2013. أحداث عدة في مصر. تظاهرات 30 حزيران/يونيو. عزل محمد مرسي عن رئاسة مصر وزجّه في السجن. بعدها بعدة أشهُر، اعتزل محمد محمد أبو تريكة كرة القدم عن 39 عاماً، عقب إحرازه بطولة أفريقيا مع النادي الأهلي. خرج أبو تريكة من الملعب للمرة الأخيرة وهو ينحني تحيةً لآلاف المشجعين الذين رفعوا صوره وأحبوه كما لم يحبوا لاعباً من قبل. هبط الساحر من المسرح وهو في كامل حيويته العقلية والبدنية، خرجَ من المسرح قبل أن ترتعش قدمه وهو يُنفذ إحدى خدعه السحرية. ما الذي يجمع أبو تريكة بأبو صلاح؟لم يكن أبو تريكة بعيداً عن التقلبات السياسية عقب سقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر. بدأ الإعلام يمارس شكلاً من أشكال «المكارثية» ضد كل شخص يشك في انتمائه أو تعاطفه مع جماعة الإخوان المسلمين. أبو تريكة الذي لم يعلن يوماً انتماءه إلى أي جماعة أو حزب سياسي، أعلن دعمه للمرشح الرئاسي وقتها محمد مرسي، في الانتخابات الرئاسية الأولى عقب ثورة 25 يناير. الجميع كان يعلم الأزمة الحقيقية وراء عداء الدولة لأبو تريكة. الجميع كان يعلم أن الدولة قررت أن معاقبة نجمها الأبرز في كرة القدم، بعد أن رفض مصافحة وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري آنذاك المشير محمد حسين طنطاوي، حِينَ ذهبَ إلى المطار لاستقبال فريق الأهلي، عقب مذبحة بورسعيد عام 2010. عاقبت الدولة أبو تريكة بالحجز على جميع أملاكه في مصر، واتهامه في قضية لم يحكم فيها بعد، ووضع اسمه في قوائم الإرهاب. سيشارك أبو تريكة بعد أيام عِدة في كأس العالم 2018 في روسيا، لا كلاعب، بل كمحلِّل لإحدى القنوات الفضائية. يشاهد المنتخب المصري يلعب في كأس العالم بعد محاولات وقصص ملحمية عاشها من أجل المشاركة في تلك اللحظة وهو لاعب، لكنه لم يكن محظوظاً، حتى أصبح الأمر بمثابة الحلم الذي ظل يطارده، كما تطارده «الحكومة» في مصر. بات لأبو تريكة حكاية مكتملة الملامح الدرامية وتستحق أن تروى، قبل أن تتخذ رمزيتها كرابع المستحيلات.

كيف دخل أبو تريكة ألفية مصر الثالثة؟
بعد سنوات قليلة من دخول مصر الألفية الثالثة، كانت أسطورة جديدة تُصنَع في كرة القدم. لاعب يرتدي القميص ذا الرقم 22 انتقل من نادي الترسانة إلى الأهلي، في صفقة لم تكن ضخمة مقارنةً بصفقات عدة أبرمها النادي الأهلي خلال تلك الفترة، خاصةً أن اللاعب ليس صغيراً في السن، وبدأ عامه السادس والعشرين. لكن سريعاً ما بدأ نجمُ أبو تريكة في الصعود. وبعد السنة الأولى له مع النادي، أصبح هو نجم الفريق الأول.
لاعب خط وسط (هجومي) لا يمتلك سرعة كبيرة ولا يمتلك مهارات مذهلة مثل الخطيب أو حمادة عبد اللطيف (أسطورة النجمة اللبناني). لكنه امتلك شيئاً لم يمتلكه العديد من اللاعبين المصريين في التاريخ: الذكاء التكتيكي. كان مذهلاً وقادراً على استغلال المساحات بين خطوط المنافسين، وصناعة تمريرات لا يخطئ قياسها أبداً، ممتلكاً قدماً قادراً على تحريكها قطرياً وصناعة تمريرات حاسمة من أي وضعية في الملعب، بجانب قدرته الكبيرة على إحراز الأهداف، خاصة في الأوقات الحاسمة. تلك قدرات لم يمتلكها الكثير من صنّاع اللعب المصريين. أحب الجمهور أبو تريكة حتى أصبح أشهر الهتافات عند الجماهير المصرية: «من العتبة جينا ومن شبرا/ يا تريكة يا بو فانيلا حرير حمرا». هكذا بدأ أبو تريكة في تسطير تاريخ خاص موازٍ لتاريخ النادي الأهلي ومنتخب مصر. ومع بداية 2006 كانت مصر تنظم بطولة الأمم الأفريقية على أرضها، مع قيادة فنية جديدة لحسن شحاتة، الذي تسلم المهمة في المباريات الأخيرة خلفاً لتاردلي، الذي فشل في المنافسة على بطاقة التأهل لكأس العالم المقامة في ألمانيا. وصلت مصر إلى المباراة النهائية في بطولة الأمم الأفريقية، بعد المساندة الكبيرة للجماهير وتألق عدد من اللاعبين، على رأسهم أبو تريكة، الذي أحرز أهداف عدة حاسمة في البطولة. كانت المباراة النهائية أمام منتخب ساحل العاج، الذي قابله المنتخب المصري في افتتاح البطولة، وفازت بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد. وصلَ الفريقان إلى ركلات الترجيح، بعد انتهاء المباراة بوقتيها الأصلي والإضافي. الركلة الأخيرة للمنتخب المصري، إذا أُحرِزَت تفوز مصر بالبطولة. تقدم أبو تريكة ليسدد الركلة الأخيرة. تحركت شفاه وكان يردد دعاءً. سدّد الكرة محرزاً بطولة الأمم الخامسة للمنتخب المصري، بحضور آلاف المشجعين في الملعب، ورئيس الجمهورية، الذي كان آنذاك، حسني مبارك. تردّد أبو تريكة قليلاً بعد إحرازه الركلة، بدا عليه أنه لا يعلم بالفوز وأنها الركلة الأخيرة، لكنه عادَ واحتفل مع زملائه في الفريق. شعرَ أبو تريكة في تلك الثواني المعدودة بأن المشهد الذي يعيشه في تلك اللحظة قد تكرر في لحظة ما أو حلمٍ ما قديم، لكن غصّة في قلبه كانت تخبره أن الحلم غير مكتمل. ثمة ما ينقص.

كأس العالم: الحلم والأسطورة
ظلّ التاريخ العربي القديم يحوك أساطيره متخطياً كُلَّ ما هو منطقي، باحثاً عن صناعة الأسطورة، وترك لمعانها للزمن. وهذا لا يتوقف على العرب، بل هذه هي أحوال الأساطير. رغم كل الأساطير التي صنعها التاريخ العربي، توقف عند مستحيلات ثلاثة، لم يستطع حياكة أي قصة توثق حدوثها، فصنعَ قصصاً تؤكد استحالتها. سميت أسطورة المستحيلات الثلاثة عند العرب: الغول والعنقاء والخل الوفيّ. مع الزمن أصبح التشديد على صعوبة شيء ما، أن يقال: «من رابع المستحيلات». اتخذت الأسطورة مكانتها في الوعي العربي، وبدأ التوثيق لها شعرياً، حِينَ قال صفي الدين الحلي: «لمّا رأيتُ بَني الزّمانِ وما بهِم/ خلٌّ وفيٌّ للشدائدِ أصطفي/ أيقنتُ أنّ المستحيلَ ثلاثة ٌ:/ الغُولُ والعَنقاءُ والخِلّ الوَفي». لم يبتعد مشوار مصر في تصفيات كأس العالم عن الأساطير التاريخية، كلما اقترب الحلم من التحقق، كان يتحول إلى كابوس ثقيل، حتى أصبح الوصول إلى كأس العالم بمثابة الأساطير والملاحم الخيالية.
لم يكن أيٌّ من المنتخابات الأفريقية قادراً على هزيمة المنتخب المصري الذي كان يمتلك جيلاً ذهبياً


كانت القاهرة تدخل آخر أعوام الثمانينيات، ممتلئة بصوت محمد منير، وقدم هشام عبد الرسول، والرأس الذهبية لجمال عبد الحميد. لم يكن الفتى الصغير الذي يعمل في أحد مصانع الطوب في قرية «ناهيا» يعلم بعد الكثير عن كرة القدم. لم يذهب يومها إلى العمل، ليشاهد المباراة التي ينتظرها الجميع، المباراة الأخيرة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1990 في إيطاليا. كان الفتى الصغير آنذاك محمد أبو تريكة، يدخل عامه الحادي عشر في آخر الثمانينيات. انتصر يومها المنتخب المصري على نظيره الجزائري، بهدف مقابل لا شيء، برأسية المهاجم حسام حسن. مشهد رآه أبو تريكة في إحدى الشاشات الصغيرة داخل قريته. أصبح في ما بعد حلماً سيطارده لعشرات السنين: حسام حسن يحتفل بهدف الصعود إلى كأس العالم، محاطاً بمئة ألف مشجع داخل ملعب «استاد القاهرة». بعدها بسنوات حِينَ دخل أبو تريكة جامعة القاهرة، لدراسة «آداب تاريخ» سمعَ محاضرة ألقاها أحد أساتذته في الجامعة عن الأساطير في التاريخ العربي، وحول مفهوم المستحيلات الثلاثة. توقف أبو تريكة قليلاً عند الأمر، ولم يفهم دلالة عددها، لكنه دوّن في دفتره أسماء المستحيلات الثلاثة: الغول والعنقاء والخلّ الوفي.

المستحيل الأول: الغول (2006)
عُرفَ الغول في القصص الشعبية والحكايات الفولكلورية العربية بأنه وحشٌ قوي وضخم لا يمكن هزيمته، وقديماً كانت تستخدم سيرته لإخافة الأطفال. لكن عرفَ أيضاً أنه أحد المستحيلات الثلاثة. كانت مجموعة مصر في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2006 في ألمانيا، بمثابة مجموعة الموت، حيث أوقعت المنتخب المصري مع الكاميرون وساحل العاج. ويكفي تذكر منتخب الكاميرون في كأس الأمم الأفريقية عام 2002. كان رهيباً. أبو تريكة الذي انتقل حديثاً إلى النادي لأهلي، وجدَ نفسه بين عشية وضحاها يواجه كلاً من منتخب الكاميرون وساحل العاج. شعرَ صاحب الـ 24 عاماً بالخوف قليلاً، لأنه سيواجه أقوى منتخبات أفريقيا. وقتها كانت تصاغ حكايات وأساطير حول قوة المنتخب الكاميروني والإمكانات البدنية للاعبيه، لكن الأسطورة الحقيقية كانت تصاغ حول المهاجم الإيفواري ديديه دروغبا، المهاجم المنتقل حديثاً آنذاك إلى فريق تشيلسي الإنكليزي، آتياً من مرسيليا. كان بمثابة «الغول» الذي تركَ الأساطير والحكايات الفولكلورية وبدأ ممارسة كرة القدم، رؤيته في الملعب فقط كانت تزرع الرعب في قلوب المنافسين. مع بداية شهر حزيران/يونيو 2004، كان المنتخب المصري على موعد مع نظيره العاجي. دخل المنتخب المصري المباراة بثقة كبيرة بعد الفوز الذي حققه على المنتخب السوداني في الجولة الأولى بثلاثة أهداف دون مقابل. أحرز أبو تريكة أول أهدافه الدولية في تلك المباراة. دخل المنتخب المصري مباراة ساحل العاج وفي جعبته ثلاث نقاط. في ملعب الإسكندرية المقامة عليه المباراة، رأى أبو تريكة لأول مرة الغول «دروغبا» الذي كثيراً ما سمع عنه، تذكر لحظتها أن أول المستحيلات كان الغول. هُزِم المنتخب المصري في المباراتين أمام المنتخب الإيفواري. في المباراة الأولى على ملعبه ووسط جماهيره، هُزِمَ بهدفين مقابل هدف واحد، أحرزه أبو تريكة. في تلك المباراة أحرز دروغبا هدفاً أيضاً. لكن أبو تريكة شعرَ بغضب شديد، لأنه كان يعلم أن دروغبا لم يستخدم إلا جزءاً بسيطاً من طاقته. كان مخيفاً حقاً. في المباراة الثانية بدأ دروغبا باستخدام قوته. أحرز هدفين في أقل من خمس دقائق. بدا دروغبا أسطورياً، حتى إن قصة شعبية صيغَت آنذاك في مصر، تقول إن دروغبا قادر على الركض لأيام دون أن يشعر بالتعب. تضاءلت فرصة المنتخب المصري في الصعود إلى كأس العالم، حتى أصبحت معدومة تماماً. الأهداف الثلاثة التي أحرزها أبو تريكة في التصفيات لم تكن كافية ليحقق حلمه القديم. لكنه كان يعرف أن أمامه فرصاً أخرى في مرات مقبلة، ربما في التصفيات المقبلة. لكن تلك المرة لم يكن لأحدٍ أن يجاري الغول الإيفواري، الذي خطف التأهل لمنتخبه.

المستحيل الثاني: العنقاء (2010)
في مباراة فاصلة جمعت بين المنتخبين، وجاءت بعد فوز المنتخب المصري على نظيره الجزائري في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع، بعد دقيقة واحدة من هتاف ردده أكثر من 80 ألف مشجع مصري في ملعب استاد القاهرة: «كاس العالم... كاس العالم... كاس العالم»، هتاف بدأ من مدرجات الدرجة الثانية في استاد القاهرة، من مشجع واحد، إلى العشرات، حتى أصبح هتافاً واحداً تصدح به آلاف الحناجر تحت سماء القاهرة. تعقدت مجموعة المنتخب المصري، بعد أن خسر في مباراته الأولى مع الجزائر في بداية التصفيات. دخلَ المنتخب المصري التصفيات ولديه ثقة لم يمتلكها من قبل، بعد أن أحرز بطولة الأمم الأفريقية مرتين توالياً وتربع على عرش أفريقيا. لم يكن أيٌّ من المنتخابات الأفريقية قادراً على هزيمة المنتخب المصري، الذي أصبح يمتلك جيلاً ذهبياً، فاز على معظم منتخبات أفريقيا. أبو تريكة الذي أصبح آنذاك نجم مصر الأول في كرة القدم، كان يشعر بأن حلمه القديم قد اقترب، خاصةً أن مجموعة مصر ليست قوية، حتى المنتخب الجزائري لم يعدّ بالمنتخب المخيف آنذاك. لم يكن لديه نجمه رابح ماجر، ولا رياض محرز، حتى إنه لم يتأهل إلى بطولة الأمم الأفريقية منذ عدة دورات. كان معلناً أن المباراة الأخيرة في المجموعة ستكون أمام المنتخب الجزائري في مصر وعلى ملعب «استاد القاهرة». رأى أبو تريكة ملامح حلمه القديم تتشكل. الفريق نفسه، على الملعب ذاته، تفصل بينهما عشرون عاماً. كانت المباراة الفاصلة في الخرطوم. ذهبَ الجميع إلى الخرطوم للاحتفال. لم يكن لدى المصريين أي شك في أن منتخبهم غير قادر على تحقيق الفوز. انعكست تلك الحالة على اللاعبين، فظهر الفريق في أسوأ حالاته، غير قادر على صنع هجمة واحدة على مرمى المنتخب الجزائري، وقبل نهاية الشوط الأول، ظهرَ المدافع الجزائري عنتر يحيى مثل عنقاء الرماد من الدمار، وأحرز الهدف الأول في شباك المنتخب المصري. صاغت الأساطير والحكايات الشعبية العنقاء على أنه طائر أسطوري، له حجم هائل، وقادر على خطف فريسته في جزء من الثانية، وارتبط قديماً عند العرب بالدمار والرماد. وعرفَ أنه ثاني المستحيلات الثلاثة. انتهت المباراة وسط ذهول الجميع، لم يكن أحداً قادراً على إدراك ما يحدث، لقد خطف عنتر يحيى بطاقة التأهل للمنتخب الجزائري. انقلب حلم أبو تريكة إلى كابوس ثقيل. كان يشعر بثقل بتلك اللحظة التي أطلق فيها حكم المباراة صافرته على ملعب الخرطوم، معلناً نهاية حلم عاشه الجميع في المدة التي فصلت بين مباراة القاهرة والمباراة الفاصلة في الخرطوم. لم ينجح أبو تريكة في محاولته الثانية أن يبلغ حلمه.

المستحيل الثالث: الخلّ الوفي (2014)
شمسٌ صيفية ترحل عن سماء ملعب بابا يارا (ملعب كوماسي الرياضي) في غانا. أول أيام عيد الأضحى في 2013، الجميع خلف الشاشات يراقبون تجدد حلم قتل عدة مرات من قبل. يراقبون صعود النجم وخفوته في آن واحد. لم يكن جرح مباراة الخرطوم ملتئماً تماماً، رغم مرور سنوات عدة. كان أبو تريكة يعلم جيداً ذلك الشعور الذي عصف بأحلامه هو وجيله. كان يعلم أنه يدخل عامه الخامس والثلاثين، بعد أقل من شهر، ولم يعد في العمر جولة أخرى تحمله إلى الحلم، كأس العالم. قبل أن يطلق حكم مباراة الجولة المؤهلة إلى كأس العالم 2014 في البرازيل، التي تجمع المنتخب الغاني والمنتخب المصري، نظرَ أبو تريكة إلى زملائه. رأى وجوهاً قد غابت بفعل الزمن من دون الوصول إلى الحلم الذي صار في السماء. رأى وجوهاً جديدة وشابة، غير تلك التي عرفها طوال مسيرته مع المنتخب المصري. وجاء في التاريخ العربي والأساطير الشعبية، أن الصديق مهما كان مخلصاً لصديقه، لا يمكن أن يخلص له أكثر من نفسه. حتى أصبح الخلّ الوفي أحد المستحيلات الثلاثة. بدأت المباراة، وفي الدقائق الأولى أحرز المنتخب الغاني هدفه الأول، شعرَ أبو تريكة لحظتها بأن التاريخ تكرار لسذاجة الحالمين. نظرَ إلى شاشة الملعب، ليرى أن المباراة ما زالت في بدايتها. وقد تكون تلك مباراته الأخيرة، ولديه باقي العمر يعيد فيه الذاكرة، محاولاً استنتاج الخطأ الذي يحرق كل شيء قبل ملامسة النجم بلحظات. ظهرَ المنتخب المصري مرتعشاً أمام نظيره الغاني، مع أخطاء دفاعية كثيرة، وبعد دقائق من الهدف الأول، أحرز المنتخب الغاني هدفه الثاني. نظرَ أبو تريكة حوله ولم يجد الكثير من «خلان» الماضي. لكنه عاد ونظرَ إلى اللاعب الصاعد آنذاك محمد صلاح، الذي يلعب بجانبه، وأحرز العديد من الأهداف خلال التصفيات. كان أبو تريكة في تلك المباراة عصبياً، يندب حظه مع كل كرة يضيعها المنتخب المصري. للمرة الأولى في تاريخه يظهر في تلك الحالة. قبل دقائق من نهاية الشوط الأول احتسب الحكم ركلة جزاء للمنتخب المصري، بعد تعرض صلاح لدفع من مدافع غانا داخل منطقة الجزاء. تقدم أبو تريكة وسدد الركلة، معلناً هدف تقليص الفارق. سجدَ أبو تريكة بعد الهدف، ثم طالب اللاعبين ببذل مجهودٍ أكبر.
انتهت المباراة بهزيمة المنتخب المصري بستة أهداف، مقابل هدف واحد. كان الشوط الثاني بمثابة الكارثة التي أجهزت على كل الأحلام. لم يعد لمباراة العودة في مصر أي أهمية. وقفَ أبو تريكة في منتصف الملعب عقب نهاية المباراة، كان ينظر إلى السماء وعيناه ممتلئتان بالدموع. وربما تذكر لحظتها المستحيلات الثلاثة، 3 أساطير، 3 مرات لا يتأهل. مشى أبو تريكة نحو صلاح، وحينَ وصلَ بجانبه انهمرت دموعه على حلم قد تلاشى. أمسك برأس صلاح وكأنه ردد: «أنا خلُّك الوفيّ يا صلاح».



إنجازاته مع الأهلي
حقق محمد أبو تريكة مع الأهلي 7 ألقاب للدوري وبطولتين لكأس مصر، و6 ألقاب للسوبر المصري، و5 كؤوس لدوري أبطال أفريقيا، و4 بطولات سوبر أفريقية، ليحصد جائزة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) لأفضل لاعب داخل قارة أفريقيا أعوام 2006 و2008 و2012 و2013، وثاني أفضل لاعب أفريقي عام 2008، وجائزة هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» لأفضل لاعب في أفريقيا لعام 2008، وأفضل لاعب في مصر أعوام 2004 و2005 و2006 و2007 و2008، وهدّاف بطولة كأس العالم للأندية عام 2006