ثمّة إمكانيّة لأن تنسحب إيران من معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية
من جهته، يذهب الكاتب ومحلّل الشؤون النووية، رحمان قهرمانبور، إلى الاعتقاد بأنه، «على الرغم من أن تطوير الأنشطة النووية الإيرانية زاد من قلق أميركا وإسرائيل ومن هواجسهما، غير أن ثمّة خلافات تدور بين الأخيرتَين حول كيفيّة التعاطي مع الجمهورية الإسلامية، كما أن هناك شكوكاً كبيرة حول دعْم الولايات المتحدة للعمل العسكري الإسرائيلي ضدّ إيران في الوقت الحالي». ويقول قهرمانبور، في حديث إلى «الأخبار»: «لقد تحدَّث المسؤولون الأميركيون، بمَن فيهم مستشار الأمن القومي، جايك سولفيان، مراراً، عن وجود خلافات في الرأي بين الجانبَين حول كيفيّة التعامل مع إيران، لكنهما يشتركان في رؤية أن طهران لا يجب أن تمتلك سلاحاً نووياً». وعلى رغم تزايُد اللقاءات بين مسؤولي الطرفَين، «إلّا أن هذه الخلافات ما زالت على حالها، ولا توجد وجهة نظر موحّدة في إدارة جو بايدن حول دعْم إسرائيل لشنّها هجوماً عسكرياً ضدّ إيران». وفي الأساس، فإن الهجوم الشامل «ليس مدرَجاً على جدول أعمال إسرائيل التي لا تمتلك القدرة أصلاً على تنفيذه، فضلاً عن أن أميركا لا تدعم هذا الخيار، لكن الهجمات المتفرّقة على بعض المنشآت الإيرانية قد تكون مدرَجة على جدول الأعمال الإسرائيلي»، وفق قهرمانبور. في المقابل، يَلفت مؤلّف كتاب «الدبلوماسية والدبلوماسية النووية الإيرانية» إلى أنه «نظراً إلى الإجراءات الإسرائيلية، بما فيها اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين، وكذلك استهداف مواقع في سوريا واشتباكات الطرفَين في البحر، فإن السلطات الإيرانية تأخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجدّ، وهي جهّزت نفسها للتصدّي لها، وقد زادت في هذا الإطار من إجراءاتها الرادعة، فضلاً عن أنه اتّضح، خلال الهجوم الأخير على موقع عسكري في أصفهان، أن الدفاعات الجوّية الإيرانية كانت مؤثّرة، وتمكّنت من تقليص حجم الأضرار»، مضيفاً إن «الهجوم العسكري الشامل والمؤثّر على المنشآت النووية الإيرانية يتعارض وميثاق الأمم المتحدة والنظام التأسيسي للوكالة الدولية للطاقة الذرّية، وفي هذه الحالة، ثمّة إمكانية لأن تنسحب إيران من معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، وتتّجه نحو تصنيع السلاح النووي».
يدوره، يشير هادي خسرو شاهين، الصحافي المختصّ بالشأن الإيراني، إلى أن الترتيبات الأمنية الجديدة بين أميركا وإسرائيل بهدف مواجهة البرنامج النووي الإيراني، تبلورت عقب إقرار «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» بعجزها عن التحقّق الكامل بشأن ذلك البرنامج. ويرى خسرو شاهين، في حديث إلى «الأخبار»، أن «هذه الترتيبات هدفها إرساء عامل ردع قبالة إيران لكي لا تتخطّى العتبة النووية أو الردع النووي، أكثر من كونها مؤشّراً إلى القيام بعمل عسكري». ويَلفت إلى أن «القوّات المسلّحة الإيرانية والاستراتيجية الأمنية الإيرانية، تقوم بإعادة تعريف نفسها إزاء التهديدات والتشكيل العسكري والأمني الجديد للمنطقة»، متوقّعاً، بناءً على ذلك، أن «نشهد تزايُد القوّة العسكرية الإيرانية من جهة، وتعزيز وزيادة قدرة محور المقاومة من جهة أخرى، فضلاً عن أن التعاون بين طهران وموسكو يُعَدّ أحد المحاور الأساسية لتطوير قوّة الردع الإيرانية تجاه التهديدات الجديدة».