انفصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، عن رئيس وزرائه إدوار فيليب، الذي يحظى بشعبية، لبدء تحوّل سياسي في نهاية فترة ولايته الممتدة خمس سنوات، إلّا أنّه عيّن شخصاً من اليمين مثل فيليب ليحلّ محله. وبعد ساعات قليلة من استقالة حكومة فيليب، عُيّن جان كاستيكس بديلاً منه، وهو موظّف حكومي رفيع المستوى ورئيس بلدية بلدة صغيرة، لكنّه ليس شخصية سياسية من الصف الأوّل.
وكان كاستيكس، البالغ من العمر 55 عاماً، مساعداً سابقاً للرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي الذي حكم بين عامَي 2007 و2012، كما عُيّن منذ نيسان/أبريل مفوّضاً مشتركاً بين الوزارات لشؤون رفع إجراءات العزل. وقال قصر الإليزيه، في بيان: «إنّه مسؤول بارز وسيحرص على إصلاح الدولة وإجراء حوار سلمي مع المناطق».
وسيكون هذا الرجل صاحب الملف الشخصي المجهول، حتى الآن، مسؤولاً عن تنفيذ التوجّهات التي قرّرها إيمانويل ماكرون حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2022، فيما يعتزم رئيس الجمهورية تحقيق تغييرات جديدة. فبعد ثلاث سنوات في السلطة، نُفّذت خلالها إصلاحات مثيرة للجدل مثل الإصلاحات المرتبطة بمسألة البطالة وتخلّلتها أزمات مختلفة مثل تظاهرات «السترات الصفر» وأزمة جائحة «كورونا» الصحية، أعلن ماكرون أنه يعتزم بثّ روح جديدة وانتهاج مسار آخر، في الوقت الذي انخفضت فيه شعبيته وتواجه البلاد صعوبات جراء التداعيات الاقتصادية الكبيرة للوباء. وقال ماكرون، أمس، أمام وسائل إعلام محلية «لديّ حصّتي من سوء التصرّف. اعتبرت في بعض الأحيان أنه كان يجب الإسراع في بعض الإصلاحات. لا يمكن لذلك أن يتم إلا من خلال الحوار. لديّ طموح كبير لبلدنا. في بعض الأحيان، أعطيت الأولوية لرغبتي في إجراء إصلاحات على مصلحة المواطنين». لكنّه في الوقت عينه، أكد أنّ «المسار الذي شرعت فيه عام 2017 لا يزال صحيحاً». وأضاف أنّه بالنسبة إلى هذه «الحكومة المكافِحة» سيكون لدينا بعض الأولويات: إنعاش الاقتصاد ومواصلة الإصلاحات الاجتماعية والبيئية وإعادة تأسيس نظام جمهوري عادل والدفاع عن السيادة الأوروبية»، مشيراً إلى أنّ هناك حاجة إلى «وجوه جديدة» و«مواهب جديدة» و«شخصيات من خلفيات مختلفة». وأكد أن «اختيار الرجال والنساء (في هذه الحكومة) أمر مهم لكن طموحات البلاد أكبر منا».
وستكون الحكومة التالية مسؤولة عن تنفيذ «المسار الجديد» الذي بدأ ماكرون في التخطيط له مع إعطاء الأولوية للسياسة الصحية والشيخوخة وخطة للشباب. وهذا التعديل قد يسمح لماكرون أن يُبقي نصب عينيه إمكانية الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2022. وتأتي هذه التغييرات عقب الجولة الثانية من الانتخابات البلدية التي أُجريت في 28 حزيران / يونيو، والتي شهدت امتناعاً كبيراً عن التصويت وانتكاسة للحزب الرئاسي «الجمهورية إلى الأمام».
كان كاستيكس مساعداً سابقاً لساركوزي الذي حكم بين عامَي 2007 و2012


إلّا أنّ زعماء المعارضة انتقدوا خيار ماكرون لرئاسة الحكومة، باعتباره أنه يريد أن يمسك بكل الأوراق لمتابعة سياسته بلا تغيير، والاستعداد للانتخابات الرئاسية بلا أن يعيقه رئيس وزراء يطغى عليه. وندّد رئيس «حزب الجمهوريين» كريستيان جاكوب بهذا الخيار، قائلاً: «يمكننا أن ننتظر منعطفاً سياسياً، لكنه سيكون تكنوقراطياً»، مع «اختيار شخص متحفّظ لإدارة الشؤون اليومية». ومن خلال تعيين جان كاستيكس، «يؤكّد رئيس الجمهورية مساره. سيكون اليوم التالي مشابهاً لليوم السابق»، وفقاً لرئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور.
وأثناء انتظار استبدالها، تصرّف الحكومة المنتهية ولايتها الأعمال الحالية. ومن المفترض الكشف عن تشكيلة الحكومة الجديدة، قبل الأربعاء، الموعد المقرّر لاستلام الحكومة المقبلة مهامّها، وفقاً للمحيطين بالرئيس.