فوز دو إيغواسو | تسارعت الأحداث الداخلية في فنزويلا على وقع قرار المجلس الدستوري الذي أسقط الحصانة البرلمانية عن زعيم المعارضة، خوان غوايدو، ودعوة القضاء إلى البتّ في القضايا المتراكمة عليه. قرار أشعل غضب الجانب الأميركي الذي اعتبر، على لسان السيناتور ماركو روبيو، أن المؤسسة المعنية لا تملك الشرعية اللازمة لاتخاذ مثل ذلك القرار. هذا التصعيد يأتي قبل أيام قليلة على الموعد الذي حددته المعارضة لإطلاق احتجاجات واسعة في كاراكاس وعدد من الولايات الفنزويلية. ويؤكد مصدر فنزويلي مطلع لـ«الأخبار» أن هذه الإجراءات ضد خوان غوايدو لم تكن لتحدث لولا التنسيق المباشر مع الحلفاء، الذين تفهّموا حاجة كاراكاس إلى التغلّب على نقاط التوتر التي زرعتها واشنطن في الداخل الفنزويلي. تدرك الحكومة الفنزويلية أن غوايدو لا يمثّل أداء المعارضة بمفهومها الداخلي. لكنه يشكل معادلة فرضتها واشنطن وتعاطت معها كاراكاس بحذر شديد. وعليه، غضّت المؤسسة العسكرية النظر عن تحركاته الداخلية وانتحاله صفة الرئاسة وقيامه بجولات خارجية. ذلك أن القرار الحكومي كان يستهدف امتصاص الأزمة بقدر من المسؤولية والحكمة، بالإضافة إلى إعطاء الجهود الدبلوماسية فرصة قد تنتج حواراً سياساً داخلياً يقي البلاد شرّ الصراع.
يوضح المصدر الفنزويلي المطلع أن التصعيد الجديد في الأزمة الفنزويلية جاء بعد استنفاد كل الجهود والصبر على تهور المعارضة، وارتهانها الكامل للإرادة الأميركية التي فرضت عقوبات شاملة على الشعب الفنزويلي، وتستمر في تدخلاتها المباشرة عبر التحريض على الحرب الأهلية واستهداف مراكز الطاقة والمياه. ويقول المصدر إن الإجراءات التي طاولت غوايدو ستفتح الباب واسعاً أمام توقيفه في الأيام القليلة المقبلة. توقيف ترى الحكومة الفنزويلية أنه سيشكل صفعة للنفوذ الأميركي المباشر في كاراكاس، وسيحدّ من تدخلها في إشعال الساحة المحلية، خصوصاً بعد توافر معلومات مؤكدة عن أن الاحتجاجات المزمع تنظيمها في 6 نيسان/ أبريل الحالي تهدف إلى إنشاء حالة من الفوضى في العاصمة، تتبعها توترات على الحدود الكولومبية الفنزويلية التي ستأخذ طابع حرب عصابات، بعدما كُشف عن تدريب آلاف المعارضين وتسليحهم.
مصدر مطلع لـ«الأخبار»: روسيا أخذت علماً مسبقاً بالإجراءات التي طاولت غوايدو

وتتحدث المصادر عن جاهزية واشنطن للمساعدة اللوجستية في إثارة الاضطرابات وإحراج المؤسسات الأمنية التي قد تجد نفسها مضطرة إلى استخدام العنف أمام موجة التخريب المنظمة، وتحويل فنزويلا إلى ساحات تقاتل لتبرير التدخل الخارجي والضغط على دول الجوار للتعامل مع الأزمة الفنزويلية على أنها أزمة أمن قومي.
هذه المعلومات تقاطعت مع دعوة القيادية في المعارضة الفنزويلية، ماريا كورينا ماشادو، إلى المضي قدماً في التحركات المناهضة للحكومة، ومطالبة المعارضة الدول المعنية بإنقاذ فنزويلا عبر تدخل عسكري حاسم. ماشادو رأت أن الانتظار لم يعد في مصلحة المعارضة، وأن التراخي في هذه الأزمة سيشدّ من عضد الحكومة الحالية وينهي ما وصفته بـ«آمال الشعب الفنزويلي».
تسارع الأحداث جاء بعد تصعيد في حدة الخطاب بين روسيا والولايات المتحدة، الأسبوع الفائت، على وقع وصول الخبراء العسكريين الروس إلى كاراكاس. واشنطن اعتبرت أن موسكو تحاول الاستفادة من الأزمة عبر تسللها إلى الداخل الفنزويلي، ودعتها إلى سحب عسكرييها فوراً تحت طائلة اتخاذ مختلف الإجراءات المتاحة للرد على هذه الخطوة. موسكو، من جهتها، أكدت أن قرار بقاء الخبراء مرهون بالموقف الحكومي الفنزويلي الشرعي، ووصفت التهديد الأميركي بالانفعال الناجم عن الفشل في إسقاط الرئيس نيكولاس مادورو.
في هذا الإطار، يؤكد المصدر الفنزويلي المطلع أن روسيا أخذت علماً مسبقاً بالإجراءات التي طاولت زعيم المعارضة، بعدما اطلعت على المعلومات الاستخبارية التي تشير إلى خطورة الخطوات التي يقوم بها غوايدو بناءً على تعليمات الإدارة الأميركية، وأن القيادتين العسكرية والسياسية في فنزويلا قد نفد صبرها على تحمّل الاعتداءات اليومية والتحريض الداخلي الذي بات يشكل خطراً على الأمن الداخلي للبلاد. ويكشف المصدر أن روسيا تشارك الحكومة الفنزويلية قلقها، وأنها لن تتهاون في الدفاع عن مصالح شركائها مهما كانت النتائج.