أعلن البيت الأبيض عن «استراتيجية وطنية جديدة للأمن الإلكتروني» تسمح للولايات المتحدة بالردّ على أي هجمات رقمية، من دون أن يقتصر هذا الردّ على الفضاء الإلكتروني، بحسب الخطة المعلنة. تندرج الاستراتيجية التي أكدت الإدارة الأميركية أنها تستهدف «الردع» تحت بنود وثيقة الأمن القومي التي أصدرها البيت الأبيض في كانون الأول/ ديسمبر الماضي. اعتمدت هذه الوثيقة على أربع «ركائز»، وهي: حماية الوطن، وتعزيز الرفاهة الأميركية، وتوسيع نطاق النفوذ الأميركي، وتحقيق «السلام عبر القوة».
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، نقلاً عن مصادر حكومية، إنّ الاستراتيجية تسمح لوكالات الولايات المتحدة بشنّ عمليات الكترونية من دون أن يتطلب ذلك مساراً طويلاً للموافقة، بشرط أن تندرج هذه العمليات تحت خانة «استخدام القوة»، ولا يسفر عنها موت أو دمار كبير.
يأتي الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة قبل أقل من شهرين من انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس (السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر)، إذ يتوقع مسؤولو الاستخبارات الأميركيون مواجهة وابل من الهجمات الرقمية. كما يأتي في أعقاب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلغاء قواعد حدّدها سلفه باراك أوباما للعمليات الإلكترونية.

الردّ لن يقتصر على الفضاء الإلكتروني
أكد مستشار الأمن القومي، جون بولتون، أن هذه الخطة هي أول استراتيجية إلكترونية مفصلية بالكامل خلال السنوات الـ15 الماضية، وأنها قد دخلت الآن حيّز التنفيذ. وأضاف أنه يجب «على أيّ دولة تقوم بنشاط إلكتروني ضد الولايات المتحدة، أن تتوقّع أننا سنردّ بطريقة هجومية ودفاعية»، مشدداً بصورة لافتة على أن «الرد على الهجمات الإلكترونية لن يتمّ بالضرورة في الفضاء الإلكتروني».
وتابع بولتون بالقول: «لقد أجزنا تنفيذ عمليات إلكترونية هجومية من خلال عملية تنسيق وردت في أمر رئاسي جديد... من مصلحتنا القومية أن نفعل ذلك ليس لأننا نرغب في المزيد من العمليات الهجومية في الفضاء الإلكتروني، بل لتشكيل أساس الردع الذي سيوضح لأعدائنا أن كلفة ضلوعهم في عمليات ضدنا أعلى مما يقتضي عليهم تحمله».
المسؤول الأميركي قارن بين القواعد السابقة للعمليات الإلكترونية، قائلاً: «أيدينا لم تعد مكبّلة كما كانت أيام إدارة أوباما».
وأشار بولتون إلى الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا على أنها «مصادر رئيسية للتهديدات»، قائلاً إن «الأميركيين وحلفاءنا يتعرضون كل يوم للهجوم في الفضاء الإلكتروني».
ووفقاً لبولتون، فإنّ التدخلات العدائية تستهدف كل شيء، من البنية التحتية الأميركية إلى البيروقراطية الحكومية، فضلاً عن الشركات والانتخابات. ومن بين تلك التدخلات، قرصنة حواسيب الحزب الديموقراطي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، وهي عملية نُسبت إلى عملاء روس.

فرض الكلفة
من جهته، قال البنتاغون إن جهود الولايات المتحدة على الجانب الدفاعي ستشمل «تقوية الشبكة» وتحسين الأمن الإلكتروني، في وقت أشار فيه وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إلى أن الوزارة «استخدمت سلطاتها من أجل فرض كلفة على روسيا وكوريا الشمالية وإيران وغيرها بسبب مجموعة واسعة من السلوكيات».
بدورها، شدّدت وزيرة الأمن الداخلي الأميركي، كيرستين نيلسن، على أنها ستدفع باتجاه «تحديث قوانين المراقبة الإلكترونية وجرائم الكمبيوتر، بهدف مواكبة البيئة السريعة التطوّر»، مضيفةً أن «الجماعات الإجرامية العابرة للحدود تستخدم أدوات رقيمة وتقنيات معقّدة بشكل متزايد».
أما وزارة الخارجية الأميركية، فركّزت على زيادة الجهود لبناء أمن إلكتروني في الدول الحليفة «بسبب الطبيعة المتداخلة للفضاء الإلكتروني». وقالت الوزارة: «عندما يحسّن شركاؤنا ممارسات الأمن الإلكتروني، فإنّ ذلك يجعل دولاً أخرى، من بينها الولايات المتحدة، أكثر أماناً ومقاومة للتهديدات الإلكترونية».