موسكو | في مكالمته مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، شدّد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على أنّ العملية العسكرية الروسية الخاصّة «ستُنفّذ في كلّ الأحوال»، مؤكّداً أنّ محاولات فريق كييف كسب الوقت في إطالة أمد المفاوضات، لن تؤدي إلّا لمطالب إضافية وتشدُّد أكثر في الموقف الروسي. ودعا بوتين نظيره الفرنسي، للانضمام إلى جهود بلاده لضمان إجلاء آمن للمواطنين الأجانب من أوكرانيا. ومن جهته، تعهّد ماكرون بـ«السعي مع كييف لتحرير الطلاب الهنود المحاصرين في خاركيف». وفي هذا الإطار، أشارت المعلومات الآتية من مدينة خاركيف الواقعة في أقصى الشرق على الحدود مع روسيا، إلى أنّ القوات الأوكرانية استهدفت مجموعة من الطلاب الصينيين، خلال محاولتهم التوجّه إلى الأراضي الروسية، في حين أفادت معلومات أخرى عن محاصرة مجموعة طلّاب من الهند، في محاولة لاتهام القوات الروسية لاحقاً باستهدافهم. وفي محاولة لمنع تعرّض المدنيين، وخصوصاً الطلّاب الأجانب، في المدن الأوكرانية للخطر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، عن استعدادها لإعادتهم إلى بلادهم على متن رحلات جوية عبر روسيا. فضلاً عن «استعداد الجيش الروسي لفتح معابر آمنة للمدنيين، في كلّ المدن، وفي كل الاتجاهات».
وجاء ذلك، فيما انتهت جولة الأمس التفاوضية بين الجانبين الروسي والأوكراني. وقال رئيس الوفد الروسي المفاوض، فلاديمير ميدينسكي، إنّه جرت مناقشة ثلاثة ملفات أساسية في المفاوضات، وهي: الملف العسكري، والتسوية السياسية للنزاع، وملف المساعدات الإنسانية الدولية. وأضاف ميدينسكي، أنّ الوفدين «توصّلا جزئياً إلى تفاهمات متبادلة حولها». كذلك، أشار إلى أنّه سيجري، «عبر وزارة الدفاع الروسية، تأمين الممرات الآمنة للمدنيين، ومن الممكن وقف إطلاق النار مؤقتاً عند حدود تلك الممرات». وعبّر رئيس الوفد الروسي عن أمله في أن «تتوقّف الأعمال الحربية».
وبينما تتواصل العملية العسكرية الروسية، لليوم الثامن على التوالي، أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أمس، أنه يريد التفاوض مباشرة مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، لأنّها «الطريقة الوحيدة لوقف الحرب»، مشيراً إلى أنّه «منفتح ومستعدّ للتطرّق إلى كل المسائل». ومن جهة أخرى، طالب زيلينسكي بفرض حظر جوي فوق أوكرانيا، لافتاً إلى أنّه «طلب من الغرب تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة، ولا استجابة حتى الآن». وجاء ذلك بعدما كان زيلينسكي قد صرّح، في وقت سابق من يوم أمس، في مقطع فيديو، بأنّ «الحلفاء الدوليين لكييف يرسلون يومياً أسلحة دفاعية لأوكرانيا». كما أشار إلى أنّ «هنالك 16 ألف متطوّع أجنبي سيقاتلون إلى جانب أوكرانيا».
ميدانياً، تابعت «قوات دونيتسك» المسلّحة، بمؤازرة القوات الروسية، بما في ذلك سلاح الجو، تضييق الخناق على مدينة ماريوبل الاستراتيجية شمال شرقي البحر الأسود، حيث لا يزال الجنود الأوكرانيون يتحصّنون داخلها، ويرفضون التسليم ومنع القتال. كما أنّ هؤلاء يرفضون خروج المدنيين من المدينة. كذلك، تمكّنت القوات الروسية من السيطرة على أربع مدن أوكرانية جديدة في جنوب شرقي البلاد.
عبّر زيلينسكي عن رغبته بـ«الحديث» إلى الرئيس الروسي من أجل وقف الحرب


في هذه الأثناء، تطرّق وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى احتمال نشوب حربٍ نووية. وفي إجابة على سؤال صحافيين أجانب عن هذا الأمر، أوضح لافروف، أكثر من مرة، خلال مؤتمر صحافي عقده عبر تقنية الفيديو، أنّ «الحرب العالمية الثالثة لا يمكن أن تكون إلّا نووية، لكنّها تدور في أذهان السياسيين الغربيين، وليس في أذهان الروس». وفي حين أنّه نفى «وجود مجانين في الإدارة الروسية»، فقد أكّد «وجود عقيدة عسكرية لدى روسيا وهي تعمل بموجبها». وبحسب لافروف، لا يحقّ لأي دولة «تعزيز أمنها على حساب دول أخرى، كما لا يحق لأيّ دولة الهيمنة على أوروبا، التي يتحكّم بها الأميركيون على غرار ما حاول فعله نابوليون وهتلر». وأكّد الوزير الروسي أنّ «هستيريا الغرب حول أوكرانيا، ستمرّ». ومن أجل إضفاء المزيد من التفاؤل، أشار إلى «إمكانية إيجاد حلّ للوضع في أوكرانيا»، مكرّراً التصريحات الروسية، عن أنّ «العملية العسكرية مستمرة، وهي كانت قراراً حصرياً حتى نزع السلاح وتحقيق الأهداف الواضحة، فحتى لو تم التوافق وتوقيع أيّ وثيقة يجب أن تتضمن بنداً يؤكد على استكمال روسيا لعمليتها العسكرية، حتى تحقيق الأهداف وأهمها نزع السلاح». وعلى هذا الصعيد، شدّد على أنّ «روسيا لن تسمح باحتمال وجود تهديد بشنّ هجوم مباشر عليها انطلاقاً من الأراضي الأوكرانية»، مشيراً إلى أنّ «الغرب لا يمكنه أن يحدّد بدلاً من روسيا ما تراه مطلوباً لضمان أمنها». وعطفاً على ما تقدّم، حذّر لافروف من أنّ روسيا «لن تسمح بأي استفزاز من شأنه الإخلال بالتوازن». وتطرق وزير الخارجية الروسي إلى ما أسماه «محاصرة وسائل الإعلام الروسية»، مشيراً إلى أنّ «أوروبا والولايات المتحدة تبذلان كلّ ما في وسعهما لإغلاق أيّ وسائل إعلام ومصادر معلومات من روسيا».
وبشأن التصويت في «الجمعية العامة» للأمم المتحدة، قبل يومين، على قرار أميركي يستنكر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ويدين رفع حالة تأهّب القوات النووية الروسية، قال وزير الخارجية الروسي إنّ «الولايات المتحدة منخرطة في عملية ليّ الأذرع وابتزاز الدول الأعضاء للتصويت على قرارات تدين روسيا». أمّا عن القرار الأممي الذي يطالب روسيا بالتوقف الفوري عن استخدام القوة في أوكرانيا، والامتناع عن تهديد دول أعضاء في الأمم المتحدة، فقد أشار لافروف إلى أنّ «نصّه لا يحتوي على أيّ دعوة مباشرة لنظام كييف، ولا يأتي على ذكر وضع سكّان إقليم دونباس، والعدوان المستمرّ على جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، كما يتجاهل الانقلاب غير الشرعي والمخالف للدستور الأوكراني والقوانين الدولية عام 2014، وغير ذلك من النقاط التي طالبت روسيا من دون جدوى بإضافتها على نصّ القرار».