في أول خطوة من نوعها في سياق محاسبة الضالعين في الانقلاب الفاشل الذي نفذته المعارضة المدعومة أميركياً قبل حوالى عشرة أيام، اعتقلت الاستخبارات الفنزويلية في وقت متأخر من أول من أمس، نائب رئيس الجمعية الوطنية إدغار زمبرانو (نائب خوان غوايدو). وقال رئيس الجمعية التأسيسية، ديوسدادو كابيلو، بعد الاعتقال، إنه «ألقي القبض على أحد مدبري الانقلاب الرئيسيين»، مضيفاً إنه «يتعين عليهم أن يدفعوا أمام القضاء ثمن محاولة الانقلاب الفاشلة التي قاموا بها». وقوبلت هذه الخطوة بالاستنكار من قِبَل غوايدو ودول من أميركا اللاتينية، فيما لجأت واشنطن إلى التحذير من «عواقب» في حال عدم الإفراج عن زمبرانو. ومن على موقع «تويتر»، قال غوايدو: «نبلغ شعب فنزويلا والمجتمع الدولي بأن النظام خطف النائب الأول لرئيس الجمعية الوطنية»، مضيفاً: «يحاول النظام تدمير القوة التي تمثل جميع الفنزويليين، لكنه لن ينجح في ذلك». بعد غوايدو، خرجت السفارة الأميركية لدى فنزويلا، التي تتخذ حالياً من واشنطن مقراً لها، لتعلن أن «الاعتقال التعسفي لزامبرانو غير قانوني ولا عذر له». وأضافت في تغريدة إن «مادورو وأعوانه هم المسؤولون مباشرة عن أمن زمبرانو. وإذا لم يتم الإفراج عنه فوراً، فستكون هناك عواقب». كذلك، سارعت كولومبيا إلى التنديد بالاعتقال، وطالبت كاراكاس بالإفراج عن زامبرانو فوراً. وهو ما تبنّته الأرجنتين أيضاً، مُحمّلة كاراكاس المسؤولية عن سلامة زمبرانو وصحته.
وفي سياق المحاسبة أيضاً، وجهت المحكمة العليا الفنزويلية الاتهام بالخيانة العظمى والتآمر إلى ثلاثة نواب في الجمعية التأسيسية لدعمهم انقلاب غوايدو. وبذلك يكون قد ارتفع عدد النواب المعارضين الذين وُجّهت إليهم اتهامات بدعم غوايدو إلى عشرة، وذلك بعد اتهام سبعة آخرين. وبعد فترة وجيزة من الإعلان عن اعتقالهم، جرّدت الجمعية النواب السبعة من الحصانة البرلمانية.
«واشنطن بوست»: انتقد ترامب نهج جون بولتون تجاه فنزويلا


من جهته، حذّر الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، من «تصعيدٍ عسكري» محتمل مع كولومبيا المجاورة، وذلك بعد اتهامات وجّهتها بوغوتا لكاراكاس بإيواء مسلحين يساريين على أراضيها. وفي خطابٍ له أمام أنصاره أمس، قال مادورو: «هناك تصعيد في التصريحات التي يمكن أن تنتهي بتصعيد عسكري على الحدود يتعلق بقوات كولومبيا الإجرامية ضد فنزويلا». وأضاف: «كل ما يحصل جزء من الخطة الإمبريالية الأميركية». خطاب مادورو جاء بعد شكوى تقدمت بها كولومبيا في شأن «استفزازات متكررة»، إذ زعمت «تسلل نحو 30 جندياً فنزويلياً إلى أراضيها». أما بخصوص الإصلاحات التي كان قد وعد بها في وقت سابق، فقد أعلن مادورو أن الحكومة «تبذل قصارى جهدها للتحرر من الدولار الأميركي». وأضاف: «نحن نحرر أنفسنا من الحبال التي تربطنا، ومن الابتزاز، من الدولار كآلية تسديد مالية. تجرى عملية تاريخية عظيمة، عندما يقول الشعب للعالم: نعم، يمكن الإنتاج ويمكن العيش والعمل من دون الدولار، ودون المنظومة المالية الأميركية». كما أشار إلى أن واشنطن تلاحق في الوقت الراهن بلاده، اقتصادياً ومالياً، وذلك بهدف استعمارها، مستدركاً: «لكنهم لم يستطيعوا ولن يتمكنوا من القيام بذلك، لأننا نمر بعملية تحرر وطني».
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أن الرئيس دونالد ترامب «انتقد نهج مستشاره للأمن القومي جون بولتون تجاه فنزويلا، بعد فشل محاولة إطاحة مادورو». وفي تقريرٍ نشرته أمس، نقلت الصحيفة عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إن ترامب «أبدى شكوكه بشأن الاستراتيجية القاسية التي تنتهجها إدارته إزاء فنزويلا، وحمّل المقربين منه المسؤولية عن تضليله بشأن سهولة إسقاط مادورو». كما نقلت عن مصادر إشارتها إلى أن «انتقادات ترامب ركزت على بولتون»، وما وصفه الرئيس الأميركي بـ«الموقف التدخلي»، حيث جدد رئيس الدولة اقتناعه بأن من الأفضل لواشنطن أن تبقى بعيداً عن «المستنقعات الأجنبية»، و«انتقد رغبة بولتون في جرّه إلى الحرب».
وأكد المسؤولون التزام ترامب بحلّ قضية فنزويلا منذ أول أيام رئاسته، كـ«دليل على أن الرئيس لا يعوّل على حسم سريع»، وفق الصحيفة. ونقل المسؤولون عن ترامب قوله إن مادورو «رجل صلب» ولم يكن على إدارته إقناعه بأنه سيسقط نتيجة لدعوة غوايدو إلى تظاهرات واسعة في بلاده. وقال مسؤول مطلع على سياسة واشنطن تجاه كاراكاس إن ترامب أعرب عن قلقه من أنه «أُجبر على مغادرة المنطقة المألوفة وحُشر في الزاوية، نتيجة لتصرفات بولتون». وختمت الصحيفة بالقول إنه «وعلى الرغم من أن موقف واشنطن الرسمي لم يتغير في ظلّ التطورات الأخيرة، إلا أن المسؤولين الأميركيين ازدادوا تحفظاً في توقعاتهم بشأن انهيار حكومة مادورو، ويعيدون النظر في إمكانية الرحلة الدبلوماسية الطويلة».