ترغم أبو ظبي الملتحقين بها على تكييف حساسياتهم بما يلائم مصالحها
قبل أيام، ضجّت وسائل الإعلام المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي بأخبار استقدام ثلاثة ألوية تابعة لنائب الرئيس المستقيل من مأرب إلى عدن، وهو ما اعتبره النشطاء الموالون لـ«الانتقالي» استفزازاً للمجلس. وإذا كان من الطبيعي أن يقرأوا فيه كذلك بالنظر إلى شراكة الأحمر في ما لَحِق بأبناء جنوب اليمن من تهميش وإقصاء إبان عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلا أن ما لا يبدو مفهوماً بالنسبة إلى المراقبين هو رفض وجود الأحمر وقواته وفي الوقت نفسه ارتضاء وجود نجل شقيق الرئيس السابق، طارق محمد صالح، في المناطق الجنوبية، واتخاذه إياها مقراً لقواعده العسكرية وملاذاً آمناً لقواته ومنطلقاً للهجوم على الجبهات.
ومن هنا، يُقرأ في موقف «الانتقالي» الجديد ترجمة للصراع «الإخواني» ــ الإماراتي، تماماً مثلما كان موقفه من قوات طارق صالح مندرجاً في السياق نفسه. بمعنى آخر، لا تعير دولة الإمارات أي اهتمام للملتحقين بها، سواء في القضايا السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية، بل إن السطوة الإماراتية على هؤلاء تصل حدّ إرغامهم على تكييف حساسياتهم التاريخية والسياسية بما يلائم مصالح أبو ظبي. ولا عجب في ذلك، فالصلف والغرور الإماراتيان لا يتركان للقوى المحلية حتى مجال الاحتفاظ بماء الوجه ولو شكلاً، كما حصل مع إعلان الإمارات وقف إطلاق نار مؤقت في الحديدة من دون علم سلطة الرئيس المستقيل، علماً بأن عودة الأخير إلى عدن جاءت في سياق تسوية تقضي بتأييد هادي (بصفته الرئيس المعترف به دولياً) الهجوم على الحديدة بهدف كسب التأييد الدولي، مقابل السماح له بالاستقرار في ما يسمى «العاصمة المؤقتة». لكن، وبعد انتفاء الحاجة اليه، يبدو أن الإمارات أعادت إطلاق جوقتها (الغائبة منذ شهور) ضده، للتهجّم على «الشرعية» والعمل على إسقاط حكومة بن دغر، بعدما تمكنت من تطويع قياديي جنوب اليمن الموالين لها، والتحكم في صداقاتهم وعداواتهم وفق أجندتها المبنية على العداء المتجذّر لـ«الإخوان المسلمين»، وكذلك وفق رغبتها في السيطرة على مرافق البلاد الحيوية، وعلى القوى المحلية التي زرعت بينها الأحقاد، فيما زجّت بالشباب في أتون معاركها.