فاز حليف الأميركيين، أشرف غني، بولاية رئاسية ثانية في أفغانستان، وفق النتائج النهائية للانتخابات التي جرت في 28 أيلول/ سبتمبر. ومن شأن إعلان النتائج، بالصورة التي آلت إليها، أن يضفي مزيداً مِن التعقيد على المشهد الأفغاني، وخصوصاً بعد إعلان رئيس السلطة التنفيذية، عبد الله عبد الله، فوزه، ووعده بتشكيل حكومة موازية، وأيضاً في ظلّ معارضة «طالبان» فوز غني كونه «يعارض جهود المصالحة»، بينما تتّجه الحركة إلى توقيع اتفاق سلام مع واشنطن، يفترض أن يمهِّد الطريق أمام إطلاق عملية تفاوض أفغانية داخلية، تحدّد الدور السياسي الذي ستضطلع به الحركة الأفغانية في المستقبل، وتناقش مآلات إنهاء الاحتلال الأميركي بعد 19 عاماً على الغزو.
وعد رئيس السلطة التنفيذية بأنه سيشكّل حكومة موازية

وتأجّل إصدار النتائج لنحو خمسة أشهر، بعدما تحدّث رئيس السلطة التنفيذية، وهو خصم غني الأبرز، عن تزوير استدعى إعادة فرز الأصوات. تأجيلٌ أدخل أفغانستان في أزمة سياسية، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى إبرام اتفاق مع «طالبان» يفضي إلى بدء انسحاب تدريجي للقوات الأميركية، تمهيداً لإطلاق محادثات سلام أفغانية. وبموجب الفرز الجديد، حصل غني على نسبة 50.64 في المئة من الأصوات، بينما حلّ نائبه السابق ومنافسه الرئيس، عبد الله عبد الله، في المركز الثاني بحصوله على نسبة 39.52 في المئة، وفق مفوضية الانتخابات التي ألغت مليون صوت مِن 2.7 مليون جرّاء مخالفات، ما يعني أن الانتخابات الرابعة منذ الغزو الأميركي شهدت أقلّ نسبة مشاركة في أيّ اقتراع جرى في أفغانستان. وفي النتيجة، لم يتمّ احتساب سوى 1.8 مليون صوت، وهو عدد ضئيل مقارنة بعدد سكان أفغانستان البالغ 35 مليوناً ومجموع الناخبين المسجّلين (9.6 ملايين). تعليقاً على هذه النتائج، أكد عبد الله أنه فاز بالانتخابات الرئاسية التي جرت السنة الماضية، رافضاً النتائج التي أعلنت فوز غني، ووعد بأنه سيشكّل حكومة موازية، تنفيذاً لتهديد كان قد تحدّث عنه فريق عبد الله أخيراً. وقال، في مؤتمر صحافي في كابول، إن «فريقنا، واستناداً إلى الأصوات التي لا لبس فيها والأصوات البيومترية، هو الفائز ونعلن فوزنا. إن المزوّرين هم عار على التاريخ، ونعلن حكومتنا الشاملة». وتعيد هذه النتيجة إلى الأذهان أصداء نتيجة انتخابات عام 2014 عندما زعم كلّ من غني وعبد الله قيام الآخر بعمليات تزوير واسعة النطاق، ما دفع الولايات المتحدة إلى التوسّط في ترتيب غير مفهوم لتقاسم السلطة بين الخصمين، جعل غني رئيساً، وعبد الله رئيساً تنفيذياً.
من حيث التوقيت، يجيء إعلان النتيجة توازياً مع التوصّل إلى اتفاق مبدئي بين واشنطن و«طالبان»، يفترض أن تجرى مراسم توقيعه في الدوحة نهاية الشهر الجاري. وهي مفاوضات جرت وسط معارضة حكومة كابول التي ترفض انسحاب الأميركيين، وتخشى مِن أيّ اتفاق يمكن أن يعزّز موقع الحركة في السلطة. إلا أن غني تَحوّل بين عشيّة وضحاها من رافض لعملية التفاوض إلى ناطق باسمها، وخصوصاً بعدما نسب الفضل لنفسه في إحراز «تقدّم ملموس»، متحدّثاً عمّا قال إنه «موقفنا المبدئي في شأن السلام» الذي بدأ «يؤتي نتائج مثمرة».