دأب العدو الإسرائيلي على مدى أعوام استغلال ظروف الحرب السورية لتنفيذ ضربات لكوادر المقاومة الفلسطينية المقيمة في سوريا وعلى وجه الخصوص حركة الجهاد الإسلامي، وذلك عبر اغتيالات بحق قيادات وكوادر الحركة على الأراضي السورية.
لم يكن آخر هذه الاغتيالات محاولة طيران العدو الإسرائيلي اغتيال قائد سرايا القدس الجناح العسكري للحركة أكرم العجوري، عبر استهداف منزله بالصواريخ في العاصمة السورية عام 2019، ما أسفر عن استشهاد نجله معاذ الذي كان موجوداً داخل المنزل.

واليوم استيقظت العاصمة السورية على وقع عملية اغتيال طاولت أحد قادة حركة الجهاد المهندس الكيميائي علي رمزي الأسود الذي قُتل أمام بيته في منطقة ضاحية قدسيا بريف دمشق الغربي بعد إطلاق رصاصات عدة عليه.

سرايا القدس أكدت في البيان الذي نعت فيه الأسود أن بصمات جهاز الموساد الإسرائيلي واضحة في العملية، في وقت تحدثت وسائل إعلام تابع للعدو الإسرائيلي أن أربعة عناصر من الموساد نجحوا في تصفية أحد كوادر حركة الجهاد الإسلامي في دمشق، متهمة المهندس علي الأسود بالتخطيط لتنفيذ هجمات ضد الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر رمضان داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما توقعت وسائل الإعلام أن الرد على عملية الاغتيال سيأتي خلال «وقت قريب» من قطاع غزة.

بدوره، شدد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في سوريا إسماعيل السنداوي (أبو مجاهد) لـ«الأخبار» أن هذه العملية الجبانة التي ارتكبها عملاء الموساد الإسرائيلي صباح اليوم في دمشق، لن تثني الحركة وجناحها العسكري كتائب سرايا القدس عن الاستمرار في المقاومة والجهاد ضد العدو الصهيوني، وفي مختلف ساحات الاشتباك، مؤكداً أن عملية الاغتيال «لن تمر مرور الكرام وسرايا القدس لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الجريمة».

وأضح السنداوي لـ«الأخبار» أن التحقيقات في عملية الاغتيال لا تزال مستمرة من قبل أجهزة الأمن السورية وحركة الجهاد، مضيفاً أن «المعلومات الأولية تشير إلى أن عملية الاغتيال تمت باستهداف الشهيد أمام منزله بأكثر من عشر رصاصات في مناطق مختلفة من الجسد أودت بحياته، تلتها طعنات عدة بأداة حادة ما يدل على مدى الحقد والغل الذي يغمر هذا العدو على الشهيد الذي لعب دوراً كبيراً في تطوير قدرات المقاومة».

وعاهد ممثل حركة الجهاد، في حديثه، «أبناء شعبنا الفلسطيني بأن نستمر بالجهاد والمقاومة»، قائلاً «إذا كان هذا الـ"نتنياهو" يتبجح باليد الطويلة للموساد الإسرائيلي باغتيال مهندسي المقاومة والصواريخ، فنؤكد له أن صواريخ المقاومة الفلسطينية ستصل إلى رؤوس كل جنود الاحتلال ومستوطنيه على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة».

وأكّد السنداوي أن الاغتيال «سيزيد الحركة إصراراً على استمرارها في معركة وحدة الساحات التي أطلقتها الحركة لمواجهة العدو الإسرائيلي الذي أعلن نيته تصفية قيادات وكوادر الجهاد في الضفة وجنين وغزة والشتات لقسم ظهر الحركة، وهو ما فشل وسيفشل به»، داعياً «الشعوب العربية والإسلامية ومحور المقاومة إلى دعم الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني في معركتهم المفتوحة مع الكيان، ولمواجهة المؤامرات الصهيونية الرامية إلى تهويد مدينة القدس ورفع الظلم عن الأسرى في سجون الاحتلال الذين يخوضون معركة مشرفة في مواجهة جلاديهم، ويقفون في وجه الإجراءات التعسفيّة التي تتخذ بحقهم في سجون الاحتلال والقوانين الظالمة التي تصدرها سلطات الاحتلال بحقهم».

وأفاد السنداوي «الأخبار» بأن تشييع الشهيد المهندس سينطلق غداً صباحاً من مستشفى تشرين العسكري في ضواحي العاصمة السورية، وسيتجه إلى جامع الماجد على مشارف في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق والذي ينحدر منه الشهيد ليصلى عليه ومن ثم يوارى الثرى في مقبرة الشهداء داخل المخيم.

في المقابل، وفي أول تعليق له بعد عملية الاغتيال، لم يُخفِ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، القادم من وحدات الكوماندوز في جيش الاحتلال التي ارتكبت أبشع عمليات الاغتيالات خارج الأراضي المحتلة، وقوف الكيان وراء العملية، حيث قال اليوم خلال حديثه لقناة «كان» العبرية «نحن نصل للإرهابيين والمهندسين في كل مكان وأينما كانوا»، وهو كلام لا يترك مجالاً للشك بأن الموساد هو من خطط ونفذ الاغتيال في تصعيد جديد يضاف إلى الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني في الأراضي المحتلة، لكن هذه المرة عبر استهداف كوادر المقاومة الفلسطينية خارج الحدود.

سياسة ليست جديدة في سجل العدوان الإسرائيلي الحافل بعمليات الاغتيال التي نفذها بحق القيادات الوطنية الفلسطينية والعربية وكل من نادى بتحرير فلسطين والأراضي العربية، وتأتي عملية الاغتيال اليوم لتضيف مزيداً من الانتهاكات التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي مما يؤجّج عوامل التوتر وتصعيد الأوضاع وصبّ الزيت على النار المشتعلة في المنطقة الأمر الذي يشير بأن الأيام المقبلة ستكون ساخنة على مختلف الساحات، بخاصة في ظل حالة الاحتقان بعموم المنطقة من الاعتداءات الإسرائيلية، وسط محاولات التقارب السياسي بين دول المنطقة التي تهدف إلى تخفيف حدة التوتر.

يُذكر أن المهندس علي رامز الأسود هو خريج هندسة كيميائية وله دور بارز في تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية، حيث انخرط في مرحلة عمرية مبكرة في صفوف حركة الجهاد الإسلامي في مخيم اليرموك وتدرّج في صفوفها حيث أصبح من الكوادر المهمة داخل سرايا القدس الجناح العسكري للحركة، متزوج ولديه ثلاثة أطفال.