مخاضٌ كبير يعيشه نادي آرسنال نظراً إلى تراجعه في السنوات الأخيرة من دون مؤشرات واضحة للعودة. فبعد اعتلاء الفريق اللندني منصّات التتويج في بداية حقبة المدرب الأسبق الفرنسي آرسن فينغر، سلك الفريق منعطفاً مغايراً تماماً مع رحيل المدرب الفرنسي المخضرم، لينتهي به المطاف إلى منتصف الجدول. اشتهر آرسنال في السنوات الأخيرة مع فينغر باحتلاله المركز الرابع في الدوري، وهو ما أثار سخرية جماهير كرة القدم تجاه «الغانرز». ما لم يكن متوقّعاً أخيراً، هو فشل آرسنال في الوصول إلى المركز الرابع بعد رحيل فينغر، رغم دعم الإدارة مادّياً لمدرّبيها الجدد مقارنةً بالشحّ الذي عرفه المخضرم الفرنسي.جاء المدرب الإسباني أوناي إيمري إلى ملعب الإمارات خلفاً لفينغر في عام 2018 لكنّه لم يعرف النجاح الكبير، فقامت الإدارة باستبداله بفريدي لونغبيرغ قبل أن تعيّن المدرب الشاب مايكل أرتيتا على رأس العارضة الفنية للنادي في عام 2019. أملت الإدارة من لاعبها السابق ومدربها الحالي أن يتمكّن من إعادة الفريق إلى المسار الصحيح، غير أن ذلك لم يحدث لأسبابٍ عديدة منها قلّة الدعم المادّي. فبعد انقطاع أموال دوري الأبطال عن خزائن آرسنال، تقلّصت ميزانية النادي وأصبح التوجه الأساسي هو الاعتماد على الإعارات. وفي ظلّ شحّ العائدات، اعتمد آرسنال على صفقات المقايضة وأصبح يسعى للتوقيع مع أسماء «بالتقسيط» كما حصل في صفقة نيكولاس بيبي لاعب نادي ليل الفرنسي السابق، كما باع العديد من اللاعبين للحفاظ على توازن الأجور والميزانية، على رأسهم الألماني مسعود أوزيل. سياسة ساهمت في تحسين الوضع المالي للنادي، غير أن النتائج لم تُسرّ الإدارة التي قرّرت الدخول بقوّة في سوق الانتقالات الصيفي.
خسر آرتيتا 20 من أصل 60 مباراة كان خلالها على رأس العارضة الفنية لآرسنال


هكذا، وبعد خمس سنوات من الغياب عن دوري أبطال أوروبا، فتحت إدارة آرسنال خزائنها لتستقدم أسماءً جديدة تدعم من خلالها مدربها الإسباني. مع وصول مارتن أوديغارد من ريال مدريد وحارس المرمى آرون رامسدال من شيفيلد يونايتد، سينضمّ الثنائي إلى لاعبين أمثال ألبرت سامبي لوكونغا، لاعب خط وسط أندرلخت السابق، ومدافع بنفيكا نونو تافاريس، وبن وايت من برايتون لتفوق بذلك قيمة الصفقات الجديدة عتبة الـ130 مليون جنيه إسترليني كأكثر نادي إنكليزي إنفاقاً هذا الصيف. رقمٌ كبير رفع من سقف التطلّعات غير أن الواقع لا يزال صعباً، حيث خسر آرسنال مباراتيه الافتتاحيتين في «بريميرليغ» أمام كلّ من برينتفورد وتشيلسي دون تسجيل أي هدف، وسط أداءٍ سيئ من «المدفعجية». أدت الخسارتان إلى اضطرابات في استاد الإمارات، حيث رفعت الجماهير لافتات #ArtetaOut مطالبةً بإقالة المدرب.
رغم البداية الكارثية، سيكون من غير المنصف تحميل أرتيتا المسؤولية الكاملة نظراً لتعرض مخططاته في المباراتين الافتتاحيتين لظروف «قاهرة» بعد ثبوت عدد من اختبارات كورونا الإيجابية للاعبيه. لم يتمكّن كلّ من بيير إيمريك أوباميانغ وألكسندر لاكازيت وويليان ورونار أليكس رونارسون من المشاركة في مباراة برينتفورد، وكان الأول فقط لائقاً بما يكفي ليشارك كبديل أمام تشيلسي، فيما تم إقصاء بن وايت عشية مباراة البلوز نظراً لإصابته بالفيروس المستجد أيضاً. آرسنال غير مكتمل الصفوف حتى اللحظة، فهل يمكن أن يحقّق شيئاً عند توفّر اللاعبين كافة؟

مستقبل ضبابي
لم تعرف صفقات «الغانرز» النجاح في السنوات الماضية. أسماء مثل ديفيد لويز وويليان فشلت من تقديم الإضافة، حتى نيكولاس بيبي الذي جاء بمبلغٍ كبير لم يكن على قدر التطلّعات، أقلّه ضدّ فرق النخبة. اللافت هو أنه حتى عندما قرّرت الإدارة أن تصرف الأموال لم تستقدم لاعبين بارزين، حيث صرفت مبلغ 50 مليون على مدافع برايتون بِن وايت الذي يفتقر للخبرة، وهو مبلغ يفوق ما دفعه مانشستر يونايتد لاستقدام رافاييل فاران من ريال مدريد، على سبيل المثال لا الحصر. تعرّضت صفقات آرسنال الجديدة لانتقادات لاذعة، حيث خيّب المدير الرياضي البرازيلي إيدو غاسبار (الشخص المسؤول عن الإنفاق الصيفي والذي أعيد إلى النادي عام 2019 للمساعدة في تحسين اتّجاه النادي)، آمال الجماهير.


من الواضح أنّ الإدارة تحاول جاهدة دعم مدرّبها الشاب لتجنّب الانهيار غير أن معالم النجاح لا تزال بعيدة. النادي يسعى لإعادة الهيكلة الإدارية والفنية، غير أن الموضوع بحاجة لوقتٍ أكثر. سيواجه آرسنال خارج الديار نظيره مانشستر سيتي اليوم السبت المقبل (الساعة 02:30 بتوقيت بيروت) وقد تكون هذه المباراة هي الأخيرة لأرتيتا في حال عدم تحقيق الفوز. تجدر الإشارة إلى خسارة آرسنال في زياراته الخمس الأخيرة إلى ملعب الاتحاد، وقد بلغت هزائم أرتيتا 20 من أصل 60 مباراة لعبها في الدوري الإنكليزي الممتاز بصفته مدرباً لآرسنال.
تتوقع جماهير آرسنال أن تتمّ إقالة المدرب الإسباني في الأسبوع المقبل كما تعوّل على الشائعات التي تربط المدرب أنطونيو كونتي بالفريق، غير أن ذلك سيكون صعباً نظراً إلى أن رحيل كونتي بالدرجة الأولى عن إنتر ميلانو في الصيف كان بسبب عدم وجود معالم لمشروع ناجح وطويل الأمد في النادي. أرتيتا في وضع لا يُحسد عليه حيث إنه يصارع الزمن كي يجهّز الصفقات الجديدة ويحاول الاستعانة ببعض لاعبيه العائدين من الحجر الصحيّ للالتحاق في لقاء مانشستر سيتي، فهل يتمكّن من تعديل الأوتار والنهوض بآرسنال مجدّداً؟


فوز كبير ولكن!


فاز آرسنال بسداسية مساء الأربعاء على مضيفه وست بروميتش ألبيون (لعب بتشكيلة رديفة خلال اللقاء)، في الدور الثاني من كأس الرابطة الإنكليزية لكرة القدم. وخلال اللقاء علت صافرات الاستهجان بوجه رجال الإسباني ميكيل أرتيتا بعد الخسارة في ديربي لندن على أرضه ضد غريمه تشلسي، حيث حاصرت مجموعة من المشجعين سيارة المدرب، وطالبوا برحيله عن النادي. وفي وقت لعب «وست بروم» بسبعة لاعبين جدد خلال اللقاء، دفع آرتيتا بقوته الهجومية بقيادة أوباميانغ الذي شارك أساسياً للمرة الأولى هذا الموسم بعد تعافيه من فيروس كورونا.
وسجّل الدولي الغابوني أول هدفين في المباراة (17 و45) قبل أن يضيف العاجي نيكولا بيبيه الثالث (45+1). وأضاف الشاب بوكايو ساكا الهدف الرابع بعد الاستراحة (50)، ليكمل أوباميانغ الهاتريك (62) قبل أن يحرز البديل الفرنسي ألكسندر لاكازيت الهدف السادس (69).
وهذا الفوز لن يمنح أرتيتا فرصة لتنفس الصعداء، إذ يتوجه نهاية الأسبوع (اليوم) في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى مانشستر، ليلتقي مانشستر سيتي بطل الدوري. وستزيد الخسارة أمام سيتي الضغط على أرتيتا الذي ناشد جماهير آرسنال دعم الفريق خلال فترة صعبة وصفها بأنها «غير مسبوقة» في تاريخ النادي.