«الهلع» من انتشار فيروس «كورونا» المستجدّ سيطر على تصرّفات قسم كبير من مواطني الدول التي وصلها الفيروس، خلال الأسابيع الماضية، فراحوا يشترون ما يفترضون أنه «يحميهم» من مواد التعقيم إلى الكمامات والقفازات والطعام، مروراً ــــ من دون شكّ ــــ بملايين الأمتار من «مناديل الحمام الورقية». غير أن اهتمامات قطاع من الأميركيين انصبّت أخيراً على تموين «السلاح والذخيرة»، خوفاً من «جنون الآخرين»!ليس مستغرباً لجوء البعض إلى السلاح كوسيلة «حماية»، حتى في أزمة وبائية، وخاصة في بلاد اقترح رئيسها، في وقت سابق، تسليح المعلمين كحلٍّ لمشكلة انتشار العنف في المدارس. وخلال الأيام الماضية، انتشرت تسجيلات عدّة تظهر طوابير لأميركيين أمام متاجر أسلحة، كان أكثرها انتشاراً في لوس أنجلوس.

ارتفاع المبيعات
أبرز التقارير التي غطّت هذه الظاهرة، كانت لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، التي قالت في تقرير إن مبيعات الأسلحة شهدت ارتفاعاً كبيراً في عديد من الولايات الأميركية، وخاصةً في تلك التي تضررت بشدة من فيروس «كورونا» المستجد، ولا سيما كاليفورنيا ونيويورك وواشنطن، مضيفة إن النسب ارتفعت حتى في المناطق الأقل تأثراً بالفيروس. كذلك، أشارت الصحيفة إلى أن الطلب ازداد عبر الإنترنت، إذ زادت مبيعات موقع «ammo.com» بنسبة 68% منذ بدء أزمة «كورونا» في الولايات المتحدة.
وكان لافتاً أن الصحيفة ركّزت في التقرير على أن المشترين النهمين للسلاح كانوا من «الأميركيين ــــ الآسيويين»، مبررة تصرفهم بأنه «خوف من ردة فعل معادية» بسبب تحميلهم مسؤولية انتشار الفيروس. وهي لهجة حضرت في خطاب أكبر مسؤولي الإدارة الأميركية، إذ كرر دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو، مرات عدة، مصطلح «الفيروس الصيني» أو «فيروس ووهان»، برغم وجود اسم علمي عالمي للفيروس والمرض الذي يسببه.
وأشارت «نيوزويك» بدورها إلى أنه «تم في الأسابيع الأخيرة استهداف عديد من الآسيويين في الولايات المتحدة، في جرائم كراهية (برّرت على أنها) رد على الفيروس».

أجندة سياسية؟
لا يمكن إغفال قدرة ورغبة الحكومات (وخاصة في الولايات المتحدة) بإمرار أجندات سياسية واقتصادية وأمنية، تحت غطاء «الفوضى» أو «الهلع»، كما الحاصل اليوم مع انتشار فيروس «كورونا» المستجد. وهذا يحيل إلى النظر مجدداً بالتغطية الإعلامية لحملة الإقبال على السلاح لدى الأميركيين.
استخدمت معظم المحطات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية تسجيلاً وصوراً أخذت لمتجر واحد أمامه عشرات (أو أقل) من الأميركيين، في ولاية لوس أنجلوس، وتضمنت تقارير بعضها مثل «9NewsSydney»، جملة من أحد المشترين المفترضين. المتجمهرون أمام المتجر نفسه قالوا لوسائل إعلام محلية إن «السياسيين المعادين لانتشار الأسلحة النارية، أخبرونا لمدة طويلة أننا لا نحتاج إلى البنادق... أما الآن، فكثير من الناس خائفون، ويمكنهم اتخاذ هذا القرار بأنفسهم».
تزامن ذلك مع حديث غريب لنجل الرئيس، دونالد ترامب جونيور، مطلع الأسبوع الماضي، قال فيه إن «أصدقاءه الديموقراطيين» تواصلوا معه ليسألوه عن الأسلحة التي يجب عليهم شراؤها، قبل أن يضيف (عن الأسلحة): «لن تعتقد أنك تحتاج إليها حتى تكون في حاجة إليها».
الحديث عن انتشار السلاح أخذ بعداً انتخابياً أيضاً هذا الأسبوع، إذ قالت مجموعة «Everytown» لمراقبة الأسلحة، تزامناً مع المناظرة الانتخابية: «ملايين الأطفال والمراهقين سيبقون في منازلهم على مدار الأسابيع القليلة المقبلة، وسيكون بعضهم في المنزل مع أسلحة محشوّة وغير آمنة».
الأحد أيضاً، طلب الرئيس ترامب من الأميركيين أن «يسترخوا» تعليقاً على حالات «الشراء بسبب الذعر»، ووفق تعليق لافت لشبكة «سكاي نيوز»، فإن «من غير الواضح ما إذا كان هذا يشمل الأشخاص الذين يشترون مزيداً من الأسلحة».