مع خروج أبرز الوجوه المعارضة الشرسة لبوتين، والمحسوبة على التيار الليبرالي المؤيّد للغرب، من مشهد السباق الرئاسي، وفي طليعتهم أليكسي نافالني، الذي توفي منتصف الشهر الماضي، في سجنه، إلى جانب كل من بوريس ناديغدين من حزب «المبادرة المدنية»، الذي رفضت لجنة الانتخابات قبول طلب ترشيحه، بزعم عدم نيله ما يكفي من التوقيعات الشرعية اللازمة لذلك، وإيليا ياشين الذي تم اعتقاله لانتقاده الحرب في أوكرانيا، اقتصرت قائمة المرشّحين ضدّ بوتين، بعد استبعاد قرابة 29 مرشّحاً محتملاً، على شخصيات تابعة لأحزاب ممثَّلة في البرلمان، وتتقاطع جميعها على تأييد حرب أوكرانيا، وهي: نيكولاي خاريتونوف المرشّح عن «الحزب الشيوعي الروسي»، وفلاديسلاف دافانكوف عن حزب «الناس الجدد»، وليونيد سلوتسكي الذي يرأس «الحزب الليبرالي الديموقراطي»، فضلاً عن شغله رئاسة «لجنة العلاقات الدولية» في مجلس الدوما (البرلمان).وينطلق البعض من الدلالات التي حملها اختيار خاريتونوف، بدلاً من القيادي التاريخي غينادي زيوغانوف، الذي سبق بدوره وأن نافس الرئيس الروسي بصورة جدّية في استحقاقات رئاسية سابقة، بفارق قارب الـ20% عن بوتين، كما حدث في عام 2000، وهي مؤشرات توحي بقرب القضاء على فرص الشيوعيين في البقاء كـ«ثاني أكبر قوّة سياسية» في البلاد، وذلك في موازاة ضعف المرشّح الآخر عن «الحزب الليبرالي الديموقراطي»، سلوتسكي، غير المعروف على نطاق واسع، والذي اشتهر بحماسته لضمّ المقاطعات الأوكرانية الأربع (لوغانسك، دونيتسك، زابوروجيا وخيرسون) إلى روسيا. وكان خلف سلوتسكي، مؤسّس الحزب و«الزعيم القومي المتطرّف»، فلاديمير جيرينوفسكي، قبل نحو عامين، في خضمّ موجة انشقاقات طالت الحزب، ثم أتى ببرنامج انتخابي يكاد يقتصر على عناوين تنموية محلية، تنسجم مع مطالب الحاضنة الشعبية لـ«الليبراليين»، والتي تتمركز في شرق البلاد، كالإصلاح الضريبي وإنماء الأرياف، وتحمل تأييداً شبه مطلق لأجندة بوتين الخارجية، ليبدو الاستحقاق الانتخابي في المحصلة، أشبه بـ«سباق بين ضعفاء» على انتزاع لقب الوصافة، وليس الرئاسة، وفقاً لمحللين.
أما بالنسبة إلى نائب رئيس مجلس الدوما، فلاديسلاف دافانكوف، المرشّح عن حزب «الناس الجدد»، الذي ينظر إليه كواجهة للتيار الليبرالي المعتدل، والمدعوم من قِبَل الكرملين وطبقة رجال الأعمال، وصاحب برنامج انتخابي يزاوج ما بين عدم معارضة الحرب على أوكرانيا، وبين الدعوة إلى تطوير النظام السياسي، بخاصة على صعيد حماية الحريات العامة، فضلاً عن تعهدات بتخصيص نحو 20% من موازنة البلاد لبنود السياسة الاجتماعية، وفي طليعتها الرعاية الصحية والتعليم، فهو يُعتبر الأعلى كعباً في ما بينهم، حيث تُظهر استطلاعات الرأي، حصوله على ثاني أعلى نسبة تأييد بعد بوتين، بما يوازي 6% من الأصوات.