«ده عاش جوه القلب دايما أمير... أبو تريكة... صعب يتكرر وزيه مفيش كتير... أبو تريكة». أغنية لعبد العظيم الذهبي دائماً ما ترددها الجماهير، لـ«الماجيكو» محمد محمد محمد أبو تريكة. هذا الشاب البسيط الذي أتى من محافظة الجيزة وتحديداً من قرية ناهيا، ليتلألأ في الملاعب، ويحفر اسمه في قلب مصر وتاريخها. ورغم مرور 5 سنوات على اعتزاله اللعب إلا أن اسم «تريكة» معشوق الجماهير المصرية وجماهير الشياطين الحمر مازال يتردد. يظهر إلى الواجهة مع كل حدث. إنه حجر الزاوية في الجيل الذهبي لمنتخب مصر مع «المعلم» حسن شحاتة 2006 ــ 2010، والجيل الذهبي للنادي الأهلي مع مانويل جوزية 2005 ــ 2013، حتى وصل الحال بالجمهور والمحللين والنقاد إلى اعتبار أن هذا الجيل هو «جيل أبو تريكة». حتى خليفته، «مو»، لم يمحُ ذكريات «الماجيكو» من قلوب وعقول الجماهير المصرية، بل على العكس ظهرت المقارنات والنقاشات والسجالات حول صلاح وأبو تريكة. فالجمهور لا يمكن أن ينسى «محبوبه» الأول، الذي تجمعه بمحمد صلاح علاقة قوية. يعتبره صلاح أحد أساطيره، بل ومستشاره أحياناً إذا ما اقتضى الأمر الاستشارة. وهذا ما يفسر سرّ ظهورهما معاً في مناسبات عديدة.يفتخر أبو تريكة بأصوله، وبأنه من قرية ناهيا البعيدة. لكن حياته عملياً بدأت، عندما ارتدى القميص الأحمر (الأهلي) في كانون الثاني/ يناير 2004. أما اللقطة الساحرة في مسيرة الماجيكو والتي خلدها التاريخ، فكانت في ستاد «رادس»، إذ أطلق سهماً فاق في شهرته وتأثيره وحسمه سهم «كيوبيد» ليصيب جماهير الأهلي المصري في كل مكان بالسعادة، عندما سجل على غير عادته بقدمه اليسرى هدفاً في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع ضدّ الصفاقسي التونسي في إياب نهائي دور أبطال أفريقيا عام 2006، ليهدي الأهلي لقباً في ثوان معدودة. كان فوزاً هيتشكوكياً. وخلال مباراة البرازيل بكأس القارات في 2009، والتي جارت فيها مصر السامبا البرازيلي، وصل الحال بعصام الشوالي المعلق الشهير إلى أن يقول «مصر هي البرازيل»، بفضل أبو تريكة.
«أبو تريكة» ليس لاعباً وحسب. عندما هز شباك الغريم الأبيض، الزمالك، في 2004، توجه إلى ثابت البطل، «مدير الكرة» بالأهلي آنذاك، وقَبّل رأسه. كان البطل يعاني من مرض خبيث، لكنه أصر على حضور المباراة من الملعب، ليموت بعدها بفترة قليلة. وخلال بطولة أفريقيا عام 2006، سجّل موقفاً دينياً، عندما ارتدى قميصاً أبيض، حمل عبارة: «نحن فداك يا رسول الله». وفي بطولة أفريقيا 2008 أعلن أبو تريكة تضامنه مع قطاع غزة المحاصر وأشهر قميصه. «الماجيكو» كان من اللاعبين القلائل الذين أعلنوا دعمهم لجماهير «الألتراس». فقد شارك شباب ألتراس أهلاوي الهتاف عقب مذبحة استاد بورسعيد في شباط/فبراير 2012، وحرص على زيارة أهالي شهداء ومساعدتهم مادياً ومعنوياً، بل واتخذ قراراً مصيرياً بعدم خوض مباراة السوبر المصري عام 2012، نظراً إلى رفض الجماهير لإقامة المباراة. وهو قرار كلفه غرامة مالية ضخمة من إدارة الأهلي وسحب شارة قيادة الفريق منه. ورغم ذلك استمر أبو تريكة في دعم الجماهير. لم يقتصر دعم أبو تريكة على جماهير الأهلي بل حرص على حضور عزاء شهيد ألتراس نادي الزمالك عمرو حسين في 2013.
في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2013 كانت النهاية لمسيرة أبو تريكة الحافلة. اعتزل كرة قدم، عقب إحرازه لقب دوري أبطال أفريقيا 2013 ليشارك مع الأهلي في كأس العالم للأندية، وينال عام 2014 جائزة أفضل لاعب في أفريقيا، ليصبح أول لاعب يتوج بجائزة الأفضل بصفة رسمية بعد اعتزاله.