عجّل الانسحاب الأميركي من أفغانستان بتطوير العلاقة ما بين الاتحاد الأوروبي والإدارة الإيرانية الجديدة. فبعد الاتصال الهاتفي الذي أجراه رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، عُقدت لقاءات بين مسؤولين أوروبيّين وإيرانيين، حول ما سمّته مصادر دبلوماسية «التنسيق في شأن أزمة اللاجئين المحتملة جرّاء الانسحاب الأميركي من أفغانستان»، حيث جرى التطرّق إلى إمكانية تقديم الاتحاد الأوروبي مساعدة لإيران من أجل تأمين حدودها الواسعة مع أفغانستان، وهي «حدود مغلقة ولكن غير مؤمّنة». وعلى رغم أن بروكسل وضعت مسألة المفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني في المرتبة الثانية، على ما التمسته بعثة لبنان في الاتحاد الأوروبي، إلا أنها لوّحت بخطوة تصعيدية تجاه ما تَعتبره «مماطلة إيران في تحديد موعد لاستئناف محادثات فيينا»، عبر نقل الملفّ إلى مجلس الأمن. ومع أن الاتحاد الأوروبي رأى في «سماح إيران بعودة فريق من الوكالة الدولية للقيام بأعمال صيانة، مبادرة إيجابية»، إلّا أنه أبقى على خيار «فرض العقوبات السابقة على النظام الإيراني snapback sanctions»، بما يتناسب مع العقوبات التي تلوّح بها الولايات المتحدة منذ فترة.وتشير بروكسل، في مداولاتها مع بعثة لبنان، إلى أنها تسمع بين الحين والآخر أصواتاً أميركية تطالب بتغيير النظام الإيراني، وإن لم تكن صادرة عن مسؤولين رسميين. وفي هذا الإطار، يَعتقد الاتحاد الأوروبي أن المطلوب هو «تغيير سلوك النظام على الساحتَين الإقليمية والدولية، وليس تغيير النظام بحدّ ذاته». وبينما تحاول بروكسل إقناع الإيرانيين بالعودة إلى مفاوضات فيينا، تجري، على خطّ موازٍ، مباحثات بين أطراف أوروبية رئيسة وبين الجانب الإيراني بغية عقد صفقات والتعاون في ملفّات أخرى، وهو ما يحمل تناقضاً تعزوه بروكسل إلى «صعوبة التحكّم بكافة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي». ويأمل الأوروبيون في أن تكون الأنباء الواردة عن زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، إلى موسكو صحيحة، لناحية إمكانية لعب روسيا دور وساطة ما، بين طهران وواشنطن الأمر الذي تبدي بروكسل استعدادها للمساعدة فيه «بصفتها منسّقة المفاوضات». كذلك، يتابع الجانب الأوروبي باهتمام ما يُحكى عن موافقة الولايات المتحدة على تحرير مليارات من الدولارات من أموال إيران المجمَّدة في المصارف الأجنبية، كبادرة حُسن نيّة، تمهّد لرفع مجموعة كبيرة من العقوبات الأميركية، فضلاً عن احتمال إبرام صفقة تحرير سجناء مزدوجي الجنسية الإيرانية والأميركية في طهران.

الرياض - طهران: تجزئة المشكلة
على مقلب اللقاءات ما بين طهران والرياض، تتحدّث مصادر الاتحاد الأوروبي عن اللقاء الرابع الذي انعقد أخيراً في بغداد، وحضره رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وترأّس الوفد الإيراني فيه نائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي لشؤون الأمن الدولي والسياسة الخارجية سعيد إيرواني، والوفد السعودي رئيس الاستخبارات خالد الحميدان. وإذ تُثمّن بروكسل الإشارات الإيجابية اللافتة تجاه إيران في كلمة الملك سلمان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومقترحات الكاظمي لتسريع إجراءات تطبيع العلاقات، فهي تَتوقّع بروز نتائج عملانية قريباً، لاسيما مع مشاركة لجان سياسية للمرّة الأولى، بحثت مجموعة من الاقتراحات المتعلّقة بإعادة تفعيل النشاط القنصلي، خصوصاً في ما يُعنى بشؤون الحج، فيما يبدو أن عودة العلاقات السياسية بصورة رسمية تحتاج إلى مزيد من الوقت. وتَلفت بعثة لبنان إلى ورود أخبار إلى العاصمة الأوروبية من الجانب الإيراني حول غياب الرغبة السعودية في بحث هذا الموضوع، إذ ركّزت الرياض على الطلب من طهران استخدام نفوذها في اليمن للضغط على حركة «أنصار الله» وحمْلها على وقف هجماتها ضدّ السعودية، إلّا أن ذلك لم يمنع من الاتفاق على «تقسيم المشاكل بين البلدين ومعالجة كلّ مشكلة من قِبَل لجنة مختصّة، ليتمّ الاتفاق على تشكيل لجنة بخصوص استئناف عمل البعثات، وأخرى لبحث الملفّات الأمنية والسياسية وعلى رأسها الأزمة اليمنية». وفي هذا الإطار، تلقّى الحميدان وعداً من إيرواني بتسهيل عقد مفاوضات ما بين السعوديين و«أنصار الله» في المكان والزمان الذي تختاره الرياض، في محاولة لإرساء وقف لإطلاق النار والدفْع في اتّجاه اتفاق سلام. وعلى رغم أن حكومة رئيسي تضغط، بحسب ما ورد إلى المفوّضية الأوروبية، للإسراع في تسوية الخلافات، إلّا أنها «تُواجَه بتأنٍّ سعودي في انتظار ما ستؤول إليه مفاوضات إيران مع الغرب، واتّضاح استراتيجية واشنطن في المنطقة».