غزة | يوم أمس الأحد وصل المنتخب السعودي لكرة القدم الى الضفة الغربية المحتلة، للعب مباراة مع المنتخب الفلسطيني ضمن التصفيات المزدوجة المؤهّلة إلى بطولتي آسيا وكأس العالم المقبلتين. البعثة السعودية التي تضم حوالي 120 شخصاً مرّت تحت العلم الإسرائيلي، كما أن جوازات السفر جرى ختمها بالأختام الإسرائيلية. خطوة جديدة نحو تطبيع العلاقات مع الاحتلال. والمباراة التي ستُلعَب يوم غد الثلاثاء (الساعة 16:00 بتوقيت بيروت) على ملعب فيصل الحسيني ستكون أيضاً تحت الحماية الصهيونية.بعد سنوات من العلاقات السرية اقتصادياً وسياسياً، بين مملكة آل سعود ودولة الاحتلال الإسرائيلي، بدا واضحاً أن التوجّه السعودي للبدء في العلاقات العلنية ينحو صعوداً من دون حياء، على الرغم من محاولات السعوديين لبس عباءة دعوة السلطة الفلسطينية لهم لإقامة مباراة ضمن تصفيات كأس العالم لكرة القدم، في الضفة الغربية المحتلة التي تقع تحت سلطة الاحتلال الصهيوني.
المنحى الجديد الذي جاء في سياق رياضي لم يخلُ من دوافع سياسية جديدة ظهرت لدى النظام السعودي خلال الأعوام الأخيرة، إذ جاءت الموافقة على لعب المباراة هذه المرة، بعد أربعة أعوام من رفض الاتحاد السعودي لكرة القدم لعب مباراة مع منتخب فلسطين في الضفة الغربية ضمن التصفيات المزدوجة لكأس آسيا والعالم الأخيرة، ما أدى إلى نقل المباراة وقتها لتُلعَب على أحد ملاعب الأردن.
الموقف السعودي الذي رحّبت به السلطة الفلسطينية، قوبل برفض واسع من قبل أوساط شعبية وفصائلية، إذ رفضت حركة حماس الخطوة السعودية، معتبرة أنها تضر بالقضية الفلسطينية، بينما اعتبرتها الجبهة الشعبية خطوة تطبيعية عبر البوابة الرياضية، فيما أطلق نشطاء فلسطينيون حملة لمقاطعة الزيارة، على اعتبار وصول المنتخب السعودي من خلال المعابر الـ«إسرائيلية» تطبيعاً علنياً.
ويعبّر المعارضون لوصول المنتخب السعودي إلى الضفة الغربية عن رفضهم لذلك، معتبرين أن الأمر يتطلب من أفراد المنتخب المرور عبر الحواجز والمعابر الـ«إسرائيلية»، والبقاء تحت الحماية الصهيونية بالإضافة إلى إمكانية عقد لقاءات للمنتخب السعودي مع شخصيات صهيونية.
وأجمعت حركتا حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على جريمة تطبيع المنتخب السعودي مع «إسرائيل»، إذ قال موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس إن التطبيع مع الاحتلال الصهيوني جريمة، مهما كان العنوان الذي يجري التعاون تحته، مؤكداً أن «الضفة الغربية تحت الاحتلال، والسيادة عليها ليست للفلسطينيين، والدخول والخروج للفلسطينيين وضيوفهم عبر الإسرائيليين، والعلاقة معهم (الإسرائيليين) تطبيع يضر بالقضية الفلسطينية، والرياضة وزيارة الأقصى الأسير ليستا مبرّرتين».
قبل 4 سنوات رفض الاتحاد السعودي لعب مباراة في الضفة الغربية المحتلة


الخطوة التطبيعية وصفها عضو الجبهة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سهير خضر في حديث مع الـ«الأخبار» بأنها «تكشف ما وصلت إليه حالة التطبيع السعودي وازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية، مشيرةً إلى أن النظام السعودي بات لا يمثل الشعوب العربية الرافضة للتطبيع. والسعودية باتت تنساق نحو إرضاء الولايات المتحدة وإسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني، لتثبيت عروش حكامها».
ودعت الجبهة الشعوب العربية والإسلامية، إلى التعبير عن رفضها لمحاولات التطبيع مع دولة الاحتلال، وخاصة من بوابة الرياضة، ورأت أن الهدف من وراء المباراة هو تسويق السياسات السعودية وتلميعها في المنطقة، وفتح الباب أمام التطبيع مع دولة الاحتلال. كما اعتبرت أن قيام الاحتلال بمنع رياضيي وفرق قطاع غزة من الذهاب إلى الضفة للمشاركة في فعّاليات رياضية، والسماح لفريق عربي بالقدوم إلى الضفة يُعبّر عن أهداف الكيان ورعاة التطبيع مع الصهاينة، داعية لضرورة أن يتحول الحدث الرياضي هذا إلى منصّة لـ«التعبير عن وقوف الشعب الفلسطيني مع شعب اليمن الشقيق ولمجابهة التطبيع»، وحثّت الجبهة عموم الرياضيين الفلسطينيين والعرب والأندية الكروية العربية وغيرها على «إعلان مواقف مبدئية واضحة ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني».
وفي الشأن ذاته شنّ نشطاء فلسطينيون حملة إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رفضاً لزيارة المنتخب السعودي للقدس المحتلة، إذ أطلقوا «هاشتاغ»، «التطبيع ـ الرياضي» ضمن حملتهم الرافضة لزيارة المنتخب السعودي للأراضي المحتلة كونها تمر عبر الاحتلال الإسرائيلي وبموافقته المسبقة إلى جانب كونها تتعارض مع الموقف السعودي السابق عام 2015.
وشهد الـ«هاشتاغ» مشاركةً واسعة من مختلف الشرائح والفئات الذين دعوا المنتخب السعودي لعدم الموافقة على لعب المباراة وطلب نقلها إلى مكانٍ آخر كونها تفتح المجال لتطبيع العلاقات مع الاحتلال عبر منفذ رياضة كرة القدم.
من جهتها أكّدت الحملة الشعبية الفلسطينية ضد التطبيع، أن المشاركة السعودية تشكل اعترافاً مباشراً بسيادة الكيان الصهيوني، وحمّلت الاتحادين الفلسطيني والسعودي المسؤولية المباشرة عن هذا الخرق، ومعهما السلطات المسؤولة في كلا البلدين بأعلى مستوياتها السياسية، مؤكدةً أن «هذه المباريات تأتي بموافقة الاحتلال وبإختامه على جوازات سفر اللاعبين، بينما يُحرم اللاجئ الفلسطيني من العودة إلى أرضه، ويحرم اللاعب في غزة (المحاصرة) من ملاقاة زميله في الضفة المحتلة».
ودعت الحملة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم لنقل الملعب البيتي الفلسطيني خارج الضفة الغربية، وعدم «الضغط» على من يلتزم بقرار المقاطعة، كنادي النجمة اللبناني الذي رفض التطبيع، وأصرّ على عدم لعب مباراة في القدس المحتلة، وذلك في مواجهة نادي هلال القدس قبل أشهر ضمن البطولة العربية.



السلطة تشرّع التطبيع!


لا تعتبر السلطة الفلسطينية هذه الزيارات تطبيعية مع الاحتلال، وتحرص على تشجيعها وتقوم بأعلى مستوى ممكن من الترتيب لها، بالرغم من الرفض الشعبي والأهلي، كونها تمكّن الاحتلال من استغلالها وتمنحه شرعية واعترافاً من خلال التصاريح والتأشيرات.
ورحّبت حركة فتح على لسان عضو المجلس الثوري فيها أسامة القواسمي بزيارة المنتخب السعودي، مؤكداً أنه «حدث مهم وتاريخي يهدف لتعزيز مكانة فلسطين على الساحات والمجالات كافة، وتأكيدٌ على مكانة دولة فلسطين في المؤسسات الدولية، ومنها الرياضية، معتبراً أنه حدث مهم وله دلالات متعددة، أهمها متانة العلاقات الفلسطينية ـ السعودية، على المستويات كافة وتعبير صريح عن موقف الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان». وكان رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، وهو الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي في السلطة الفلسطينية، والمستشار الأمني السابق لرئيس السلطة محمود عباس، قد أكّد على دعمه لهذه المباريات، ولزيارة الأندية والمنتخبات العربية للأراضي المحتلة، وهو وصف زيارة المنتخب السعودي الحالية بالتاريخية.