بالنسبة إلى الأرقام، لا يمكن تقبّل فكرة قدوم مدرب لم يحقّق أيّ لقب خلال مسيرته التدريبية التي بدأت في 2001، وتحديداً مع نادي راسينغ سانتاندير الإسباني، ليترأس العارضة الفنية للنادي الكاتالوني برشلونة. فالأخير، يبقى من بين أفضل الأندية في العالم، حالياً وتاريخياً، فمن هو كيكي سيتيين ليصبح صاحب الكلمة الأعلى في النادي بين ليلة وضحاها؟
كيكي هو من بين المدربين الذين أعلنوا في وقت سابق إعجابهم بفلسفة برشلونة، وخصوصاً في الشق المتعلّق بفلسفة النجم الهولندي الراحل يوهان كرويف، وهو الذي وضع الأسس الحقيقية في فترة من الفترات. في جميع الأندية التي درّبها، والتي كان أفضلها نادي ريال بيتيس الأندلسي، لم تغِب لمسة كرويف عن هذه الأندية (راسينغ، لوغو، لاس بالماس وريال بيتيس وغيرها من أندية الصف الثالث والرابع في إسبانيا)، فالمدرّب الجديد متأثّر بالهولندي الراحل. لا يمكن إنكار أن خبر إعلان كيكي سيتيين مدرباً لبرشلونة كان مفاجئاً للكثير من النقاد والمتابعين والمهتمّين بصفقات النادي الكاتالوني، وبالحقبة السيئة التي يمر بها في السنوات الماضية، لكن هذا لا يعني خلو الأمر من إيجابيات عدة.
من بين النقاط الإيجابية التي يجب أن يتفاءل بها مشجّعو «البلاوغرانا» هي أن كيكي من بين المدربين الذين يتماشون مع أفكار وثقافة النادي، والتي يتمثّل العمود الأساسي فيها في «فلسفة الاستحواذ على الكرة» و«الضغط العالي» و«الدفاع من منطقة الخصم» أي عن طريق المهاجمين. هذه الصفات والأفكار والثقافة، مزروعة في كيكي سيتيين منذ سنوات عدة، وهذا ما دفع ببارتوميو رئيس النادي بالتعاقد معه. من بين إيجابيات قدوم سيتيين أيضاً، هي بكل بساطة إقالة فالفيردي، المدرب الذي أنفق كل ما لديه ولم يعد يمتلك الثقة ولا محبة الجمهور الذي كرهه منذ موسمين اثنين، وتحديداً منذ الـ«ريمونتادا» التي صنعها رجال العاصمة الإيطالية روما ضمن الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا.
حقق سيتيين 39 فوزاً و22 تعادلاً و34 خسارة من أصل 95 مباراة خاضها مع ريال بيتيس
فنياً، يعتمد كيكي سيتيين في لعبه على عدة تشكيلات وضعها مع الأندية التي مرّ بها. لعل أبرز هذه التشكيلات هي (5-3-2)، التي تعتمد على خماسي في خط الدفاع يساعدهم لاعبون في محور الارتكاز، إضافة إلى صانع ألعاب تقليدي يزوّد مهاجمي الفريق بالتمريرات الحاسمة. هذه التشكيلة وضعها كيكي سيتيين خلال الموسم الماضي وتحديداً خلال مباراة ريال بيتيس وبرشلونة في الكامب نو. خلال هذا اللقاء، فاز ريال بيتيس ومدربه سيتيين على فالفيردي، وهي الخسارة الوحيدة التي تكبّدها النادي الكاتالوني حتى الآن في الكامب نو منذ ذلك الوقت. تفوق ريال بيتيس في كل شيء، أكد سيتيين خلال اللقاء على قدراته المميزة وعلى طريقة اللعب التي أدت إلى تحقيقه فوزاً تاريخياً في معقل النادي الكاتالوني.
خلال فترته مع ريال بيتيس (وهو النادي الذي رحل عنه سيتيين بسبب خلافات مع إدارة النادي في الموسم الماضي) وصلت نسبة استحواذ النادي الأندلسي على الكرة إلى 61.4% في منتصف الموسم، أي أقل بـ0.1 % فقط من صاحب المركز الأول برشلونة. يضاف إلى ذلك أن النادي الأندلسي قد أنهى الموسم الماضي بمعدّل تمريرات صحيحة مرتفع جداً، والذي بلغ 87.6%، وكأن هذه الأرقام تدل على أن سيتيين هو الرجل المناسب وفي المكان المناسب.
بالنسبة إلى العيوب، لا شكّ في أن عدم تدريبه للأندية الأوروبية الكبيرة سيلعب دوراً مهماً في صعوبة تأقلمه مع أجواء المباريات وغرفة الملابس. كما أن التعاطي مع لاعبين هم من الأفضل في العالم لن يكون سهلاً.
في ريال بيتيس، حقق سيتيين 39 فوزاً و22 تعادلاً و34 خسارة من أصل 95 مباراة خاضها برفقة النادي الأندلسي. أرقام تعكس مدى الهشاشة الدفاعية التي عانى منها فريق سيتيين في أحد أكثر الأندية التي نجح معها كمدرب، فكيف سيكون الحال في برشلونة؟
لا يمكن إطلاق التصريحات والتوقّعات ضد سيتيين تحت عنوان «المدرب الصغير في النادي الكبير»، ولكن في الوقت عينه، لا يمكن أن تنتشر أجواء الفرح والتفاؤل فقط بسبب رحيل فالفيردي، المدرب الذي كرهته الجماهير رغم تصدره الدوري الإسباني وتصدر مجموعة الموت في دوري الأبطال، ورغم تحقيقه لقبي «ليغا». مهمة تدريب «البارسا» لن تكون سهلة على سيتيين، فطريقة خروج المدربين الذين خلفوا بيب غوارديولا لا يمكن وصفها. كان الله في عون سيتيين.