بعد ستة أيام متتالية من المعارك العنيفة بين الجيش السوري ومسلحي تنظيم «الدولة الاسلامية» («داعش»)، انتهت أمس معركة «كسر العظم» في مطار الطبقة العسكري (ريف الرقة الجنوبي الغربي) لصالح «داعش»، إثر الهجوم الرابع الذي شنّه التنظيم. حتى يوم امس، كان المطار يعدّ الموقع الأخير التابع للجيش في محافظة الرقة، بعد خسارة مقر قيادة «الفرقة 17» و«اللواء 93» في عين عيسى (شمال الرقة) الشهر الجاري.


وبذلك، يكون «داعش» قد سيطر بشكل كامل محافظة الرقة، من دون أن تشاركه السيطرة على أي جزء منها لا القوات الحكومية ولا باقي قوى المعارضة، باستثناء بعض القرى الواقعة في شمال غرب المحافظة، المحاذية لمحافظة حلب، والتي تسيطر عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وتقع محافظة الرقة وسط المناطق التي احتلها التنظيم في الأشهر الماضية في الشمال السوري، والتي لا يزال يخوض معارك للتوسع فيها: دير الزور والحسكة شرقاً، وحلب غرباً. وسيتيح هذا التقدم لـ«داعش» تحرير جزء من قواته التي كانت مرابطة في محيط المطار وفي ريف الرقة الجنوبي الغربي، واستخدامها حيث يحتاجها: في ريف حلب الشمالي والغربي حيث يقاتل ضد قوات المعارضة؛ وفي دير الزور، حيث يخوض معارك ضد قوات العشائر وضد القوات الحكومية؛ وفي الحسكة حيث يقاتل ضد الجيش السوري والمقاتلين الأكراد.
وكالة «سانا» الاخبارية الرسمية اعلنت انسحاب قوات الجيش من المطار، واصفة ذلك بـ«عملية إعادة تجميع ناجحة بعد إخلاء المطار»، مضيفة: «لا تزال توجه الضربات الدقيقة للمجموعات الارهابية في المنطقة وتكبدها خسائر فادحة».
من جهته، ذكر «المرصد السوري» المعارض إن «داعش سيطر على مطار الطبقة»، مشيراً الى ان «كل المقاتلات العسكرية والطائرات والضباط والجنود تم سحبهم من مطار الطبقة إلى مطار دير الزور العسكري وأماكن أخرى». وأضاف «المرصد» «انسحاب الجيش الى مزرعة قريبة من المطار والى بلدة اثريا في محافظة حماة الواقعة جنوب غرب الطبقة».
ولم يكن خبر «سقوط» المطار في يد «داعش» متوقّعاً على الاطلاق، خصوصاً ان هذه المعركة التي حشد لها «داعش» مئات المقاتلين، غالبيتهم من الاجانب، تصدّى لها الجيش خلال الايام الماضية بشتّى أنواع الاسلحة، من مدفعية وسلاح جو، كما استقدم قبل يومين تعزيزات إضافية. إضافة الى ذلك، أدخل الجيش صحافيين الى المطار أول من أمس، كدليل على أن الامور الميدانية تحت السيطرة، خلافاً لما كانت تبثّه المواقع و«التنسيقيات» التابعة لـ«داعش». لذلك، أحدث قرار إخلاء المطار مفاجأة لمتابعي المعارك في سوريا.
في المقابل، قال مصدر من «داعش» لـ«الأخبار» إن «تحرير مطار الرقة لم يكن حدثاً مفاجئاً، وما هو إلا جزءاً من النصر الذي وعد الله به المجاهدين». المصدر أكّد أن «دولة الخلافة تسير بفضل الله في خطى ثابتة نحو إعلاء رايات الإسلام، وإن موعدنا لقريبٌ في مطار دير الزور، وجميع مناطق نفوذ النصيريين».


المعارضة المسلحة تسيطر على عدد من القرى قرب اخترين بعد مواجهات مع «داعش»



وذكر مصدر عسكري سوري لـ«الاخبار» ان «داعش كان قد سحب أعداداً من قواته من ريف حمص الشمالي والشرقي أول من أمس، بهدف تعزيز مقاتليه شرقاً لتثبيت السيطرة على مطار الطبقة».
مدينة الرقة هي مركز المحافظة السورية الوحيدة التي احتلها مسلحو المعارضة (آذار 2013)، علماً بأنها لم تشهد قبل ذلك أي معارك بين الجيش السوري والمسلحين. وسرعان ما سيطر عليها «داعش»، قبل ان تقاتله قوات المعارضة الاخرى، وتطرده من بعض احياء المدينة. لكن التنظيم عاد خلال أيام لاحتلال المدينة، وطرد المعارضين الآخرين منها، قبل ان يشن حملة لاحتلال مواقع الجيش السوري في كامل أرجاء المحافظة.

«داعش» والمعارضة في حلب

على صعيد آخر، استمرت المعارك العنيفة بين الفصائل المسلحة و«داعش» في ريف حلب الشمالي. وبعد ان استقدمت «جبهة النصرة» و«الجبهة الاسلامية» تعزيزات عسكرية، استطاعت امس السيطرة على قرى التقلي، العدية، والضهرية بالقرب من مدينة اخترين في ريف حلب الشمالي، بعد اشتباكات مع «داعش» بالتزامن مع استمرار المعارك على اطراف قرية دابق ـــ مارع وفي محيط بلدة صوران. من جهة أخرى، دارت اشتباكات بين الجيش والمسلحين في محيط سجن حلب المركزي ومنطقة البريج شمال حلب.
في موازاة ذلك، تستمر الاشتباكات بين «وحدات حماية الشعب» الكردية و«داعش» في منطقة جبل عبد العزيز في الحسكة. هذه المعارك أدّت الى مقتل القائد العسكري لـ«داعش» في المنطقة «أبو عمر داريا».
وفي إدلب، شمالاً، احبط الجيش محاولة تسلل المجموعات المسلحة الى مطار أبو الظهور العسكري ما أدى الى مقتل وجرح عدد من المسلّحين بحسب المصادر الميدانية. على الجبهة الجنوبية، قتل أول من أمس أكثر من 50 مسلّحاً تابعاً لـ«جبهة النصرة» في كمين للجيش في المنطقة الواقعة بين بلدتي الحارة وزمرين في ريف درعا الشمالي. وعرف من بين القتلى قائد «لواء عمر بن الخطاب» التابع لـ«الجيش الحر» أحمد علي العوض، إضافة الى قائد «كتيبة أشبال العقيدة» التابعة لـ«لواء عمر بن الخطاب»، فيما نشرت تنسيقيات المعارضة اسماء 17 مقاتلاً عدّتهم مفقودين نتيجة الكمين.
وفي القنيطرة، سقطت اول من أمس 5 قذائف على الجولان المحتل أدت الى انقطاع الكهرباء في عدة مناطق بعد إصابة برج مركزي للكهرباء.
وفي ريف دمشق، قصف الجيش تجمعات المسلحين في دوما في الغوطة الشرقية، فيما تقدّم غربي المليحة من جهة وادي عين ترما ليبسط سيطرته على معامل الكبريت والمطاط والتاميكو.
الى ذلك، قتل امس عدد من المسلحين في تبادل لاطلاق النار مع حرس الحدود أثناء محاولتهم التسلل من سوريا الى الاردن.
(الاخبار)