موسكو | لم يكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يتّخذ قراراً بالاعتراف باستقلال «جمهوريتَي» لوغانسك ودونيتسك، حتى أمر بالبدء بعملية عسكرية ترمي بحسب خطابه إلى هدفَين رئيسَين:- نزع السلاح الذي ضخّته الدول الغربية وحلف «الناتو» لسلطات كييف، وتدمير البنية العسكرية الاستراتيجية الأوكرانية، وكلّ ما يهدد الأمن القومي الروسي.
- وإعطاء المكوّنات الديموغرافية الأوكرانية ما تُسمّيه موسكو «حقّ تقرير المصير»، مثلما جرى للقرم عام 2014.

انقر على الصورة لتكبيرها

بدأت القوات الروسية، في وقت مبكر من يوم أمس، دخول أوكرانيا من محاور ثلاثة: فمن الشرق بمحاذاة خطّ التماس ما بين مناطق سيطرة القوّات التابعة لـ«جهوريتَي» لوغانسك ودونيتسك وبقيّة مناطق حوض الدونباس؛ ومن الجنوب والجنوب الغربي بإنزالَين في ماريوبول وأوديسا توازياً مع تقدُّم البحرية الروسية من شمال بحر آزوف؛ ومن الشمال من نقاط محدّدة على امتداد الحدود البيلاروسية - الأوكرانية بشكل حذر. وترافق ذلك مع تصريحات للرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، أعلن فيها عدم مشاركة قوّاته المسلحة حتى الوقت الحالي في الهجوم، على رغم إعطائه أوامر لها بالتنسيق الكامل مع القوات الروسية، وأداء المهمات بحسب ما تقتضيها الحاجة الميدانية.
و خلال ساعة و22 دقيقة من بدء الضربات الصاروخية الدقيقة، جرى تعطيل القوّة الجوية الأوكرانية وتحييدها، فيما أُخرجت المطارات والمرافق الجوّية من الخدمة، إضافة إلى استهداف القدرات الصاروخية والدفاع الجوّي الأوكراني ومراكز المسيّرات ومخازن الأسلحة الاستراتيجية، وإلحاق خسائر فادحة بقدرة قيادة القوات الأوكرانية على التحكّم والسيطرة على ميدان المعركة. في بداية الهجوم، دُمّر مقرّ قيادة منطقة الدونباس في الجانب الذي تسيطر عليه القوات المسلّحة الأوكرانية. وخلال ساعات النهار، تمّ إحكام السيطرة على مدينة خاركوف، كبرى مدن الإقليم، في حين اخترقت قوّة مدرعة وأرتال الدبابات الروسية الدفاعات الأوكرانية متوجّهةً نحو العاصمة كييف. في المقابل، وبناءً على المعلومات المتوافرة، لم تشهد المحاور الحدودية مقاومة مؤثّرة من رجال حرس الحدود الأوكراني، الذين كانوا يسلّمون أسلحتهم للقوات الروسية.
عموماً، العملية العسكرية مستمرّة، وتحديد مدّتها مرتبط بتطوّرات الميدان، وتقييم أداء القوّات المكلّفة تحقيق الأهداف التي رسمتها القيادة الروسية. وفي انتظار ما ستؤول إليه المعركة، يبدو المشهد أقرب إلى مرحلة ما قبل مؤتمر يالطا الذي شارك فيه جوزف ستالين وفرانكلين روزفلت وونستون تشرشل، وأعاد رسم خريطة النفوذ العالمي ما بعد الحرب العالمية الثانية.