من جهة أخرى، نشرت «وول ستريت جورنال» تقريراً أشارت فيه إلى استخدام البيت الأبيض قناة سويسرية خلفية لتوجيه رسالة إلى طهران، يحثّها فيها على عدم التصعيد، وذلك بعد ساعات من الغارة الجوية الأميركية التي قتلت سليماني، كاشفة أن البيت الأبيض والمسؤولين الإيرانيين واصلوا تبادل الرسائل المهمّة خلال الأيام التي تلت إيصال الرسالة الأولى. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي رفيع المستوى قوله: «نحن لا نتواصل مع الإيرانيين كثيراً، ولكن السويسريين يؤدّون دوراً مهماً في نقل الرسائل وتجنّب سوء التقدير». من جهته، قال المتحدث باسم البعثة الإيرانية الأممية: «نحن نقدّر للسويسريين الجهود التي يبذلونها لتوفير قناة فعّالة لتبادل الرسائل متى كان ذلك ضرورياً». وأضاف: «في الصحراء، قطرة واحدة من الماء تكون مهمّة».
استخدم البيت الأبيض قناة سويسرية خلفية ليطلب من طهران عدم التصعيد
وأوضح مسؤولون أميركيون أن الرسالة الأميركية الأولى جاءت مباشرة بعد تأكيد استشهاد سليماني، وقد «وصلت عبر جهاز فاكس مشفّر يتم الاحتفاظ به داخل غرفة مغلقة في مقرّ البعثة السويسرية للاتصال بالمسؤولين الإيرانيين»، قبل أن يقوم السفير السويسري، ماركوس ليتنر، بتسليمها إلى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف. ومع أن هذه هي الطريقة الثابتة، منذ الثورة الإيرانية عام 1979، في تبادل الرسائل، إلا أن ظريف بدا منزعجاً من الرسالة الأخيرة، ولكن ليتنر ظلّ يربط بين الطرفين. وعلى رغم جهود هذا الدبلوماسي السويسري، الذي يزور واشنطن بانتظام ويعقد اجتماعات مع البنتاغون ووزارة الخارجية ومسؤولي الاستخبارات ليعرّفهم بالسياسة الإيرانية، فإن البيت الأبيض والمسؤولين الإيرانيين ظلّوا يتبادلون التصريحات النارية في العلن. وأكد مسؤول في إدارة ترامب أن «السويسريين، عندما كانت التوترات مع إيران عالية، قاموا بدور مفيد وموثوق فيه يُقدّره كلا الجانبين».
يُذكر أن دور السفارة السويسرية كوسيط دبلوماسي امتدّ لأربعة عقود وسبع رئاسات، بما في ذلك خلال أزمة الرهائن التي وقعت زمن رئاسة جيمي كارتر، وخلال المفاوضات النووية التي أجراها باراك أوباما. وفي هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى أن السويسريين ظلّوا يمثّلون خطّ تواصل بين الولايات المتحدة وإيران منذ عام 1980، بعد احتجاز 52 رهينة في السفارة الأميركية في طهران، وساعدوا على إيصال الرسائل بعد غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003 لتجنّب الاشتباكات المباشرة، كما استضافوا المحادثات التي أسفرت عن الاتفاق النووي. وقال سفراء سويسريون سابقون لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إن قناتهم الدبلوماسية الخلفية ناجحة، لأن كلّاً من إيران والولايات المتحدة يمكنهما أن تثقا في أن الرسالة سيتمّ تسليمها بسرعة وبثقة. ويعمل الدبلوماسيون السويسريون، حالياً، على إقناع واشنطن بالموافقة على قيام المصارف السويسرية بتمويل الواردات الإيرانية التي لا تخضع للعقوبات مثل الغذاء والدواء.