الضرر الذي أحدثه اقتحام «الكابيتول» على السياسة الخارجية الأميركية، وكذلك على الديموقراطية، كبير جداً
إزاء ذلك، يدعو الكاتبان، الإدارة الأميركية المقبلة، إلى إلغاء فكرة عقد قِمَّة دوليّة للديموقراطيات، واستضافة "قِمَّة محلّية تعيد التزام القيادة السياسية للأمة بمؤسّسات النظام، وتبذل بعض الجهد للتغلّب على الظلم وعدم المساواة. يمكن لمثل هذا المسعى أن يجمع قادة الكونغرس من الحزبَين ورؤساء البلديات للتعهّد بتجديد الديموقراطية الأميركية". طرحٌ يتبنّاه أيضاً رئيس "مجلس العلاقات الخارجية"، ريتشارد هاس، الذي يرى أنه "سيكون من الحكمة أن تقوم إدارة بايدن بتعليق خططها المعلَنة لعقد اجتماع للديموقراطيات، إلى أن يصبح منزل الولايات المتحدة في وضع أفضل". تداعيات "الغزوة" ستشغل مفاصل القرار السياسي لوقتٍ طويل، ليس في البعد المحلي فحسب، بل على المستويات الخارجية أيضاً. أشار هاس إلى تلك المسألة حين سخر من المستقبل الأميركي، بالقول إن "الانتقال السلمي للسلطة، والاستثنائية الأميركية، وإيماننا بأننا نموذج مدينة مضيئة قائمة على تلّة، كثير علينا"، متحدّثاً عن سقوط النموذج الذي شغل العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
لكن الضرر الذي أحدثه اقتحام "الكابيتول" على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وكذلك على الديموقراطية، كبير جداً، بحسب ما يرى هاس، الذي يعتبر أيضاً أن "ما حدث الأسبوع الماضي كان فشلاً أميركياً واضحاً، لكن عواقبه تذهب إلى أبعد من الشواطئ الأميركية. إن عالم ما بعد أميركا لن يكون محدّداً بأولوية الولايات المتحدة. عالمٌ بدأت ملامحه تظهر في وقتٍ أقرب ممّا كان متوقعاً - ليس بسبب الصعود الحتمي للآخرين، ولكن أكثر بسبب ما فعلته الولايات المتحدة لنفسها". في مقالته المنشورة على موقع "فورين أفيرز"، أمس، يلفت هاس إلى أن كلّ ما فعلته إدارة ترامب في السياسة الخارجية سيؤدّي إلى تراجع ملحوظ في نفوذ الولايات المتحدة لمصلحة الصين وإيران وروسيا. نتيجةً لذلك، لن يكون لدى حلفاء واشنطن خيار سوى "التشكيك في قرارهم تكليفها بأمنهم. كانت هناك شكوك بالفعل على هذه الجبهة، نتيجة لبعض الإجراءات خلال إدارة أوباما وحتى أكثر من ذلك في عهد ترامب (مهاجمة الحلفاء، والتمسك بالديكتاتوريين...). وتعني هذه الشكوك ميلاً أكبر من جانب الدول الأخرى إلى تجاهل طلبات الولايات المتحدة، وأخذ الأمور بأيديها... والعلامات على ذلك واضحة بالفعل في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا: الحرب السعودية في اليمن، وتدخل تركيا في سوريا، ودعم آذربيجان في ناغورنو قره باغ، ومعاهدة الاتحاد الأوروبي الاستثمارية مع الصين، والكتلة التجارية الإقليمية للشراكة الاقتصادية الشاملة في آسيا. وستكون النتيجة عالماً أكثر عنفاً وأقلّ انفتاحاً على الصعيدَين السياسي والاقتصادي، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بنفوذ، لكنها لن تكون مهيمنة".