طهران | حرّكت زيارة مسؤولي «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» إلى طهران، والأنباء عن زيارة قريبة سيقوم بها سلطان عُمان إلى إيران، المياه الراكدة للملفّ النووي. وأكد رئيس «مؤسّسة الطاقة الذرّية الإيرانية»، محمد إسلامي، الأربعاء، تواجُد مسؤولي الوكالة في طهران منذ يوم الثلاثاء من أجل «إجراء محادثات وعمليات التفتيش». ووصف إسلامي، في تصريحات على هامش اجتماع مجلس الوزراء الإيراني، ما تحدّثت عنه «بلومبرغ» أخيراً من اكتشاف آثار تخصيب بنسبة 84% في المنشآت النووية الإيرانية، بأنه «التباس ناجم عن الانطباع غير الصحيح لدى أحد مُفتّشي الوكالة»، مؤكّداً أن «هذا اللبس تَجري معالجته». وكانت إيران قد تجاوزت، منذ نحو سنتَين، مستوى التخصيب المسموح به في الاتفاق النووي وهو 3.5%، بالغةً وفق آخر المعطيات المعلَنة درجة الـ60%، قبل أن يبدأ الحديث عن الـ84%، والتي تقلّ بستّ نقاط فقط عن النسبة اللازمة لإنتاج القنبلة النووية، من دون أن يُعلَم، إلى الآن، ما إذا كانت متعمَّدة أم ظهرت نتيجة الترسّبات، وبطريق الصدفة، في شبكة أنابيب أجهزة الطرد المركزي. وفي هذا الإطار، أوضح المتحدّث باسم «مؤسّسة الطاقة الذرّية الإيرانية»، بهروز كمالوندي، في وقت سابق، أن «وجود جُسيمة أو جُسيمات» بنسبة أعلى من 60% خلال عملية التخصيب، هو «شيء طبيعي للغاية».ويأتي تواجُد وفد «الوكالة الدولية» في إيران، في وقت تحوّلت فيه أنشطة الأخيرة في منشأة «فوردو» النووية إلى مادّة خلاف بين الجانبَين، إذ ذكرت الأولى، في تقريرها الصادر الشهر الجاري، أن طهران أدْخلت «من دون إشعار مسبَق» تغييرات على أجهزة طرد مركزي متطوّرة من طراز «IR6» في المنشأة المذكورة، تُمكّنها من إيصال اليورانيوم إلى درجة نقاء 60%، وهي الدرجة الأقرب إلى إنتاج السلاح النووي. وأوضح التقرير أن هذه «المخالفة» اكتُشفت خلال تفتيش مباغت في «فوردو» في 21 كانون الثاني الماضي، فيما ردّت إيران على ذلك بأن إفادة الوكالة ناتجة من «خطأ» ارتكبه أحد مُفتّشيها. على أن محور الخلاف الرئيس يتمثّل في ملفّ آثار المواد المشعّة التي عُثر عليها في ثلاثة مواقع إيرانية غير معلَنة، واستدعت استصدار قرارَين ضدّ طهران من قِبَل مجلس مُحافظي الهيئة الدولية، بعدما لم تقتنع الأخيرة بالإيضاحات التي قدّمتها إيران بهذا الشأن.
تجدّدت، في الأيام الأخيرة، الأنباء عن وساطات تستهدف إعادة إحياء المحادثات النووية


ومن غير الواضح ما إذا كان تمّ التطرّق إلى ذلك الخلاف، في الزيارة الأخيرة لمسؤولي الوكالة لطهران، لكن رئيس «الذرّية الإيرانية» أكد «(أنّنا) لا نطيق الضغوطات السياسية وإثارة الأجواء وافتعال القضايا»، معيداً إلى الأذهان اتّهام طهران لـ«الدولية للطاقة الذرّية» بالتسييس في ملفّ المواقع الثلاثة غير المعلَنة. ومع ذلك، فقد أكد إسلامي أن «تواصُلنا مع الوكالة قائم على قدم وساق في إطار اتّفاق الضمانات»، مضيفاً أن بلاده تتجنّب بجدّ «إنتاج الالتباس والإخلال» في تعاونها مع المنظّمة، في ما قد يؤشّر إلى مرونة يمكن أن تمهّد لاتفاق، يمنع نقْل ملفّ إيران من مجلس المحافظين إلى مجلس الأمن الدولي، علماً أن الاجتماع القادم للأوّل مقرَّر في آذار المقبل.
على خطّ مُوازٍ، تجدّدت، في الأيام الأخيرة، الأنباء عن وساطات تستهدف إعادة إحياء المحادثات النووية التي كانت وصلت إلى طريق مسدود. وفي هذا الإطار، أعلن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي، أن المدير العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرّية»، رافايل غروسي، سيزور إيران خلال الأيام المقبلة، معرباً عن أمله في أن يتوصّل غروسي «إلى اتّفاق مع زملائي في مؤسّسة الطاقة الذرّية الإيرانية برؤية تقنية وبمنأى عن الانفعالات السياسية». وتمّ، خلال الشهرَين الماضيَين، مِراراً، تداوُل نبأ الزيارة «القريبة» لغروسي إلى طهران، لكن يبدو أن فشل مهمّة المسؤولين الفنّيين للوكالة في إيران كان يتسبّب في إرجائها.
وفي السياق ذاته، تحدّثت مصادر أجنبية، وكذلك وسائل إعلام إيرانية، الثلاثاء، عن زيارة قريبة سيقوم بها سلطان عمان، هيثم بن طارق، إلى إيران، وربطتْها بالمحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن. وأبلغ أبو الفضل عموئي، وهو المتحدّث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، «وكالة الأنباء الطالبية» (إيسنا)، أن أمير عبد اللهيان قال، خلال اجتماع لهذه اللجنة، إن «تبادلاً للرسائل يتمّ عن طريق الوسطاء» حول المحادثات النووية وتبادل السجناء. كما قال عضو اللجنة نفسها، علي عليزادة، لـ«همشهري أونلاين»، نقلاً عن وزير الخارجية، إن سلطان عمان سيزور طهران في المستقبل القريب حاملاً «أخباراً سارّة». وأضاف أن كبار المسؤولين العُمانيين عبّروا مراراً عن رغبتهم في لعب دور الوساطة بين إيران وأميركا، لـ«إنجاح المحادثات النووية». على المقلب الآخر، أكّد المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، أنه تحادَث مع كبار المسؤولين في قطر وسلطنة عمان حول إيران، لكنه جعل تبادل السجناء هو المحور الرئيس لتلك المباحثات، فيما جدّد المتحدّث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، القول إن «إحياء الاتفاق النووي ليس على جدول أعمال الإدارة، مع أنها تَعتبر الحوار الطريقة الوحيدة للتعامل مع برنامج إيران النووي».