يعيش الملف الإيراني، أميركياً، حالة جمود وفتور، حيث قلّ الاهتمام في واشنطن، خلال الأيام الماضية، نتيجة المراوحة وعدم القدرة على تحقيق اختراق وإنجاز. حتى التحالف الأمني الذي دعت إليه الإدارة الأميركية الدول لتأمين الملاحة في الخليج، لا يزال يعاني من التعثّر وصعوبة أن يخرج بالصورة التي رسمتها واشنطن، بل على هيئة «مهمة بحرية» محدودة.لكن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عاد أمس للتعليق حين تطرّق إلى وساطة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون. وهاجم ترامب نظيره الفرنسي بسلسلة تغريدات، معتبراً أنه يرسل «إشارات متضاربة» إلى طهران في شأن احتمال إجراء محادثات. ورفض تحدّث ماكرون باسم واشنطن في هذا الإطار، قائلاً: «أعلم أن إيمانويل يقصد خيراً... شأنه شأن الآخرين... لكن لا أحد يتحدث نيابة عن الولايات المتحدة سوى الولايات المتحدة نفسها»! لم توضح تغريدات ترامب سبب الموقف المفاجئ من ماكرون، كما لم تخرج تعليقات رسمية حتى ليل أمس من البيت الأبيض، لتفسير ما إذا كان الرئيس الأميركي ينوي التصعيد مجدداً ضد طهران، أم يضغط باتجاه الحل. لكن الانطباع الأولي عن التصريحات يوحي بفشل المبادرة الفرنسية التي يقودها ماكرون وعدم قدرتها على تحقيق أي اختراق، وهو ما يطرح أسئلة في شأن استمرار تفاوض محصور بين الإيرانيين والأوروبيين من عدمه، بعدما كانت فكرة ماكرون تقوم على أساس الحل الأشمل بين الجميع بما يشمل الأميركيين.
إقليمياً، لا تزال الأنظار متجهة صوب الرياض لمعرفة ما إذا ما كانت ستقدم على خطوات جديدة بعد انتهاء موسم الحج، سواء باتجاه طهران كحليفتها الإمارات، أو ضدها بتصعيد جديد، وهي التي تعيش بين خيبتها من الموقف الأميركي ورغبتها في تصعيد المواجهة مع إيران. في هذا الإطار، يفترض بالاتصال الذي جمع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أول من أمس، أن يقدّم إجابات على الموقف السعودي. وبحسب ما أعلنت الخارجية الأميركية، فإن المحادثة الهاتفية ناقشت ملفّات الأمن البحري وإيران واليمن، وتطرّقت إلى «تطورات ثنائية وإقليمية... بما فيها مواجهة أنشطة النظام الإيراني المزعزعة للاستقرار».
في غضون ذلك، وعلى خلفية استضافة البحرين اجتماعاً حول أمن الملاحة نهاية الشهر الماضي، هاجمت الخارجية الإيرانية المنامة، معتبرة الخطوة «استفزازية»، بينما أشاد وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، في اتصال مع نظيره القطري خالد بن محمد العطية، بـ«حكمة القيادة القطرية في إدارة أزمتها مع دول الجوار». كما أجرى حاتمي، أمس، اتصالات مع نظيريه الكويتي والعماني، حذّر فيها من التحالف العسكري الذي تسعى الولايات المتحدة إلى إنشائه، ومشاركة إسرائيل في هذا التحالف، معتبراً أنه سيؤدي إلى «مزيد من فلتان الأمن في المنطقة».
في الأثناء، قدّمت موسكو فكرة بديلة من التحالف الذي تنادي به واشنطن، من خلال دعوتها إلى إقامة «تحالف أمني جماعي» في الخليج، وذلك في اقتراح مكتوب يدعو إلى الاستقرار وزّعته على أعضاء مجلس الأمن الدولي، جاء فيه أن «روسيا تعتقد أن إقامة نظام أمني في منطقة الخليج أمر ضروري لتعزيز الجهود الدبلوماسية والسياسية في المنطقة».