لا تكتفي الولايات المتحدة الأميركية ودول الرؤوس الحامية في حلف «الناتو»، بحشد الأسلحة الغربية والخبراء والمرتزقة في أوكرانيا، في محاولة لهزم روسيا والانتقام منها بدماء الشعب الأوكراني وبنيته التحتية، إنّما يدأب الأميركيون، منذ أسابيع، على تجميع ترسانات الأسلحة الروسية والسوفياتية المجمّعة في مخازن حلفائهم، من أوروبا الشرقية إلى أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، ونقلها إلى أوكرانيا، مع وعودٍ بتسليم أسلحة أميركية وغربية لتلك الدول مكانها. ذريعة الأميركيين، أن الأوكران مدرّبون على الأسلحة السوفياتية ويجيدون استعمالها، كما أن استخدام الأسلحة الغربية على نطاق واسع في أوكرانيا، دونه عقبات، أوّلها الكلفة العالية وصعوبة النقل والتوليف مع منظومات السلاح السوفياتية المتوافرة لدى القوات الأوكرانية وحلفائها من الجماعات النازية. في المقابل، تبدو الوعود الأميركية لحلفاء الولايات المتحدة، مُقدّمة لتوريط هذه الدول بعقود تسليح مع الأميركيين، من ضمن سياسة الابتزاز المعتادة. لم يكن أمراً عادياً في بغداد، حين انطلقت قبل أيام طائرة أوكرانية من طراز «ANTONOV AN-124 RUSLAN» من قاعدة «عين الأسد» الأميركية نحو بولندا، وعلى متنها حمولة أسلحة سوفياتية ثقيلة ووجهتها النهائية أيدي المسلّحين الأوكران. وبحسب مصادر عسكرية متابعة، فإن العراق ليس الدولة العربية الوحيدة التي «يورّطها» الأميركيون في حربهم ضدّ روسيا، إنّما تؤكّد معلومات المصدر أن الأميركيين مارسوا الضغوط خلال الأيام الماضية على دولة عربية أخرى لنقل راجمات صواريخ سوفياتية إلى القوات الأوكرانية، مع وعودٍ بتعويضها بصفقة راجمات صواريخ أميركية في المستقبل القريب.
العراق ليس الدولة العربية الوحيدة التي «يورّطها» الأميركيون في حربهم ضدّ روسيا


هي إذاً سياسة توريط الجميع في الحرب المباشرة ضد الجيش الروسي، من دون أخذ علاقات تلك الدول مع روسيا في الاعتبار. وإذا كان لبنان اليوم، الذي نجح الأميركيون في توريطه باتخاذ مواقف سياسية وديبلوماسية منحازة بالكامل إلى حلف «الناتو» من الحرب في أوكرانيا، ممّا دفع موسكو إلى توجيه رسائل واضحة للمسؤولين اللبنانيين عن خطورة هذا النشاط على مستوى العلاقات الثنائية، فإن التورّط في لعبة الدم الروسي أمرٌ يتابعه الروس جيّداً ويختلف بأشواط عن الموقف السياسي. بالنسبة لموسكو، فإن «مسألة الانخراط في قتل الجنود الروس، من أيّ جهة أتت، تعني تورّطاً غير مسؤول، وترتّب أعباء على الدول والجهات المنخرطة في هذه الحرب. الولايات المتحدة لا تفكّر إلّا بمصالحها، بينما على الدول المعنيّة أن تفكر أيضاً بمصالحها وتفكّر بالمستقبل، لأن معركة أوكرانيا هي معركة العالم الجديد حيث لا مكان للأحادية الأميركية». وفي الوقت ذاته، «تسعى الديبلوماسية الروسية إلى التواصل مع الجميع، لا سيّما الدول العربية، وحتى الدول الصديقة للولايات المتحدة الأميركية لتوضيح الموقف الروسي والتأكيد على حسن النوايا وعلى الاستعداد لتقديم المساعدات والتسهيلات لتفادي نتائج الحرب على اقتصادات هذه الدول».