لا يزال أنصار الرئيس دونالد ترامب يُروّجون لإمكانية قيام المجالس أو الهيئات التشريعية في كلّ ولاية (وخصوصاً تلك التي يسيطر عليها الجمهوريون) بنقض نتائج الانتخابات الرئاسية، وذلك كجزء من مخطّط جرى التحضير له مسبقاً لاسترجاع الرئاسة، التي يعتقد ترامب أنها سُلبت منه زوراً. على أن الكثيرين داخل الولايات المتحدة، من النخب الأكاديمية ورجالات الإعلام والسياسة، يرون أن هذا الطرح مخالف تماماً لمبادئ الوطنية الأميركية.من الناحية القانونية، لا يمكن للمجلس التشريعي للولاية نقض التصويت الشعبي لمنصب الرئيس. إذ إن قيام أيّ مجلس أو هيئة تشريعية في ولاية ما بخطوة من هذا النوع، يعني عملياً تعيينه ناخبي الرئيس في تلك الولاية بنفسه، في تحدٍّ سافر لنتائج التصويت الشعبي. بتعبير أوضح، فإن العمل بهذه الخطة يعني أن الهيئة التشريعية في مطلق ولاية فاز بها نائب عن الرئيس جو بايدن بالتصويت الشعبي، ستُمرِّر إمّا قانوناً أو قراراً يُعيَّن بموجبه أعضاء الهيئة الانتخابية الذين سيدلون بدورهم بأصواتهم لترامب، وهذا الأمر من شأنه أن يُغيّر النتيجة لمصلحة الأخير.
يتفق معظم الخبراء الدستوريون في الولايات المتحدة على أنه بموجب سلطة المجالس التشريعية في الولايات، والتي تُحدّد طريقة تعيين الناخبين، يمكن للمجلس أن يُقرّر نظرياً، وقبل يوم واحد من الانتخابات، إلغاء التصويت الشعبي لمصلحة الناخبين الرئاسيين، ثمّ يعمل بدلاً من ذلك على تعيين الأخيرين مباشرة. وقطعاً للطريق على أيّ ولاية قد تعمد من تلقاء نفسها إلى إجراءات مخالفة للدولة، سنّ الكونغرس قانوناً تحت عنوان «يوم انتخابي وطني موحّد»، حَظر فيه اختيار الناخبين استناداً إلى انتخابات جرت أو قوانين مُرّرت بعد يوم الانتخابات. بعبارة أخرى، ووفقاً لبند التوقيت الدستوري كما يُنفّذ بواسطة القانون الفيدرالي، فإن اليوم الأخير الذي كان يمكن أن يقرِّر فيه المجلس التشريعي لأيّ ولاية تعيين الناخبين لاختيار الرئيس هو 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. وبما أن هذا التاريخ مضى وجرى الاقتراع، فإن سلطة المجلس التشريعي لتغيير طريقة الولاية في تعيين الناخبين الكبار انتفت. قد يتذرّع أنصار ترامب بأن ثمّة حالات طارئة، لكن القانون الفيدرالي يتضمّن استثناءً محدوداً مفاده: إذا حاولت الولاية إجراء انتخابات كما هو مقرّر، ولكن تلك الانتخابات فشلت، يسمح القانون للمجلس التشريعي للولاية بإنشاء نظام احتياطي لاختيار الناخبين. غير أن ما يجدر التوقف عنده، هنا، هو أنه لم يتمّ استخدام هذا الاستثناء مطلقاً في التاريخ الأميركي، لذا فليس من الواضح تماماً ما الذي يعنيه «فشل» الانتخابات الرئاسية.
يحظر التعديل الرابع عشر للدستور، على الولايات، سلب حقوق مواطنيها


أكثر مما تقدّم، هناك سبب ثان مستقلّ لا تستطيع معه المجالس أو الهيئات التشريعية في الولايات إلغاء نتائج التصويت الشعبي بعد يوم الانتخابات. إذ إن القيام بذلك من شأنه أن ينتهك الحقوق الدستورية للناخبين. وفي هذا السياق، يحظر التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي، على الولايات، سلب حقوق مواطنيها دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. أحد هذه الحقوق، بالطبع، هو حق التصويت. وقد أوضحت المحكمة الدستورية العليا، مرّات عديدة، أن الحق الدستوري في التصويت لا يعني فقط الحق في وضع الصوت في صندوق، ولكن أيضاً الحق في احتساب هذا الصوت لتحديد نتائج الانتخابات. وعليه، فإن قيام مجلس تشريعي للولاية بإبطال انتخابات شعبية سيكون بمثابة رفض لعدّ أصوات المواطنين. هذا فضلاً عن أن الدستور يحظر بشكل لا لبس فيه حرمان أيّ ناخبين مؤهّلين من حق التصويت، ناهيك عن ناخبي ولاية بأكملها.
بناءً عليه، ماذا سيحدث إذا انتهك المجلس التشريعي للولاية الدستور والقانون الفيدرالي، وتجاهَل أوامر المحكمة، وعمل على تعيين الناخبين الرئاسيين للولاية؟ بموجب قواعد عدّ الأصوات الانتخابية، تُرسل الولاية مجموعتين من الأصوات: المجموعة الأولى هي التي أدلى بها الناخبون المختارون في يوم الانتخابات، والثانية هي التي أدلى بها الناخبون الذين تمّ اختيارهم بواسطة طريقة أخرى أي التعيين. تعطي قواعد الهيئة الانتخابية تأثيراً حاسماً لأصوات المجموعة الأولى، وتَطلب أن يتمّ عدّ تلك الأصوات مع استبعاد أيّ أصوات أخرى. وهذا ما سيُفشل أيّ محاولة اغتصاب غير قانونية للانتخابات.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا