أنهى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، زيارته الثانية إلى بيونغ يانغ، والأولى منذ تعيينه وزيراً للخارجية. هدفت الزيارة إلى تسريع الاستعدادات للقاء المنتظر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون.ولعل أهمّ ما خرجت به هذه الزيارة، بالنسبة إلى الولايات المتحدة، هو الإفراج عن ثلاثة أميركيين كانوا معتقلين في كوريا الشمالية، وكانت واشنطن طالبت مراراً بإطلاق سراحهم. في هذا السياق، كتب ترامب في تغريدة «يسرّني إعلامكم بأنّ وزير الخارجية مايك بومبيو في طريقه جواً عائداً من كوريا الشمالية مع ثلاثة رجال رائعين، يتطلع الجميع للقائهم. هم في صحة جيدة على ما يبدو. كان اللقاء مع كيم جونغ أون جيداً. حددنا تاريخ ومكان عقد القمة».


بومبيو كان توجّه فور وصوله إلى بيونغ يانغ، إلى فندق «كوريو»، حيث عقد سلسلة مباحثات، بحسب ما أفاد به صحافيون يرافقون الوزير الأميركي في زيارته. وأكد الوزير الأميركي من على متن الطائرة التي أقلّته إلى كوريا الشمالية، أمس، استعداده «للقاء أي شخص يتحدث باسم الحكومة الكورية الشمالية»، خلال الزيارة التي تمثل خطوة إضافية في مسار الانفتاح المستجدّ بين الدولتين بعضهما على بعض. وصرّح بومبيو بأنّه «يسعى إلى الإعداد للقمة بين ترامب والرئيس أون» (ويقصد كيم)، ما أثار تعليقات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي حين لم يعلن ترامب مكان وزمان انعقاد القمة، بالرغم من تحديدهما، لا تزال تفاصيل القمة الأميركية ــ الكورية الشمالية غامضة، على الرغم من أنه قيل إنها قد تتم آخر الشهر الحالي أو مطلع حزيران/ يونيو المقبل، كما رُجّحت إحدى دول شرق آسيا لاستضافتها.


المحتجزون الأميركيون
سيول كانت توقّعت أن يعود بومبيو من كوريا الشمالية مصطحباً معه ثلاثة أميركيين تحتجزهم بيونغ يانغ، بحسب وكالة الأنباء الكورية الجنوبية «يونهاب».
في الطائرة التي أقلته إلى بيونغ يانغ، قال الوزير الأميركي للصحافيين المرافقين له عن إمكان الإفراج عن الأميركيين الثلاثة: «ستكون تلك بادرة حسنة إذا وافقوا» (على الإفراج عنهم)، مشدداً في الوقت نفسه على أن الأمر ليس محسوماً.
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الناشط الكوري الجنوبي، الذي له صلات بمصادر في كوريا الشمالية شوي سونغ ريونغ، أن الأميركيين الثلاثة «يقيمون في فندق على أطراف بيونغ يانغ»، مشيراً إلى أنهم لا يزالون محتجزين، لكنهم «يذهبون في نزهات ويتلقون العلاج ويتناولون طعاماً جيداً».
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، قد اعتبر أن الإفراج عن الرهائن سيشكّل «فرصة لبيونغ يانغ لإظهار صدقيتها».
ومنذ أشهر عديدة، تطالب الولايات المتحدة كوريا الشمالية بالإفراج عن المواطنين الأميركيين الثلاثة: كيم هاك سونغ وكيم سانغ دوك وكيم دونغ شول، فيما تحدثت تقارير عن اقتراب الطرفين من التوصل إلى اتفاق بشأنهم.
الأسبوع الماضي، لمح ترامب إلى أن إعلاناً وشيكاً سيصدر بشأن مواطنيه الثلاثة المحتجزين في كوريا الشمالية، بعدما ذكرت مصادر أنه تم نقلهم إلى موقع آخر تمهيداً للإفراج المحتمل عنهم.


ترامب حذرٌ
في خطابه الذي أعلن فيه الانسحاب من الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، قال ترامب «إننا في طور بناء علاقات مع كوريا الشمالية»، مستدركاً بالقول: «سنرى كيف ستسير الأمور، ربما لن تسير على ما يرام، لكن ربما تكون شيئاً عظيماً لكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية والعالم بأسره». حذرُ ترامب ليس جديداً، فعلى الرغم من الانفراجة التي تشهدها العلاقات بين الطرفين استعداداً للّقاء التاريخي، فإن الرئيس الأميركي حافظ على نبرة مشككة بنجاح المساعي لإطلاق محادثات مع بيونغ بيانغ تنهي برنامجها النووي. كذلك، يزيد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع مع إيران من تعقيد فرص إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن سلاحها النووي.

انفتاح متبادل
المساعي الدبلوماسية للتقريب بين الدولتين الخصمين، عقب الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية قبل أشهر والتي أعلنت كوريا الشمالية بشكل مفاجئ المشاركة فيها، في مبادرةٍ مهدت للمصالحة بين بيونغ وسيول والتي تجسّدت في القمة بين زعيمي الدولتين الجارتين قبل أسبوعين. وخلال هذه القمة، أعاد كيم والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي التأكيد على التزامهما تحقيق «هدف مشترك» و«نزع السلاح النووي التام» من شبه الجزيرة.
كذلك، التقى كيم الرئيس الصيني شي جينبينغ للمرة الثانية في غضون ستة أسابيع، ما يبرز الجهود التي يبذلها هذا البلدان الحليفان منذ حقبة الحرب الباردة لتحسين العلاقات، كما أن الصين لا تريد أن يتم تهميشها في التحركات الدبلوماسية الحثيثة حالياً.
ونقلت وكالة «شينخوا» للأنباء عن كيم قوله إنه «لا ضرورة لأن تكون كوريا الشمالية دولة نووية إذا ألغى الأطراف المعنيون سياساتهم العدائية وتهديداتهم الأمنية ضد كوريا الشمالية». وأعرب كيم، كذلك، عن أمله بأن تتخذ الولايات المتحدة وكوريا الشمالية «إجراءات تدريجية ومتزامنة» لتحقيق نزع الأسلحة والسلام.