أعاد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، آية الله علي خامنئي، ضبط إيقاع المشهد النووي، أمس، عبر تأكيده أن إيران قد ترفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، في حال احتاجت إلى ذلك، جازماً بأنها «لن تتراجع» في المجال النووي. وقال خامنئي: «نحن مصمّمون على امتلاك القدرات النووية بما يتلاءم مع حاجات البلاد، ولذلك سقف إيران للتخصيب لن يكون 20 في المئة، وسنتصرّف (وصولاً) إلى أيّ مستوى نحتاج إليه وتتطلّبه البلاد، مثلاً من أجل المحرّك النووي أو أعمال أخرى، يمكن أن نذهب إلى تخصيب بنسبة 60 في المئة»، وذلك وفق ما جاء في بيان نشره موقعه الإلكتروني الرسمي. وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية لن تتراجع في المسألة النووية، وستمضي بقوة على مسار ما تحتاج إليه البلاد اليوم وغداً». ولطالما أكّدت الجمهورية الإسلامية سلمية برنامجها، وأنها لا ترغب في تطوير أيّ سلاح نووي، على عكس ما يتّهمها به بعض الدول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، وخصوصاً رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو. وهو ما أعاد خامنئي الإشارة إليه، أمس، لافتاً إلى عدم رغبة إيران في حيازة السلاح النووي. وقال: «ذلك المهرّج الصهيوني الدولي يقول دائماً: لن ندع إيران تصل إلى سلاح نووي! لو كان لدى الجمهورية الإسلامية قرار بالوصول إلى سلاح نووي، لم يكن هو ولا من أكبر منه ليمنعنا من ذلك». وجدّد المرشد الأعلى التأكيد، أيضاً، أن إيران مستعدّة للعودة إلى التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، في حال احترام الأطراف الآخرين في الاتفاق تعهّداتهم. وقال: «عندما تركت الولايات المتحدة وتبعها الآخرون، القرآن يأمرنا بترك التزامنا أيضاً، لكن حكومتنا المحترمة لم تتخلَّ عن التزاماتها وقلّصتها تدريجياً، وهو أمر يمكن العودة عنه في حال عادوا إلى التزاماتهم».
كلام خامنئي جاء ليضع حدّاً لتحليلات وتوقّعات خرجت في اليومين الماضيين، على إثر زيارة مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافايل غروسي، إلى طهران، وما رافقها من تصريحات من قِبله عن أنه جرى التوصُّل إلى اتفاق مؤقت مع إيران في شأن مواصلة عمل الوكالة. تصريحاتٌ لم تلبث أن فتحت الباب، أيضاً، أمام ردٍّ من قبل البرلمان، الذي صوّت أمس بأغلبية 221 صوتاً مقابل 6 أصوات مخالفة وامتناع سبعة نوّاب، على قرار «إبلاغ القضاء برفض ​الحكومة الإيرانية​ تنفيذ قانون الإجراءات الاستراتيجية لرفع العقوبات وصيانة مصالح الشعب الإيراني»، ورفعه إلى القضاء لمتابعته بشكل عاجل. ويستند البرلمان، في خطوته هذه، إلى ما تنصّ عليه المادة 234 من النظام الداخلي، وهو أنه في حال رأى القضاء أن الحكومة لم تنفّذ القانون، تترتّب على روحاني والحكومة غرامات مالية، وأحكام بالسجن. وفي هذا السياق، اعتبر رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان، مجتبى ذو النور، أنه «ينبغي تمزيق الاتفاق بين الحكومة والوكالة الدولية للطاقة الذرية​، وإلّا فسنقدّم الرئيس ​حسن روحاني​ إلى المحاكمة»، مضيفاً أن «​الولايات المتحدة​ والدول الأوروبية أرسلت خادمها، رافايل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى ​طهران​، ليحصل على تنازلات منّا». وأشار ذو النور إلى أن «نوّاب البرلمان يوقّعون على قرار لتقديم الرئيس روحاني وكلّ من التفّ على قانون البرلمان، إلى القضاء للمحاكمة».
صوّت البرلمان على قرار يهدّد بمحاسبة روحاني قضائياً


تصريحات المرشد الأعلى، معطوفةً على خطوة البرلمان، جاءت عشية بدء الجمهورية الإسلامية تطبيق قانون برلماني يقلّص بعض أنشطة مفتّشي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وطلب القانون، الذي أقرّه مجلس الشورى في كانون الأول/ ديسمبر، من الحكومة، تقليص عمل المفتشين في حال لم يتمّ بحلول 21 شباط/ فبراير رفع العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران، بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018. ومن ضمن ما طلبه القانون البرلماني أيضاً، رفع مستوى التخصيب إلى 20 في المئة، وهو ما باشرت الحكومة تنفيذه مطلع كانون الثاني/ يناير.
على الضفة الأميركية، قلّل أحد المسؤولين من شأن تصريح خامنئي، قائلاً إن ذلك سيكون مُقلقاً، لكن إيران لم تنفّذه بعد، مضيفاً أن واشنطن تنتظر لترى إذا ما كانت طهران ستعود إلى المحادثات. وتابع المسؤول الأميركي الذي طلب عدم نشر اسمه: «حتّى نعود إلى المحادثات، سيسعى الطرفان لاتخاذ مواقف لتشديد اللهجة. دعنا نرَ إذا ما كانوا سيوافقون على العودة إلى طاولة (التفاوض)». وجاء ذلك في وقت أشار فيه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى أن الولايات المتحدة ستسعى لتعزيز الاتفاق النووي وتمديده. وفي كلمة مسجّلة لـ»مؤتمر نزع السلاح» الذي ترعاه الأمم المتحدة في جنيف، قال بلينكن: «الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بعدم حصول إيران على سلاح نووي. الدبلوماسية أفضل مسار لتحقيق هذا الهدف». ولفت إلى أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، قال إنه إذا عادت إيران إلى «الالتزام الصارم بالاتفاق النووي المبرم في عام 2015، فإن إدارته ستقوم بالشيء ذاته». وأضاف: «سنسعى أيضاً، من خلال العمل مع الحلفاء والشركاء، إلى إطالة أمد خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) وتعزيزها، والتصدّي لمباعث القلق الأخرى، مثل سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة وتطوير الصواريخ البالستية وانتشارها». واعتبر أنه «ينبغي لإيران الامتثال لاتفاقات الضمانات مع الوكالة ولالتزاماتها الدولية».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا