الرياضة للجميع. شعارٌ «رومانسي» يصطدم بأسوار التمييز الجنسي عند أي منعطف، حيث تميل الكفة، في أغلب الألعاب، لصالح الرجال. ورغم ارتفاع معدلات مشاركة الإناث بشكلٍ ملحوظ توازياً مع زيادة نسبة المشاهدة والوعي العام بالرياضة النسائية على مستوى العالم، لا تزال «الألعاب» النسائية تلقى تعاملاً مختلفاً تماماً مقارنةً برياضات «الذكور»، ما يستدعي ربما حلولاً خلّاقة لتقليص الهوة المعروفة والراسخة في الأجر، والسلطة، والرعاية، والتغطية الإعلامية...في طليعة المقترحات الواعدة لموازاة الكفّتين، يسعى القيّمون على القطاعات الرياضية النسائية إلى تضييق الفجوات من خلال التوجّه للاستثمار في التكنولوجيا المدعّمة بالذكاء الاصطناعي.
من المتوقّع أن تستفيد الرياضيات بشكلٍ كبير من موجة الابتكار في «AI» ضمن مختلف الحقول، وخاصةً لإنشاء علامات تجارية رياضية أكثر إقناعاً وتقديراً على مستوى العالم.
في صيف 2023 مثلاً، انتشر إعلان فرنسي على نطاق واسع إثر استخدامه المبتكر لمؤثّرات بصرية عميقة هادفة لدعم لاعبات كرة القدم. وأراد القيمون على الإعلان تبديد الفكرة السائدة بأن اللعبة الشعبية الأولى عالمياً هي حكر على الرجال أو أنها بطبيعتها «متفوّقة» أو «أكثر جاذبية» من نظيرتها النسائية.
في البداية، يعرض الإعلان لقطات كروية مثيرة لما يبدو أنهم لاعبون ذكور، ثم يتبيّن لاحقاً أن اللقطات تعود للاعبات كرة قدم، معدّلة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وفي سياقٍ متصل، يمكن لقدرات «AI» التحليلية أن توفّر رؤى محورية لسد فجوات الرياضة المستمرة بين الجنسين في مختلف المجالات، مثل نسبة المشاهدة والتغطية الإعلامية، شرط توفير بيانات أكثر وأدق لتعزيز التحليل الإحصائي والاستراتيجي... ورغم أن الرحلة نحو سد فجوة البيانات في الرياضة النسائية محفوفة بالتحديات، إلا أنها مليئة بالفرص.
بعيداً عن التأثير التسويقي، باستطاعة الذكاء الاصطناعي أن يساعد في تمهيد الطريق لتطوير منتجات شاملة ومحايدة جنسياً، ما يضمن تباعاً حصول النساء على الأدوات المناسبة التي تعزز أداءهن وراحتهن وتجربتهن الشاملة في الرياضة، خاصةً أن الابتكار السابق في تصميم المنتجات كان منحازاً نحو الرجال، مع إهمال الاحتياجات المحددة للرياضيات.
عليه، قد تساهم التقنيات المدعمة بـ«AI» في تقليل نسب إصابات السيدات، حيث أظهرت الدراسات أن لاعبات كرة القدم أكثر عرضة لإصابات الرباط الصليبي الأمامي من الرجال باحتمالية تراوح بين مرتين وثماني مرات، وتعود بعض الأسباب إلى كيفية تصميم معدات كرة القدم مثل الأحذية. وأشارت الدراسات أيضاً إلى امتلاك النساء أنماط حركة وأساليب جري مختلفة عن الرجال، إضافةً إلى اختلاف في بنية الساق وأقدام أصغر بالنسبة إلى ارتفاع أجسادهن، إلا أن طول المسامير الموجودة على الأحذية عادةً يتم تصميمه بناءً على حركة أقدام اللاعبين الذكور. بالتالي، يزيد عدم التطابق هذا من فرص حدوث إصابات للاعبات على مستوى الرباط الصليبي وغيره...
باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن تحليل كميات هائلة من بيانات اللاعبات، ليس لتحديد أنماط الإصابة فقط، بل لتوفير برامج تدريب مخصصة بهدف تعزيز الأداء وتحسين المنتج الرياضي/الكروي النسائي لاستقدام مشاهدين أكثر، ورفع عقود البث التلفزيوني تباعاً وما يتبعه من تحسين أجور اللاعبات أنفسهنّ...
وتعمل عدة شركات تكنولوجية على تقديم حلول مثمرة لكرة القدم النسائية، مثل Zone7 و DDB Group Aotearoa NZ...
في المحصّلة، يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إحداث ثورة في مشهد الرياضة النسائية وتعزيزها داخل وخارج الملعب. التحسينات المرتقبة من شأنها تغيير المفاهيم المجتمعية للأفضل وإلهام الجيل المقبل من الرياضيات، شرط توظيف هذه التقنيات وغيرها بالشكل الصحيح بلا إفراط، للحؤول دون استبدال التمييز بوحشٍ اصطناعي أكثر ضراوة.