لطالما أبدى مارادونا تعاطفه وتأييده للإيديولوجيات اليسارية، وقد اشتهر بكراهيته المطلقة لسيطرة الدول الكبرى. عارض مارادونا الإمبريالية بشكلٍ علني، ولا سيما عندما شارك في تظاهرة عام 2005 احتجاجاً على زيارة جورج بوش للأرجنتين لحضور قمة قادة دول الأميركيتين في مدينة «مار دل بلاتا» لمناقشة سوق التجارة الحرة، حيث ارتدى قميصاً يحمل عبارة «توقف بوش» واصفاً إياه بالـ«قمامة البشرية»، كما وصف ترامب في وقتٍ لاحق بـ«الطاغية». وللمفارقة فإن القادة الأميركيين أنفسهم طالبوا بحضوره في مونديال 1994. ينقل أحد الكتّاب الإنكليز قصة عن وزير الخارجية الأميركي الأسبق كيسنجر، الذي طالب الفيفا بإشراك لاعب يُجبر الجماهير الأميركية على حضور المونديال، كون كرة القدم غير مشهورة في أميركا. قال المسؤولون في الفيفا حينها إن هناك روماريو ورفاقه البرازيليين، ولكن كيسنجر لم يقتنع، وقال أريد مارادونا، فهو الوحيد القادر على إجبار الأميركيين على حضور المونديال. بالفعل حضر مارادونا بعد أن كان معاقباً، وأُجبر على تخفيض وزنه سريعاً عبر استخدام عقاقير. خفّض وزنه وشارك في أول مباراتين مقدماً أداء ساحراً، ولكن كما هي عادة الإدارة الأميركية فقد غدرته بمساعدة الفيفا، وأخضعته لفحوصات قالت بعدها بأن مارادونا يتعاطى منشّطات، وخرج من المونديال بتصريح شهير: «لقد خدعوني».
الفتى الذهبي أفنى حياته في سبيل العدل والحرية، خاصةً إثر تعافيه من المخدّرات في رحاب كوبا وفنزويلا. بعيداً عن كرة القدم، كوّن مارادونا العديد من الصداقات مع قادة سياسيين بارزين، كما ناصر العديد من القضايا الإنسانية.
كيسنجر والفيفا خدعا مارادونا في مونديال 1994 بعد أن استغلّا حضوره
فلسطينيّ القلب
لطالما أعرب مارادونا عن تأييده لحقوق الشعب الفلسطيني ضد الاستبداد الصهيوني. ارتدى الكوفية في إحدى المرات عام 2011 بعد أن منحه إياها شباب فلسطينيون ولم يكتف مارادونا بذلك بل رفع بيده شعار النصر وقال: «عاشت فلسطين».
وفي عام 2018، التقى مارادونا بمحمود عباس على هامش مونديال روسيا، وقال له: «أنا فلسطيني القلب»، في مقطع فيديو تداوله العديد من الناشطين حول العالم.
مارادونا وفنزويلا
كان مارادونا متعاطفاً ومؤيداً للقضية الفنزويلية. دعم دييغو الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، حيث قابله عام 2005 في ميرافلوريس. بعد الاجتماع، خرج دييغو أمام الجميع وقال: «أنا أؤمن بتشافيز، أنا تشافيستا، كلّ شيء يفعله فيديل وكلّ ما يفعله تشافيز يعتبران الأفضل بالنسبة إلي». ويوم رحل تشافيز قال مارادونا: «ما تركه لي هوغو، صداقة عظيمة وحكمة سياسية لا تُصدق. لقد غيّر الطريقة التي تفكر بها أميركا اللاتينية. خضعنا للولايات المتحدة لكنه أظهر لنا أنه يمكننا السير بمفردنا».
عام 2013، زار مارادونا قبر تشافيز وحثّ الفنزويليين على انتخاب خليفة الزعيم الراحل، نيكولاس مادورو. في ذلك اليوم، طلب منهم المحافظة على إرث هوغو، وقال مارادونا على شاشات التلفزيون: «واصلوا الكفاح». وبعد زيارته قبر تشافيز مع مارادونا، قال مادورو في ذلك العام: «كان الحديث مع دييغو عاطفياً للغاية، لأن القائد تشافيز كان يحبه كثيراً أيضاً».
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل عاد دييغو للاحتفال في الحملة الانتخابية عام 2018. وخلال أزمة الرئاسة في فنزويلا عام 2019، أهدى مارادونا فوز الفريق الذي كان يدربه إلى مادورو، ما دفع الاتحاد المكسيكي لتغريمه.
الثورة الكوبية
قبل 33 عاماً، أعلن مارادونا موقفه الواضح من الثورة الكوبية ضد الولايات المتحدة الأميركية، وذلك عندما قام بزيارته الأولى للزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو مباشرةً بعد تتويجه رفقة الأرجنتين بلقب مونديال 1986.
أمضى مارادونا فترات متقطّعة في كوبا، حيث خضع هناك لعلاج من الإدمان على المخدرات. مع مرور الوقت، توطّدت العلاقة بين الرجلين نظراً إلى توافقهما في العديد من القضايا والمواقف السياسية. وفاء مارادونا جعله يقوم برسم وشم لكاسترو على قدمه اليسرى، وقال عنه في أحد لقاءاته: «كاسترو لم يفكر يوماً في السرقة من الفقراء. إلى جانب الله، هو سبب بقائي على قيد الحياة الآن».
من جهته، صرّح كاسترو في إحدى المناسبات: «دييغو صديقٌ عظيم ونبيل للغاية، هو رياضي رائع وقد حافظ على صداقة كوبا من دون أي مكسب مادي له».
يوم وفاة كاسترو، قال مارادونا متأثراً: «أريد أن أكون إلى جانب راؤول كاسترو شقيق فيدل، وإلى جانب الأطفال والشعب الكوبي الذين أعطوني الكثير. أريد أن أرافق صديقي فيدل. سيتم حرق جثمانه، وأريد أن أعبر له عن امتناني على كل شيء».
في عام 2011 شارك مارادونا في دعم الأطفال في ليبيا بعد الأحداث التي حصلت هناك، وذلك مع مواطنه خافيير زانيتي. مارادونا دان أيضاً الحرب على سوريا واعتبر أن الولايات المتحدة الأميركية تريد تدمير دمشق.
كان موقفه واضحاً برفض الحروب الأميركية ورغبة واشنطن التوسعية في كل العالم، وشارك بالكثير من التظاهرات بل ودعا إلى تنظيمها من أجل إدانة أفعال واشنطن وتشكيل رأي عام عالمي مناهض للإمبريالية.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا