايد وجدير بالثقة... في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، يُنظر إلى أميركا على أنّها المحرِّض الرئيس على الحرب».
أمّا الباحثة في الشأن اليمني في «هيومن رايتس ووتش»، أفراح ناصر، فتشير إلى «خلافات ومظالم وتوتّرات وانقسامات عميقة الجذور في اليمن، وأكثر من 30 جبهة قتال بين مختلف الفصائل... كانت مسؤولية الولايات المتحدة أن يكون لها موقف قوي، لكنّنا في حاجة إلى نهج شامل لإنهاء الصراع». ومع ذلك، يرى بعض الخبراء علامات «مشجّعة» في نهج بايدن تجاه الحرب، بما فيها تعيينه تيموثي ليندركينغ، وهو دبلوماسي مخضرم يتمتّع بخبرة واسعة في المنطقة، مبعوثاً خاصاً مكلّفاً بالضغط من أجل تسوية سلمية. يقول بيتر سالزبري، محلّل شؤون اليمن في «مجموعة الأزمات الدولية»، إن التركيز على الدبلوماسية التي كانت غائبة عن كبار القادة في إدارة ترامب، أمر مرحّب به. وقد يؤدي تقليص الدعم إلى جعل الولايات المتحدة أكثر قدرة على الدفع في اتجاه تسوية. ويضيف: «من خلال إخراج نفسها من الصراع، تكون أميركا أكثر قدرة على وضع نفسها كقوّة دبلوماسية تسعى بمصداقية إلى إنهاء الصراع». لكن الصعوبة تكمن في إيجاد حلّ وسط تعتقد غالبية الفصائل المسلحة والسياسية في اليمن أنه مقبول. «قد يكون من الممكن إنهاء الحرب الكبيرة، ولكن من الصعب للغاية إنهاء الحروب الصغيرة التي تشكّل الصراع».