بدأ عام جديد فإذاً. ها هو طفل غزاوي يفكك قنبلة نووية موقوتة وضعت تحت سريره. يقول: هناك أشياء لا تعترف بوجود الوقت، ولإيقاف القنبلة الموقوتة عليك أن تنسى المؤقت؛ ثمة لحظة جميلة واحدة وسط كل هذه الكارثة هي أنه لم يعد في وسعك مفاوضة التسونامي على كوب ماء، الماء هو الماء، فليغرق كل شيء. ثم ماذا؟ هل يجب على الأطفال أن يسألوا هل المكان مناسب لهم؟ لا أعلم. هل يجب عليهم أن يلعبوا مع حيواناتهم الأليفة؟ أن يسرقوا السجائر لأهلهم، أن ينزف أنفهم دائماً؟ أسوأ أنواع الألم هو الذي يكون بلا جدوى، مثل أنه هناك فارق كبير بين صمت الشخص العادي وصمت الشخص الأبكم، مثال على ذلك أنظمة الخليج العربي.

(أنجيلا بيترز)

من أهم إنجازاتهم أنهم استطاعوا حلّ معضلة وجودية حصلت بين فنانتين بعد خلاف دام بينهما لعدة أشهر. قبلة على الخد كانت كافية، صفّق الجمهور وعادت الأمور إلى مجراها، ثم ماذا؟ ثم مات الكثير من الأطفال والأمهات.
عليك حقاً أن تزن القلب وفقاً لوزن الريشة، وتسأل هل النار جزء من الجنة حتى يحلّ بنا ما يحلّ بنا؟ شِلّة من الحمقى اتفقوا على أن النهار أربعة وعشرون ساعة، يموت فيها من يموت، ولأنهم يملكون الهواء فعليك أن تحبس أنفاسك دفعة واحدة لتتجاوز مترين من الكوليرا على حاجز الشرطة. عليك أن تعرف شكل الماء في النهر كي لا يصادروا البحر، فالسمك الذي يسبح على الجلد يحتاج إلى تأشيرة دخول أبدية. من الذي جعل العالم ملكه؟ ومن الذي ظنّ أن البلاد ورقة رسمية تدس في جيب الحاكم؟ ومن كدس صفائح الدّم في كتاب التاريخ؟ متى كان الدم ورق؟ ومن الذي زوّد الخباز قمحه من النار إلى المعدة ثم إلى المحاكم؟
لكي تتملّص من الخطيئة عليك أن تكون قاضياً. ولكي تتملّص من الحقيقة عليك أن تكون إعلامياً مخادعاً، تُخبرنا عن شجار حصل بين جرذين أمام عربة القطار سرعان ما فضّه الملك، فليحيا الملك، هكذا وكأنك تشاهد عرض أزياء لأشخاصٍ بلا ثياب من الأساس. تغيّر القناة فتجد الأسوأ، خبر عاجل يذيع لنا قصة ذبابة تحمل تاجاً سقطت في كأس النبيذ، فاتهمت بالخيانة بعد أن مدوا لها حبلاً داخل الكأس، وبخط عريض يظهر العنوان: حتى الذبابة أنقذناها حتى نرسلها إلى حبل المشنقة.
أما الآن فالأسلحة تحدث ضجيجاً أكثر من الكلمات، وأكثر من النفاق العربي. يريد أن يخبرنا الطبيب بموت أبنائنا، نرى الخبر يقفز من أسنانه وهي تتكسر واحداً تلو الآخر وتركض على الأرض، وبشيء من التردد يقول: الموت ضروري جداً في أيامنا هذه، ماذا سيضيف الموت إلى حياتنا؟ ربما لم يكن لديهم الوقت الكافي لأن تمنحهم الحياة اكتشاف ذلك. إنّ أجمل ما تهديك إياه الحياة هو نفق وليس الضوء، ولكي تخرج منه عليك أن تكون قطاراً. سيدي، نريد منذ أكثر من مئة عام أن نموت بذبحة قلبية، بحادث سير، بالسرطان، بنوبة حزن، بسكتة دماغية، اختر المرض الذي تشاء، لكن لا نريد أن نموت تحت الركام. عندما يصبح الموت هو الحرية الوحيدة في هذا الوجود، عندما يكون الطفل الذي يولد رجلاً، حين تولد الفتاة أماً، فإننا نطمح أن تكون السماء خالية من النجوم ومن القصف، ومن اللون، ومن الطيور. نطمح أن تكون السماء سماءً فقط!
جلّ ما أريده الآن أن أقتلع عينيّ، أن أضع عيناك مكانهما لتدرك أننا لم نكن ذات ليلٍ مبصرين لكنها البصيرة. لقد صرنا منتجات يومية هالكة، منذ متى كان الإنسان يقرر هل الإنسان يستحق العيش أم لا، ومن يفعل هذا، أليس هو الإرهابي حقاً؟