وفي معرض حديثه عن ظروف نشأة «بح»، يوضح أنّ «التعاونية الفنية تبتعد عن ثقافة التسليع والاستهلاك، تحاول فهم شكل الاقتصاد الذي نعدّ نحن جزءاً منه، ومحاولة تشكيل اقتصاد تعاوني اجتماعي. جاءت هذه الحاجة على إثر الانهيار الاقتصادي والمالي وتماديه وتوسعه، والانتفاضة على الأشكال الربحية الاقتصادية النيوليبرالية، وفي خضم البحث عن بدائل للاقتصاد الربحي والمالي... نؤمن في «بحّ» بالعمل التعاوني كوسيلة للاستمرارية المهنية، تتيح التفكير في وسائل وطرق تقاوم اللاعدالة المهيمنة على السوق والفن والمجتمع». من إحدى استراتيجيات العمل، هي «تحقيق الاستقلالية عبر امتلاكنا أدوات الإنتاج (مكان، معدات، تجهيزات، جهاز إداري). كما أنّنا نخلق شراكات مع أطراف فاعلة مع الحركة التعاونية، والقطاعات الأخرى (بيئية، زراعية، صناعية، تكنولوجية)، لأنّ تجربة «بحّ» يجب أن تكون في صلب الاقتصاد المحلي، وتتموقع فيه، وتجد صيغة، وتكون جزءاً من شبكة اجتماعية وسياسية أوسع، وتحاول طرح بديل، تحديداً، عن أنظمة العمل الموجودة». وعليه، يتطلع القائمون إلى «خلق مساحات، تحضر فيها النتاجات الفنية في مختلف المناطق والقطاعات، وتصير الأعمال الفنية جزءاً من الدورة الاقتصادية، في مجتمعاتنا المحلية».
عروض تجول في المناطق بما يعزز اللامركزية الثقافية
على صعيد آخر، يعد التمويل إحدى أبرز الركائز لاستمرارية الفن، لذا فالتعاونية تملك صندوقاً تعاونياً جماعياً، تصبّ التمويلات فيه، لتكون عابرة للأفراد وتصل إلى الجماعات. حصلت التعاونية على منحتين من «مفردات» والأونيسكو وفقاً لهاشم عدنان الذي يضيف: «من ضمن إستراتيجيّات التمويل لدينا، عدم الاعتماد على المنح والتمويلات، من جهات خارجية عربية أو عالمية أو أوروبية، حتى إنّه يتم انتقاء الممولين، والبحث عن جهات تشبهنا على مستوى القيم، والأهداف، وطريقة العمل. كذلك، تعتمد التعاونية على مساهمات الأعضاء الذين يحاولون تغذية الصندوق عبر إقامة أنشطة (أرباح عروض، ورش، حفلات) تعود أرباحها إلى الصندوق».
حتى اليوم، هناك تسعة أعضاء ثابتين، ويمكن لأيّ من الراغبين الانضمام للتعاونية. من المتوقع أن تقدّم «بحّ» سلسلة عروض لأحلام ديراني، وخلود ياسين، وألكسندر بوليكيفيتش، وآخرين، إضافة إلى لقاءات مع أطراف وهيئات أخرى. تستهدف التعاونية الفنانات والفنانين المستقلين، الذين كانوا أو لا يزالون ضمن تجارب جماعية، لكنهم يودون تجربة صيغة العمل التعاوني، كصيغة اقتصادية بديلة، فيها رغبة باستكشاف نوع اقتصادي جديد، يتحدى ظروف التمويل في المنطقة العربية، وظروف الإنتاج، ويوجِد صيغة تضامنية من شأنها تحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي المطلوب. «كل شي بح. بَندورة حمرا. بنت حالمة. بيت حَجَر. حب بالمقلوب. بتنجانة حَرّة. بسينة حلوة. بطاطا حرة. بسين حلو. بيروت حقيقة. بستان حامض. بيئة حاضنة. برمجة حَيّة». عصف ذهني لمجمل كلمات تبدأ بحرفي «الباء» و«الحاء» (يرد على موقع التعاونية الإلكتروني) يخرجها من النمطية والرسمية في تسمية الكيانات والتجمعات الثقافية والفنية. يبدو أنّ «بح» ستقدم بديلاً حراً ومستقلاً، وتترك أثراً ومساراً مغايراً واتجاهاً معاكساً يتطلع إليه كثيرون ضاق بهم «المشهد الثقافي والفني
السائد».
* bahh.net