تبدأ دول أوروبية عدّة الخروج من حالة الإغلاق، بعد تباطؤ تفشي فيروس «كورونا» على أراضيها، محذّرة في الوقت نفسه من أنّ الطريق نحو التعافي والعودة إلى الحياة الطبيعية لا يزال طويلاً. يأتي ذلك في وقت أعلن فيه صندوق النقد الدولي، أنّ وباء «كوفيد-19» يدفع بالاقتصاد العالمي في اتّجاه ركود عميق هذا العام، متوقّعاً تراجع الناتج العالمي بنسبة ثلاثة في المئة. وقالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في الصندوق، غيتا غوبيناث، إنّ «العالم تغيّر بشكل جذري في غضون ثلاثة أشهر، نواجه واقعاً قاتماً»، مشيرة إلى أنّ «من المرجّح جداً هذا العام أن يشهد الاقتصاد العالمي أسوأ ركود منذ الكساد الكبير»، الذي سجّل في ثلاثينيات القرن الماضي، مشيرة الى أن تداعيات الأزمة ستتخطى تلك التي نجمت عن الأزمة المالية العالمية.في غضون ذلك، بدأت النمسا، أمس، الخروج من حالة الإغلاق مع إعادة فتح حذر للمحال التجارية الصغيرة والحدائق العامة. وسُجل في هذا البلد أقل من 400 حالة وفاة مقابل عدد سكان يبلغ 9 ملايين نسمة، يماثل عدد سكان مدينة نيويورك وحدها.
وغداة موافقة السلطات الإسبانية على عودة عمّال البناء والمصانع إلى أعمالهم، شرط وضع الكمامات التي تم توزيعها على نطاق واسع، ينوي عدد من البلدان الاقتداء بهذا الإجراء في تخفيف القيود المفروضة. ففي ألمانيا، حيث نسبة الوفيات منخفضة مقارنة بالدول المجاورة، يُتوقّع أن يتم الإعلان اليوم عن تخفيف القيود المتفاوتة بين منطقة وأخرى. لكنّ رئيس «أكاديمية ليوبولدينا للعلوم» التي تتقيّد السلطات الألمانية بتوجيهاتها، حذّر من أنّ الملاعب وصالات الحفلات الموسيقية، يمكن في أسوأ السيناريوات أن تبقى فارغة لمدة 18 شهراً.
وفي إيطاليا، التي تشهد إغلاقاً شبه عام منذ نحو شهر والتي سجلت 602 وفاة جديدة خلال 24 ساعة، ليصل إجمالي الوفيات إلى 21,067، صُرِّح لبعض المؤسسات مثل المكتبات ومراكز غسل الملابس باستئناف نشاطها في بعض المناطق.
«الصحة العالمية»: عهد العولمة يعني أنّ مخاطر معاودة ظهور «كوفيد ــ 19» وانتشاره ستستمر


ويبدو أنّ العودة إلى العمل، التي تسير بشكل جيد في الصين بعد رفع تدابير الاحتواء بعيدة كلّ البعد عن جدول أعمال العديد من البلدان. فقد ارتفعت الحصيلة الإجمالية للوفيات في فرنسا إلى 15792، بينها 5470 وفاة في دور رعاية المسنين، وفق حصيلة رسمية جديدة. وأعلن مدير عام الصحة الفرنسي جيروم سالومون أنّ هذا الرقم يمثّل زيادة قدرها 762 وفاة عن حصيلة أول من أمس، وهي أعلى حصيلة يومية منذ بدء تفشي الوباء.
وفي المملكة المتحدة، أعلن وزير الخارجية دومينيك راب، الذي ينوب عن بوريس جونسون مؤقتاً في رأس الحكومة، أنه لا ينبغي رفع «الإجراءات المعمول بها حالياً» على الفور، إذ إنّ البلاد «لم تتجاوز بعد ذروة» الوباء.
من جهته، أعلن رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي أنّ الإغلاق العام الذي يطاول 1,3 مليار شخص، سيمدّد حتى 3 أيار. وفي روسيا، حيث يواصل الوباء انتشاره، تمّ تسجيل 22 وفاة جديدة، ما يرفع الحصيلة الإجمالية إلى 170.
أما تركيا، فقد تخطّت عتبة مئة وفاة، في غضون 24 ساعة، وفق أرقام وزارة الصحة التي أكّدت تباطؤ انتشار الوباء. وأعلن وزير الصحة فخر الدين قوجة، في مؤتمر صحافي، وفاة 107 مصابين وتسجيل 4062 إصابة جديدة.
في هذه الأثناء، حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن فيروس «كورونا» المستجد أكثر فتكاً بعشر مرات من الفيروس المسبب لإنفلونزا «إتش1 إن1»، التي ظهرت في آذار 2009 في المكسيك، داعية إلى رفع الحجر المنزلي «ببطء». وأقرّ المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في مؤتمر صحافي عبر الفيديو من جنيف، بأنّ «عهد العولمة يعني أنّ مخاطر معاودة ظهور الفيروس وانتشاره ستستمر». وأضاف: «في نهاية المطاف، سيكون من الضروري التوصل إلى لقاح دائم وفعّال، وتوزيعه لوقف انتشار العدوى بشكل كامل».
(رويترز، أ ف ب)