موسكو | في أعقاب سيطرتها على منطقتَي سيفيرودونيتسك وبوروفسكوي بشكل كامل، تُواصل القوات الروسية سعيها إلى إحكام الحصار على مدينة ليسيتشانسك، تمهيداً لاستكمال السيطرة على أراضي «جمهورية لوغانسك الشعبية»، والتفرّغ للهجوم باتجاه سلافيانسك وكراماتورسك جنوباً. وكانت القوات الروسية أحرزت تقدُّماً على هذا المحور، بانتزاعها نقاطاً استراتيجية مِن مِثل سيديروفا، وسط محاولاتها تذليل العائق الجغرافي المتمثّل في وجود غابات كثيفة في محيط سلافيانسك، فضلاً عن استمرار توجيهها ضربات مدفعية وجوّية مكثّفة لمنع القوات الأوكرانية من القيام بتحرّك مضادّ. ومع ذلك، لا يرى المراقبون العسكريون، إلى الآن، بوادر هجوم واسع النطاق كما حصل في محاور ليسيتشانسك - سيفيرودونيتسك، والتي شهدت الأسبوع الماضي تغيّرات جذرية لصالح موسكو، حيث تمكّنت القوات الروسية من السيطرة على الضفّة اليسرى لنهر سفيرسكيدونيتس، فضلاً عن إحرازها تقدُّماً ملحوظاً باتجاه الشمال، لتُضحي حالياً على تخوم مدينة ليسيتشانسك.أمّا في منطقة خاركوف وضواحيها، فلا يُسجَّل سوى بعض التقدّم المحدود المنتظم للقوات الروسية، وسط تكثيف للضربات المدفعية والجوّية، وتوسيع لنطاقها حتى تشمل مدينة بالاكلاي ومحيطها. والظاهر أن تلك القوات تستهدف منع الأوكران من القيام بمبادرات هجومية، وإفقادهم قدراتهم على تعزيز تحصيناتهم، وذلك في انتظار ساعة الصفر لعمل برّي روسي واسع، غايته تغيير موازين القوى في الشمال الشرقي من أوكرانيا. وكانت القوات الأوكرانية تحاول، على مدى الأسابيع الماضية، شنّ هجومات مضادّة في اتّجاه مدينة إيزيوم الاستراتيجية التي يسيطر عليها الروس، إلّا أن هؤلاء حصّنوا تموضعهم عبر عبورهم نهر سيفيسكيدونيتس، وبنوا مقرّاً معزَّزاً لقيادة عملياتهم في هذا المحور. وعليه، فقد باتت القوات الروسية متحكّمة بزمام المبادرة في اتجاه منطقة خاركوف، وبإمكانها مهاجمة مدينة كوساروفكا، الواقعة شمال غرب إيزوم، والتي تشكّل العائق الدفاعي الأوكراني الأبرز في جنوب خاركوف. ويعني ما تَقدّم أن عملية تضييق الخناق على خاركوف باتت أفعل ومتعدّدة الاتجاهات.
في منطقة خاركوف وضواحيها، لا يُسجَّل سوى بعض التقدّم المحدود المنتظم للقوات الروسية


وفي محاور نيكولايف وخيرسون، رُصدت محاولات لتفعيل العمليات العسكرية، لكنها ظلّت تحمل الطابع الموضعي المحصور، فيما العمل الأساسي هناك لا يزال لسلاحَي الجو والمدفعية الروسيَّين. وبالتوازي مع ذلك، سُجّل تطوّر نوعي في مقاطعة تشيركاسي، حيث جرى استهداف جسر عبور نهر الدنيبر بضربات روسية دقيقة، أدّت، بحسب الصور الملتقَطة، إلى تعطيل المنشآت وسكك الحديد والبنى التحتية القائمة عند عقدة المواصلات تلك، والتي تلعب دوراً رئيساً في إيصال إمدادات السلاح الغربية إلى القوات الأوكرانية. كما برز، خلال الأيام الماضية أيضاً، الاستهداف الروسي لمصانع صواريخ في العاصمة كييف، في ما يُعدّ تطوّراً جذرياً في مسار المواجهة. أمّا في محور جزيرة زمييني (جزيرة الأفاعي)، فتستمرّ محاولات القوّة الصاروخية الأوكرانية اختبار قدرات الدفاعات الجوية الروسية المتمركزة في الجزيرة والقطعات البحرية المحيطة بها، عبر توجيه ضربات إلى منشآت حسّاسة، مِن مِثل ما حصل أخيراً باستهداف منصّات نفط تشورنومورسكي.