اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم، أن قادة الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل «معزولون» في موقفهم من بلاده، فيما أعرب الأوروبيون عن تصميمهم على حماية المؤسسات الأوروبية الناشطة في إيران، قبيل بدء تطبيق العقوبات التي أعلن مسؤولون أميركيون، أن تطبيقها الذي يبدأ غداً يهدف إلى «تعديل سلوك إيران» و«كبح جموح طموحاتها الإقليمية».
ظريف: التفاوض مع ترامب صعب
أكّد ظريف أن «العالم بأسره أعلن اليوم أنه غير متفق مع السياسات الأميركية حيال إيران»، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، «إسنا». واستطرد الوزير الإيراني قائلاً: «تحدّثوا إلى أي شخص في أي مكان في العالم، وسيقول لكم إن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو و(الرئيس الأميركي دونالد) ترامب و(ولي العهد السعودي الأمير محمد) بن سلمان هم معزولون، وليس إيران».
في السياق نفسه، أشار ظريف إلى صعوبة تصور إجراء مفاوضات مع ترامب بعدما تخلى الأخير عن الاتفاق النووي الذي قضت إيران وقوى العالم «ساعات هي الأطول في تاريخ أي مفاوضات» للتوصل إليه، متسائلاً: «هل تعتقدون أن هذا الشخص (ترامب) هو شخص جيد ومناسب ليتم التفاوض معه. أم أن ما يفعله هو مجرد الاستعراض؟».
ومع عودة العقوبات، أقرّ ظريف بأن بلاده ستواجه مرحلة صعبة في قادم الأيام، موضحاً أنه «بالتأكيد سيتسبب التنمّر والضغوطات السياسية الأميركية ببعض الاضطرابات، لكن الحقيقة أن أميركا معزولة في عالم اليوم».
يذكر أن السعودية وإسرائيل هما بين الدول الوحيدة المؤيدة بشدة لإعادة فرض العقوبات الأميركية، فيما الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا)، ترى أن إيران أوفت بالتزاماتها متعهدة بإنقاذ الاتفاق.
وستُفرض العقوبات على مرحلتين في 7 آب/ أغسطس و5 تشرين الثاني/ نوفمبر. وتستهدف الحزمة الأولى قدرة إيران على شراء الدولارات وصناعات رئيسية تشمل السيارات والسجاد، فيما يُتوقع أن تكون المرحلة الثانية التي سيتم خلالها حجب مبيعات الخام الإيرانية هي الأشد تأثيراً، على رغم أن دولاً عدة بينها الصين والهند وتركيا أشارت إلى أنها غير مستعدة للتوقف بشكل كامل عن شراء النفط الإيراني.

«تعديل سلوك إيران»
مع بدء العدّ العكسي لتطبيق العقوبات، أبدى دونالد ترامب، اليوم، «انفتاحه» على اتفاق نووي جديد مع إيران، مع تأكيده إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على طهران، التي يتهمها بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
في بيان قبل بضع ساعات من إعادة العمل بعقوبات تشمل قطاعي السيارات والمعادن الثمينة في إيران، أكد ترامب أنه «في وقت نواصل ممارسة أكبر قدر من الضغط الاقتصادي على النظام الإيراني، أبقى منفتحاً على اتفاق أكثر شمولاً يلحظ مجمل أنشطته الضارة، بما فيها برنامجه الباليستي ودعمه للإرهاب».
وبعيد تصريح ظريف، ذكر مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستعاود فرض عقوبات اقتصادية شديدة على إيران هذا الأسبوع، وتتوقع أن يكون لها أثر كبير على الاقتصاد الإيراني. وقال مسؤول لصحافيين في مؤتمر عبر الهاتف، إنه «لا شك في أن تلك العقوبات المالية ستواصل ممارسة ضغوط مالية كبيرة».
أبرز ما نقل عن المسؤولين الأميركيين:
المجموعة الأولى من العقوبات الأميركية على إيران تسري اعتباراً من الثلاثاء
السياسة الأميركية لا تستهدف تغيير النظام الإيراني، وإنما تعديل سلوك طهران
العقوبات الأميركية ستواصل ممارسة ضغوط مالية كبيرة على الاقتصاد الإيراني
ترامب مستعد لمقابلة القيادة الإيرانية في أي وقت لبحث اتفاق حقيقي شامل يكبح طموحاتهم الإقليمية وينهي سلوكهم الخبيث ويحرمهم من أي سبيل إلى سلاح نووي
الولايات المتحدة تريد من أكبر عدد ممكن من الدول وقف وارداتها من النفط الإيراني تماماً بأسرع ما يمكن وسنعمل مع كل دولة على أساس حالة بحالة، لكن هدفنا هو تقليص حجم الإيرادات والعملة الصعبة المتجه إلى إيران
تعامل الحكومة الإيرانية مع الاحتجاجات الاجتماعية والعمالية الحالية يبعث على القلق
بدوره، تعهّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأن الولايات المتحدة سوف «تطبّق العقوبات» التي أعادت فرضها على إيران، مضيفاً أن تصعيد الضغط على طهران يرمي إلى «إبعاد النشاطات الإيرانية الخبيثة». وقال إن الإيرانيين «غير سعداء بفشل قيادتهم في تنفيذ الوعود الاقتصادية التي قطعتها لهم».

صمود أوروبي؟
في الأثناء، أعرب الاتحاد الأوروبي عن «أسفه العميق» لقرار واشنطن إعادة فرض العقوبات على إيران، معلناً أنه اعتباراً من 7 آب/ أغسطس سيطبّق قانوناً لحماية المؤسسات الأوروبية الناشطة في هذا البلد.
وأسِف وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا ــ وهي الدول الثلاث الأوروبية الموقعة على اتفاق 2015 ــ في بيان مشترك مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، «لإعادة فرض العقوبات الأميركية بسبب انسحاب واشنطن من خطة العمل الشاملة المشتركة». وجاء في البيان: «إننا مصمّمون على حماية الجهات الاقتصادية الأوروبية الناشطة في أعمال مشروعة مع إيران، لهذا السبب تدخل آلية التعطيل الأوروبية حيّز التنفيذ في 7 آب/ أغسطس».
وأقرّ الاتحاد الأوروبي قانون التعطيل عام 1996 للالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على كوبا وليبيا وإيران، وهو قانون يسمح بحماية الشركات الأوروبية من العقوبات التي يتخذها بلد ثالث. لكن هذا التشريع لم يستخدم أبداً وأقرّ وزراء الخارجية الأوروبيون استخدامه في 16 تموز/ يوليو. يحظر هذا القانون على المؤسسات الأوروبية الامتثال للعقوبات الأميركية تحت طائلة التعرض لعقوبات يحددها كل بلد عضو.