لم تنجح خطة الحكومة الإسرائيلية برفع الإغلاق الاقتصادي من دون أن يؤدي ذلك إلى موجة «كورونا» ثانية، فارتفع عدد المصابين إلى نحو 300 يومياً، على خلاف ما كان مخططاً له: العودة إلى الدورة الاقتصادية شبه الطبيعية مع إجراءات تحدّ من انتشار الفيروس. جاء القرار بعدما تفاقمت التقديرات الاقتصادية التي حذرت من تداعيات تراجع الناتج المحلي، وارتفاع نسبة العجز إلى مستويات غير مسبوقة، وكذلك نسب البطالة المرتفعة. النجاح الأولي الذي تحقق في الحد من انتشار «كورونا»، والضغط الاقتصادي الهائل، دفعا الحكومة إلى إعادة الفتح، لكن النتائج كانت مغايرة لما يطمحون. فالخلاصة التي انتهت إليها هذه التجربة دفعت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في مستهل اجتماع حكومته أمس، إلى رفع الصوت محذراً من المآلات: «كل توقعات الجهات المختلفة» حول مستقبل الوباء «قاسية». نتنياهو استند إلى تقرير «شعبة الاستخبارات العسكرية» (أمان) الذي أوضح أن إسرائيل تدخل موجة ثانية. وعلى هذه الخلفية، يعتزم عقد اجتماع لـ«اللجنة الوزارية للجم كورونا» (كابينيت كورونا) اليوم (الإثنين) لبحث الخطوات المطلوبة. كما توجه إلى الجمهور محذراً من أنه في حال «لم نغيّر فوراً سلوكنا في ما يتعلق بوضع كمامات والحفاظ على مسافة، سنضطر مرغمين إلى إعادة الإغلاق». وحذر نتنياهو قبل أيام من أن «المرض يتصاعد مجدداً»، معلناً تراجعه عن قرارات سابقة، ومؤكداً أنه في ضوء المستجدات «لن نفتح المرافق الاقتصادية أكثر»، مع تلميحه إلى «وسائل حازمة». في السياق، توقع وزير الأمن، رئيس الحكومة البديل، بيني غانتس، أن «كورونا سيلازمنا خلال فترة السنة والنصف المقبلة». ومع أنه دعا الجمهور إلى تجنّب الهلع، فإن المؤسسات ذات الصلة، «مجلس الأمن القومي» و«المجلس الوزاري المصغر»، تتوالى اجتماعاتها في هذا الشأن.
يلعب الجيش ومعه الاستخبارات دوراً مباشراً في ملف «كورونا»

في مؤشر فوري ومباشر على هذا المسار، أصدرت وزارة الصحة الإسرائيلية تعليمات للمستشفيات طالبتها فيها بالاستعداد لإعادة الفتح الفوري لأقسام «كورونا» بسبب الارتفاع اليومي في معدلات الإصابة بالفيروس المستجد والتحذيرات من موجة ثانية. الجدير بالذكر أنه نتيجة الخطورة التي ينطوي عليها الوباء، وأثره في الوضع الداخلي والاستراتيجي للكيان، يلعب الجيش ومعه الاستخبارات دوراً مباشراً في مواكبة «الصحة» بالمعطيات والتقديرات، بل من الواضح أنهم يتعاملون معه كأي متغير أمني واستراتيجي، لكن من البوابة الصحية والاقتصادية. جديد تقديرات الاستخبارات تحذيرها من موجة ثانية «تختلف في خصائصها عن الأولى، لكن لا تقل خطورتها عنها». ولفت تقرير صادر عن «مركز المعلومات والمعرفة الوطني للحرب على كورونا» إلى أنه في حال لم تتخذ إجراءات تخفض وتيرة الارتفاع الحالية فسيصل عدد المصابين اليومي إلى ألف، وقد تصل الوفيات إلى مئات. ودعا المركز إلى «خطوات فورية» للحؤول دون سيناريو «إغلاق الاقتصاد» من جديد، الذي يشكل كابوساً على القيادة السياسية والجهات الاقتصادية، لكنه أوصى بدراسة التسهيلات التي قررتها الحكومة، مشيراً إلى أن «سوء الوضع غير واضح بما فيه الكفاية للجمهور». عملياً، تضاعف عدد الإصابات خلال الأسبوع الأخير بـ20 ضعفاً، مع الاشارة إلى أن دائرة الانتشار توسعت من الطلاب والعمال الأجانب إلى قطاعات كثيرة. وأرجع تقرير المركز الانتشار إلى قلة التزام الجمهور بالتعليمات الضرورية.
أمام هذا الواقع المتفاقم، كان لافتاً أن المؤسسات المعنية تحاول التنصل من التقرير الصادر عن المركز المحذر من موجة ثانية، بل حمَّل المتحدث باسم الجيش المسؤولية إلى التقارير الصادرة عن المركز إلى وزارة الصحة التي حمَّلت بدورها المسؤولية إلى الاستخبارات. مع ذلك، ونتيجة الضغط الاقتصادي والقلق الذي يسيطر على جهات القرار، رأى نائب المدير العام لـ«الصحة»، إيتمار غروتو، أنه لا يوجد أي سبب للعودة إلى الوراء، بل بالإمكان فتح سوق العمل كلياً، قائلاً: «علينا أن نعتاد العيش في ظل كورونا، وفي الوقت نفسه مكافحة الفيروس». كذلك، قال المدير العام الجديد للوزارة، البروفيسور حيزي ليفي: «إننا في خضم كفاح شديد ضد وباء كورونا الذي يتطلب منا أداءً قاسياً مهنياً واجتماعياً واقتصادياً».