وفي حين زعم المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، في مقابلة تلفزيونية، أنّ روسيا «بدأت بالفعل بنشر المزيد من قواتها في كورسك»، من دون تحديد من أين أتت تلك القوات بالضبط، مشيراً إلى أنّه «في غضون ذلك، سنواصل التأكد من أن أوكرانيا لديها الأسلحة والقدرات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها»، «وسنواصل التحدث إلى الأوكرانيين»، فإنّ العملية الأخيرة خلقت أيضاً «ثغرة أمنية لدى كييف»، إذ انتقل بعض جنودها المتمرسين في المعركة من خط المواجهة البالغ طوله 600 ميل في شرق وجنوب أوكرانيا إلى كورسك، ما أضعف موقفها في الشرق، طبقاً لتقرير منفصل نشرته «نيويورك تايمز» أيضاً. وبحسب مسؤولين أميركيين، فقد اعتمدت أوكرانيا على احتياطياتها في هجومها الأخير، ما يعني أنه قد يكون من الصعب عليها «تعزيز قواتها على الجبهة الشرقية» في المستقبل.
من جهتها، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» بأنّ الهجوم الأخير يعرقل «الجهود السرية» التي كانت تُبذل للتوصل إلى وقف جزئي لإطلاق النار مع روسيا. وتنقل الصحيفة عن ديبلوماسيين ومسؤولين مطلعين على المناقشات إنه كان من المقرر أن ترسل أوكرانيا وروسيا وفدين إلى الدوحة هذا الشهر، للتفاوض على «اتفاق تاريخي» يضع حداً للضربات التي تستهدف البنية التحتية للطاقة من الجانبين، إلا أنّ «المحادثات غير المباشرة»، التي كانت ستشمل عمل القطريين كوسطاء، يجتمعون بشكل منفصل مع الوفدين الأوكراني والروسي، «خرجت عن مسارها»، بسبب التوغل الأوكراني المفاجئ في منطقة كورسك الغربية الروسية. وأفاد ديبلوماسي مطلع على المحادثات بأن المسؤولين الروس أجلوا اجتماعهم مع المسؤولين القطريين، بعد التوغل الأوكراني، واضعين الهجوم الأخير في خانة «التصعيد»، مضيفاً أن كييف «لم تبلغ الدوحة بهجومها عبر الحدود». وفي حديث إلى الصحيفة الأميركية نفسها، قال المكتب الرئاسي الأوكراني، في بيان، إن القمة في الدوحة تأجلت «بسبب الوضع في الشرق الأوسط»، لكنها «ستعقد على شكل مؤتمر عبر الفيديو في 22 آب، على أن تتشاور كييف مع شركائها بشأن تنفيذ ما تمت مناقشته»، علماً أن مراقبين كانوا أعربوا، بعد أيام من التوغل الأوكراني، عن اعتقادهم بأنّ الأخير يهدف إلى التجهيز لمفاوضات محتملة مع روسيا، قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني القادم.
الأسلحة الغربية
ميدانياً، أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، السبت، أنّ جيشه عزز مواقعه في كورسك، داعياً حلفاءه إلى اتخاذ «قرارات جريئة» للسماح بتوجيه ضربات بعيدة المدى على الأراضي الروسية، في وقت تقول فيه أوكرانيا إنها سيطرت على أكثر من 80 تجمعاً سكنياً، على مساحة تزيد على 1150 كيلومتراً مربعاً في المنطقة منذ السادس من آب. وفي هجوم هو الثاني من نوعه، أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، الأحد، أنها قصفت جسراً ثانياً في المنطقة، بعدما قالت الخارجية الروسية، السبت، إن أوكرانيا استخدمت، للمرّة الأولى، صواريخ غربية من المرجح أنها أميركية الصنع من طراز «هيمارس»، لتدمير جسر فوق نهر سيم في منطقة كورسك، «ما أسفر عن مقتل متطوعين كانوا يحاولون إجلاء مدنيين».
جنود أوكرانيون: القتال على الجبهة الشرقية «لم يهدأ»، والقوات الروسية تتفوق من حيث العدد والأسلحة
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، السبت، أنها تصدت للجيش الأوكراني بالقرب من ثلاث بلدات في منطقة كورسك، هي كورينفو وروسكوي وتشيركاسكوي بوريتشنوي، فيما اتهمت موسكو، كييف، بالتخطيط لمهاجمة محطة للطاقة النووية في المنطقة. إلى ذلك، نقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن مساعد الرئيس الروسي، نيكولاي باتروشيف، قوله إن توغّل أوكرانيا في منطقة كورسك تم التخطيط له بمشاركة «الناتو» وأجهزة الخدمات الخاصة الغربية، وهو مدفوع بإدراك لدى صنّاع السياسة في كييف بأنّ «انهيار أوكرانيا بات وشيكاً». وتتابع الوكالة، استناداً إلى إحصاءات أجرتها وزارة الدفاع الروسية، أنّ كييف خسرت بالفعل «ما يصل إلى ألفين و640 جندياً، و37 دبابة و32 ناقلة جند مدرعة منذ بداية الأعمال العدائية في اتجاه كورسك»، فيما «لا تزال عملية القضاء على القوات الأوكرانية مستمرة».
وبالحديث عن الأسلحة الأميركية الصنع، أفادت صحيفة «بوليتيكو» بأنّ إدارة جو بايدن أصبحت «منفتحة» على إرسال صواريخ كروز بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وهي خطوة من شأنها أن تمنح طائرات كييف الـ«أف -16»، قدرات قتالية أكبر. وفي حين لم يتم اتخاذ أي قرار نهائي بشأن إرسال الصواريخ، إلا أنّ الإدارة تبحث حالياً «التفاصيل المعقدة» المرتبطة بعملية الإرسال، والتي تشمل مراجعات لنقل التقنيات الحساسة، وضمان قدرة الطائرات الأوكرانية على إطلاق صاروخ يزن ألفين و400 رطل ويحمل رأساً حربياً يزن ألف رطل، وفقاً لأحد مسؤولي الإدارة.