يُنتظر أن يتم اليوم، في روما، إقرار الصيغة النهائية للاتفاقية التركية ــ الإسرائيلية التي ستعيد العلاقات بين البلدين إلى وضعها الطبيعي، وذلك بعد المباحثات التي أجراها يوم الجمعة الماضي رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية يوسي كوهين، مع نظيره التركي حقان فيدان، في إسطنبول. المسؤولون الأتراك وصفوا إسرائيل بالحليف الاستراتيجي العسكري، وتوقعوا للاتفاقية أن تفتح آفاقاً جديدة لأنقرة في المنطقة، فيما أشارت أوساط دبلوماسية إلى أهمية توقيت الاتفاقية، في ظل معاناة تركيا من عزلة إقليمية ودولية، ومن انعكاسات فشلها في سوريا. وتوقعت تلك الأوساط أن تساهم الاتفاقية في دعم مخططات أنقرة في سوريا والعراق، عقب التوتر مع واشنطن والعواصم الغربية التي تدعم «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية، والتي تحسبها أنقرة امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي يحاربها جنوب شرق البلاد. كذلك ترى أوساط الحكومة التركية في إسرائيل شريكاً اقتصادياً وتجارياً مهماً، إذ سجل حجم التبادل التجاري زيادات مستمرة خلال السنوات الماضية.
وافقت أنقرة على تجميد نشاط حركة «حماس» فيها
ومن المتوقع أن تشمل الاتفاقية إنشاء أنبوب بحري يصل بين ميناء حيفا وميناء جيهان التركي عبر قاع البحر الأبيض المتوسط، لنقل الغاز الطبيعي الذي تنتجه إسرائيل ــ ولاحقاً القبرصي ــ إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، لكسر الاحتكار الروسي. وتوقعت مصادر دبلوماسية أن يعود التعاون العسكري والاستخباري بين البلدين إلى ما كان عليه قبل كانون الثاني عام 2008، حينما شنّ الجيش الإسرائيلي هجوماً على غزة. وكان موضوع حركة حماس النقطة الأخيرة في مباحثات الطرفين، إذ وافقت أنقرة على تجميد نشاط قيادات وعناصر الحركة في تركيا، بعد موافقة تل أبيب على إيصال المساعدات التركية إلى غزة عبر البوابات الإسرائيلية، وبينها مستلزمات طبية ومحطات لتوليد الطاقة تحت إشراف الاستخبارات الإسرائيلية مباشرة.
يأتي ذلك في الوقت الذي يعرف فيه الجميع مدى حاجة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى منظمات «اللوبي اليهودي» لتخفيف الضغط الذي تمارسه مراكز قوى أميركية على النظام في أنقرة، حول قضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان. ويتزامن هذا التنسيق مع «اللوبي اليهودي» مع الحديث عن حوارات إسرائيلية «ساخنة» مع دول عربية، في مقدمتها السعودية وقطر (حليفتا أنقرة)، وتوقعات بمزيد من التصعيد في الميدان السوري عبر الحدود التركية والأردنية، عقب سلسلة زيارات سيقوم بها مسؤولون عسكريون واستخباريون إسرائيليون لتركيا، على أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الضيف الأهم في زيارة قبل نهاية العام الجاري.
ويبقى على أردوغان الذي شنّ في السابق هجوماً عنيفاً على إسرائيل ووصفها بـ«العدو اللدود» أن يقنع أتباعه وأنصاره بعكس ذلك، وهذا ما مهّد له عبر السيطرة المطلقة على الإعلام التركي.