ما يفاقم القلق الإسرائيلي إصرار الأميركيين على إحياء الاتفاق، مع أو من دون تعديلات
على رغم كلّ ما تَقدّم، لا تملك إسرائيل في مواجهة «الحافّة النووية» الإيرانية، إلّا إطلاق تهديدات لا توليها طهران اهتماماً، تماماً كما لا توليها واشنطن اهتماماً بالمستوى المرجوّ في تل أبيب، حيث تسود قناعة بأن معقولية تغيير تموضع الأطراف، بهذه الوسيلة، متدنّية جداً. ومن هنا، يُفهم سبب انتقال مسؤولي إسرائيل بالجُملة، بدءاً من وزير الأمن، مروراً برئيس «الموساد»، وصولاً إلى رؤساء شعب الأركان، من تخطيط وعمليات واستخبارات… إلى الولايات المتحدة. واللافتُ في هذه الزيارات، أنها تمثّل محلّاً للتظهير الإعلامي على خلاف العادة، إلى الحدّ الذي تحرص فيه وسائل الإعلام العبرية على أن تَذكر أسماء كلّ الشخصيات الزائرة، ومسؤوليّاتها، بحيث لم تبقَ إلّا أسماء الحرّاس الشخصيين في الخفاء. وإذ يشير ذلك إلى نيّةِ توظيف الخطوة في سياق إضفاء صدقية على التهديدات الإسرائيلية، إلّا أن الأمر ليس منحصراً في إطار محاولة الردع والعلاقات العامة، فقط، إذ إن إسرائيل لا تجد، بمواجهة تهديد استراتيجي وجودي تعجز عن استدراكه منفردة، إلّا تحريض الأميركيين - الذين يمثّلون عملياً وُجهة التوسّل الإسرائيلي الوحيدة -، عبر جميع المستويات والاتجاهات الممكنة، على فعْل ما يتعذّر عليها هي عمله.
هل تتوقّع تل أبيب أن تجد أذناً صاغية في واشنطن؟ يبدو أن الإجابة هي «لا» كبيرة. فوفقاً لمصادر أميركية مطّلعة على الملفّ التفاوضي مع الجانب الإيراني في فيينا تحدّثت إلى «هآرتس»، فإن «التوصّل إلى اتفاق، مرتبطٌ بإيران، وليس بإسرائيل، وإن قرّرت طهران أن تخفّف من شروطها، سيُصار إلى التوقيع على الاتفاق، على رغم كلّ التحذيرات الإسرائيلية، وعلى رغم زيارة كبار المسؤولين الإسرائيليين، الذين سيُستقبلون باحترام زائد في واشنطن». وتضيف الصحيفة أن «النقاشات الإسرائيلية في واشنطن، لا يُحتمل أن تتعلّق بمسألة شنّ هجوم إسرائيلي على المواقع النووية الإيرانية؛ فمن المشكوك فيه أن لدى إسرائيل قدرة عملية على توجيه هكذا ضربات، من شأنها أن تعيد البرنامج النووي الإيراني سنوات إلى الوراء، بل من المشكوك فيه أنها كانت قادرة على ذلك، وإن استعدّت له بمنتهى الجدية، بين عامَي 2009 و2013».