جاء إعفاء ألوان بعدما رفض الاستمرار في السياسات القائمة على تخفيض الفوائد
ويَذكر وزير المالية الجديد، في مقابلة معه عام 2015، أنه من مواليد عام 1964 في فيران شهر، وأنه يتحدّر من عشيرة النعيمي العربية المنتشرة في تركيا وسوريا، كما أنه من سلالة النبي محمد. ويُنقل عن والده سليمان أنه كان يقول لأولاده: «إنني أترك لكم سبع سلالات تكفيكم. لكنني لم آكل مالاً بلا زكاة، وأنتم لا تأكلوا مال أحد». ويقول نور الدين نبطي، في المقابلة نفسها: «نحن عشرة أخوة. وأَنظر إلى رئيسنا (إردوغان) على أنه الأخ الحادي عشر». وتفيد صحيفة «جمهورييات» بأن الوزير الجديد سينال راتبَين: راتب الوزارة وهو 32 ألف ليرة تركية، وراتب عضو هيئة «تورك تيليكوم»، والذي يقارب مع الإضافات 33 ألف ليرة تركية. وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع، صورة تجمع نبطي إلى الداعية فتح الله غولين، أثناء زيارة للأوّل إلى مقرّ إقامة الأخير في بنسلفانيا الأميركية، قبل خلاف غولين مع إردوغان. والجدير ذكره، أيضاً، أن نبطي يُعدّ صاحب اقتراح إغلاق بيوت الدعارة الرسمية في تركيا، والذي لم يمرّ.
على أيّ حال، تثير سياسة إردوغان الجديدة في الاقتصاد، شكوكاً في إمكانية نجاحها. ومن بين المنتقدين لخطواته الأخيرة، وزير الاقتصاد السابق ما بين 2003 و 2008، ورئيس حزب «الديموقراطية والتقدّم» علي باباجان، الذي اعتبر أن «مثل هذه السياسات لن تُحقّق نموّاً مستداماً، لأن الفرق بين اليوم والأمس هو أن تركيا كانت تسير تحت مظلّة الاتحاد الأوروبي ومعايير كوبنهاغن والديموقراطية والقانون والحريات. أمّا اليوم، فالنموذج التركي الجديد يتميّز بحاكميّته المطلقة وينحو نحو نموذج شرق آسيا». ويلفت رئيس الحكومة السابق، ورئيس حزب «المستقبل» أحمد داوود أوغلو، بدوره، إلى أن «تركيا غيّرت بين عامَي 1998 و 2018، أي على امتداد عشرين سنة، خمسة وزراء مالية. لكن منذ عام 2018، تاريخ إقرار النظام الرئاسي الجديد، تَغيّر ثلاثة وزراء مالية. هذا اسمه انهيار المؤسّسات». وأعاد الكاتب علي بيرم أوغلو، من جهته، الانهيار الحالي إلى انعدام الثقة، بسبب التصريحات «غير المسؤولة» لإردوغان من وقت لآخر، فيما يرى الكاتب عصمت بركان أن «عمر السلطة انتهى وإردوغان يعيش قحطاً كبيراً وهو في مأزق لا خروج منه». وفي الاتجاه نفسه، يعتقد مراد يتكين أن كلّ سياسات إردوغان تحاول أن تخدم معركته الرئاسية في انتخابات 2023، و«ما يقوم به اليوم هو اقتصاد انتخابي، وليس أيّ شيء حقيقي آخر».
أمّا الصحافية فيغين تشالي قوشو فتُورد، في صحيفة «قرار»، أن «31 مليون تركي لا يتناولون اللحوم والدجاج والسمك، وأن 16 مليوناً لا يحظون بالتدفئة، وأن 23 مليوناً يعانون من الفقر. وفي الأشهر الخمسة الأولى من عام 2021، لم يستطع أكثر من مليون ونصف مليون تسديد اشتراكاتهم الكهربائية، وأكثر من 674 ألف مشترك لم يسدّدوا اشتراكات الغاز الطبيعي». وتضيف تشالي قوشو أن «التضخّم بلغ العشرين في المئة، فيما الزيادات على الأسعار متواصلة». وتشير إلى أن «السلطة رفعت شعار تخفيض الفائدة يساوي تخفيض التضخّم، وقالت للناس إن سعر الصرف سيطير لكن عليكم بالصبر، من منطلق أن الفقر سيزداد، والقوّة الشرائية ستتراجع، ورغيف الخبز سيتقلّص حجمه، لكن الصادرات سترتفع، ويد العمل الرخيصة والاستثمارات التي ستأتي سوف تجعل النمو يزداد». في المقابل، يكتب عبد القادر سيلفي، المؤيّد لإردوغان، في صحيفة «حرييات»، أن «نور الدين نبطي ارتدى قميصاً من نار. لا يمكن القول إن العمل سهل، لأنه مع نموذج اقتصادي جديد، يجب في الوقت نفسه تطبيق ثورة في الذهنية، وهذا يتطلّب أوّلاً إعطاء الثقة للأسواق، لأن نصف الاقتصاد هو الثقة».
على المستوى الخارجي، رأت صحيفة «فاينانشل تايمز» أن «التغييرات الحالية تفتح الباب أمام مخاطر التضخّم الإضافي وعدم الاستقرار المالي»، واصفةً ألوان بأنه «آخر أصوات الأرثوذكسية الاقتصادية» في تركيا، لافتة إلى أنه «على رغم النظرة إليه بتقدير من عالم الأعمال، لكنه كان يشعر بعزلة متزايدة وكان ضدّ تخفيض الفوائد». وأشارت «رويترز»، من جانبها، إلى أن ألوان «من التكنوقراط الأخيرين الأصدقاء للسوق»، مضيفة أن «انهيار الليرة الحالي هو الأكبر منذ عام 1999»، معتبرةً أن «تخفيض الفائدة سيعطي نتائج عكسية لما يريده إردوغان، والتضخّم قد يرتفع إلى ثلاثين في المئة». أمّا «دير شبيغل» الألمانية فوصفت تركيا بـ«سفينة التايتانيك التي تغرق»، في حين يَنقل أوزغين آجار في «جمهورييات»، عن تيموثي آش من مؤسسة «بلوباي بورت فاي»، أن إردوغان في «وضع غير سويّ. إنه ملك عارٍ، وهو في الطريق ليصطدم بجبل الجليد الكبير».