للمرة الثانية، رفض مجلس العموم البريطاني، مساء أمس، اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) المعدّل، والمقدّم من رئيسة الوزراء تيريزا ماي، التي مُنيت بهزيمة كانت متوقّعة. وظلّت «خطة المساندة» هي المعضلة التي دفعت النواب إلى رفض الاتفاق بغالبية 391 صوتاً مقابل 242، بعدما أخفقت محادثات «الساعات الأخيرة» التي أجرتها ماي مع زعماء الاتحاد، أول من أمس، في التأثير بقرار النواب، وذلك على الرغم من أن المحادثات التي جرت في ستراسبوغ، حصلت زعيمة «المحافظين» من خلالها على ضمانات قانونية من الاتحاد الأوروبي بأن تكون «خطة المساندة مؤقتة»، بهدف طمأنة معارضي هذه الخطة في صفوف حزب «المحافظين»، وتبديد مخاوف المنتقدين.وقبل بدء التصويت، حضّ رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، النواب البريطانيين على تأييد اتفاق «بريكست» الذي أُدخِلَت ضمانات قانونية عليه حظيت بموافقة رئيسة الوزراء البريطانية. وتضمنت التسوية تعديلات تؤكد قدرة لندن على الخروج مما يُسمى «شبكةَ الأمان» التي تضمن حدوداً إيرلندية مفتوحة. وقالت ماي إن «الضمانات تنشئ قناة تحكيم في أي نزاع بشأن الترتيب الخاص بإيرلندا الشمالية، وترسّخ على نحو ملزم قانوناً الالتزامات القائمة بأن يكون هذا الترتيب مؤقتاً، ويلزم المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ببدء العمل على استبدال إجراءات أخرى به، بحلول كانون الأول/ ديسمبر 2020».
جدّد جيريمي كوربن الدعوة إلى انتخابات مبكرة


وأشارت رئيسة الوزراء إلى أن «البرلمان أمام خيارين: إما أن يدعم اتفاق بريكست، أو يواجه خطر الخروج من دون اتفاق»، وأضافت أنها «ستعطي فرصة التدخل للجميع»، معتبرة أن التأجيل المحتمل للانسحاب لن يغير النقاش أو المسائل التي تحتاج إلى تسوية، بل سيكون «تسليماً» للسيطرة إلى بروكسل، وحذرت من أن يحدّد الاتحاد المدى الزمني ويفرض شروط التمديد، ما يعني عدم الوفاء بتوقعات الذين صوّتوا من أجل الانسحاب أو التحرك غداً نحو إجراء استفتاء ثانٍ. أما، زعيم المعارضة «العمّالية»، جيريمي كوربن، فوجّه رسالة إلى أعضاء حزبه برفض الاتفاق المعدّل، قائلاً إن «الاتفاق لا يتضمن أي تغييرات جوهرية، ولا ينهي حالة عدم اليقين التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من سنتين».
في المقابل، حذّر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، ميشال بارنييه، النواب من «الوهم الخطير» بأنهم يمكن أن يستفيدوا من اتفاق على فترة انتقالية من دون وجود اتفاق خروج، وأضاف: «دعوني أكُنْ واضحاً، إن الأساس القانوني الوحيد للانتقال هو اتفاق على الانسحاب. وعدم وجود اتفاق انسحاب يعني عدم وجود مرحلة انتقالية».
وعلى الرغم من أن النتيجة غير «مفاجئة» لماي، أو للبريطانيين، إلا أنه عقب التصويت بدت رئيسة الوزراء في حيرة من أمرها، وأعربت عن خيبة أملها، قائلة إن مجلس العموم سيصوّت الأربعاء (اليوم) على الخروج من التكتّل من دون اتفاق، وإذا رفض المغادرة بلا اتفاق فسيجري التصويت الخميس (غداً) على تمديد فترة الخروج. وبوجه شاحب وصوت خافت، أضافت ماي أنها «تفضل مغادرة الاتحاد الأوروبي بناءً على اتفاق، وهناك ضرر لو غادرنا دونه. سنطلب تمديد فترة الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة».
بدوره، استغلّ كوربن الأحداث لتوبيخ ماي، إذ رأى أن الحكومة تعرّضت لـ«هزيمة جديدة بغالبية كبيرة، وأن الاتفاق أصبح ميتاً»، ودعا إلى انتخابات عامة مبكرة. وأكد كوربن أن «العمال» سيقدم مشروعاً خاصاً به حول شروط الانسحاب.
على الصعيد الأوروبي، وفي ردّ فعل سريع، قال متحدث باسم رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، إن رفض مجلس العموم البريطاني للمرة الثانية الاتفاق «زاد بشكل كبير خطر الخروج من دون اتفاق». وأضاف توسك: «نأسف لنتيجة التصويت، لقد فعل الاتحاد الأوروبي كلّ ما يمكن للتوصل لاتفاق، ومن الصعب معرفة ما يمكننا أن نفعله أكثر من ذلك»، مشيراً إلى أنه «إذا قدمت المملكة المتحدة طلباً منطقياً للتمديد، فإن دول الاتحاد السبع والعشرين ستدرس ذلك وتقرره بالإجماع».