يواجه الرئيس جو بايدن واحدة من أسوأ الأزمات على الصعيدين الداخلي والخارجي، في ظلّ الانتقادات التي تطاول الانسحاب السريع للقوات الأميركية من أفغانستان. وفي الوقت الذي انطبع هذا الانسحاب، بشكل أعمق، بالفوضى والعنف، أعلن بايدن أنه يفكّر في تمديد موعده النهائي، وسط موجة ضغوط من قادة العالم، وقادة الحزبين الديموقراطي والجمهوري، «القلقين من احتمال حدوث فراغٍ أمني ستكون له عواقب مميتة»، من جهة، ومن تأثير خطوة بايدن في الانتخابات النصفية، من جهة أخرى، خصوصاً في الوقت الذي أظهرت فيه استطلاعات الرأي تدنّي الموافقة عليه.وما يزيد الطين بلّة، رفض «طالبان» فكرة التمديد هذه، إذ شدّدت على أن هذا الأمر لن يكون موضع ترحيب. وقال المتحدث باسمها، في قطر، محمد نعيم: «يجب أن ينهوا الإجلاء بحلول 31 آب كما وعدوا». كذلك، حذّر متحدّث آخر، هو سهيل شاهين، خلال مقابلة مع محطة «سكاي نيوز»، واشنطن وحلفاءها من «عواقب»، إذا أرجأت سحب قواتها من أفغانستان. وقال: «إذا طلبت الولايات المتحدة، أو المملكة المتحدة، مزيداً من الوقت من أجل مواصلة عمليات الإجلاء، فالجواب هو لا. وإلّا ستكون هناك عواقب».
كذلك، يتخوّف مسؤولو الأمن القومي من أن الانسحاب الأميركي يمكن أن يخلق تهديداً جديداً ومستمرّاً، بما في ذلك إرهابيو «داعش» الذين يستعيدون موطئ قدم لهم في البلاد. وحذّر مستشار الأمن القومي، جايك سوليفان، من أن التهديد بشنّ هجوم إرهابي من قبل «داعش» يشكّل خطراً جسيماً على إجلاء الإدارة لآلاف الأميركيين والحلفاء الأفغان من المطار الدولي في كابول. وقال سوليفان، في مقابلة مع شبكة «سي أن أن»، إن «التهديد حقيقي، حاد، ومستمر. إنّه شيء نركّز عليه مع كلّ أداة في ترسانتنا». واعتبر مسؤولون تعليقات سوليفان «الأكثر إلحاحاً، حتى الآن، في ما يتعلّق بمجموعة من التهديدات المتزايدة». وأشار هؤلاء إلى أن تلك التهديدات «قد تتراوح بين هجوم صاروخي على طائرة نقل تُقلع أو تهبط في مطار حامد كرزاي الدولي، أو شاحنة مفخّخة، أو انتحاريين يتسلّلون إلى الحشد خارج المطار».
فكّر الديموقراطيون في مطالبة جايك سوليفان بالاستقالة للتخفيف من حدّة الانتقادات


في غضون ذلك، ومع مواجهة بايدن أزمة سياسية هزّت مكانته في حزبه، يشعر الديموقراطيون في جميع أنحاء البلاد بقلقٍ متزايد بشأن قدرتهم على الحفاظ على السلطة في واشنطن. وفيما يخشى هؤلاء من أن يزداد الوضع سوءاً بسبب الجائحة، أو بسبب الانسحاب السريع من أفغانستان، فقد أعربوا عن اعتقادهم بأن حزبهم قد يخسر ثقة الناخبين المعتدلين المتأرجحين، الذين أسهموا في انتصاره في عام 2020. ويأتي هذا فيما أعلن المشرّعون تحقيقات في الكونغرس بشأن كيفية تعامل الإدارة مع الانسحاب، وفي الوقت الذي كانت تفكّر فيه مجموعة من الديموقراطيين في ما إذا كانت دعوة سوليفان إلى الاستقالة، ستساعد بايدن في «إعادة ضبط سرديّته»، وفقاً لأعضاء في مجلس النواب. وبالرغم من أن حزب الرئيس يخسر، تاريخياً، مقاعد في انتخابات التجديد النصفي، إلّا أن القلق نابع هذه المرة من أن «تنفيذ الانسحاب قد قوّض وعد حملة بايدن المركزية بإعادة اليد الثابتة والقوية». أمّا الجمهوريون، الذين هتفوا قبل أشهر تشجيعاً للجدول الزمني الأسرع الذي وضعه الرئيس السابق دونالد ترامب لإنهاء التدخّل العسكري في أفغانستان، فقد أوقفوا تشجيعاتهم السابقة، متفرّغين لاتّهام بايدن بإهانة الأمّة. وفي هذا الإطار، استمتع الجمهوريون في الكونغرس، الذين كانوا متحمّسين، بالفعل، للانتخابات النصفية، بالاستطلاعات الأخيرة التي أظهرت انخفاض الموافقة على أداء بايدن، إلى مستويات متدنّية.
ووفقاً لاستطلاعَين جديدين، فإن العديد من الأميركيين لا يوافقون على أداء الرئيس الوظيفي، بعدما أمضى نصف عامه الأول في البيت الأبيض مع تصنيفات وظيفية عالية. وأشار استطلاع أجرته شبكة «سي بي أس نيوز»، إلى أن «نصف الأميركيين، 50 في المئة، يوافقون على الطريقة التي يتعامل بها بايدن مع وظيفته كرئيس»، لكن العدد نفسه، أي 50 في المئة، لا يوافقون على بايدن. وفي استطلاع لشبكة «أن بي سي نيوز»، بلغت نسبة تأييد بايدن 49 في المئة، مقارنة بـ48 في المئة معارِضة.
وفي علامة خطر على البيت الأبيض في استطلاع «سي بي أس نيوز»، وافق 63 في المئة على سحب القوات الأميركية من أفغانستان، ولكن 47 في المئة فقط يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الانسحاب. من جهة أخرى، أظهرت الاستطلاعات ميل الناخبين المستقلّين نحو الحزب الجمهوري. ومن بين جميع الناخبين، يريد 47 في المئة من المستطلعين أن يبقى الديموقراطيون في السلطة، بينما يريد 46 في المئة كونغرس يسيطر عليه الجمهوريون.