مع تراجع زخم «السترات الصفر» في فرنسا بعد حوالى سبعة أسابيع من انطلاقها، بدأ ظهور الإرهاق على الحركة، خصوصاً مع اعتقال أكثر من ألف شخص منذ بداية الاحتجاجات. وأول من أمس، اعتقلت الشرطة أحد أبرز قياديي «السترات الصفر»، إريك درويه، بتهمة «تنظيم تظاهرة غير مصرّح بها وسط باريس»، الأمر الذي أثار جدلاً للاشتباه في وجود دافع سياسي خلف التحرك الأمني، فانتقد أنصار الحركة والمعارضة القبض عليه. وذكرت النيابة العامة أن درويه ملاحق قضائياً بتهمة «حمل السلاح» في تظاهرة سابقة، وتم توقيفه الشهر الماضي بعد العثور بحوزته على «هراوة خشبية» في إحدى التظاهرات. ودرويه (33 عاماً)، الذي أوقف أثناء توجهه إلى جادة الشانزيليزيه في العاصمة الفرنسية التي شهدت صدامات عنيفة الشهر الماضي، هو سائق شاحنة يظهر على التلفزيون كمتحدث باسم «السترات الصفر»، وكان قد دعا إلى التظاهر عبر فيديو نشره على موقع «فيسبوك»، وهو ما اعتبرته السلطات «تنظيم فعالية احتجاجية دون تصريح رسمي».وأثار زجّ العشرات من عناصر شرطة مكافحة الشغب به في سيارة للشرطة ردود فعل متباينة. وكان أول من استغل هذه الفرصة الزعيم اليساري جان لوك ميلانشون، إذ كتب على موقع «تويتر»: «مرة أخرى يتم اعتقال إريك درويه. لماذا؟ استغلال للسلطة. شرطة مُسيّسة تستهدف وتضايق قادة حركة السترات الصفر». لكنّ رد باريس الرسمي أتى فوراً على لسان وزير الاقتصاد برونو لومير، الذي قال إن مثل هذه الاعتقالات «تندرج ضمن معايير احترام دولة القانون»، مضيفاً: «طبيعي عند خرق قوانين الجمهورية أن تواجه العواقب». وسيمثل درويه أمام المحكمة في الخامس من الشهر الجاري، بتهمة «حمل السلاح من الفئة ـــ د»، وفقاً لما أكده مصدر قضائي لوكالة «فرانس برس».
في السياق، قال مسؤول الشؤون الإعلامية الخاص بالرئيس الفرنسي سيلفان فور، إنه سيستقيل من منصبه في مؤشر على أن موجة من الفضائح السياسية واحتجاجات الشوارع بدأت تمس دائرته المقرّبة بعد عام ونصف فقط من توليه الرئاسة. وقال وزراء في الحكومة إن سيلفان فور، الذي صاغ رسائل حملة ماكرون الانتخابية وكتب بعضاً من أهم الكلمات التي ألقاها، سيترك قصر الإليزيه «لأسباب شخصية». ونقلت «فرانس برس» عن فور قوله إنه «بعد عامين ونصف عام من العمل الدؤوب في خدمة المرشح وبعد ذلك الرئيس، آمل أن أتابع مشروعاتي المهنية والشخصية الأخرى وقبل كل شيء أخصص المزيد من الوقت لأسرتي».
استقالة فور تأتي بعد رحيل المستشار السياسي لماكرون نهاية العام الماضي ليقود الحملة الانتخابية للحزب الحاكم في البرلمان الأوروبي. وسرت شائعات في الإعلام الفرنسي عن أن مستشارين آخرين مقربين من الرئيس ربما يستعدون أيضاً للرحيل. ويزعم مساعدو ماكرون، في حوارات خاصة، أن وتيرة الإصلاحات والنشاط المفرط للرئيس وزياراته الخارجية الكثيرة من ضمن الأسباب التي بدأت تؤثر حتى على أكثر المخلصين له. وفي كلمة كان ألقاها بمناسبة العام الجديد، تعهد ماكرون، الذي سجلت شعبيته تراجعاً قياسياً، بالمضي قدماً في تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادي، وقال «في الأعوام القليلة الماضية انخرطنا في إنكار صارخ للواقع. لا يمكننا أن نعمل أقل ونكسب أكثر، لا يمكن خفض الضرائب وزيادة الإنفاق».