كوالالمبور | مرّة واحدة فقط زار فيها منتخب لبنان الأراضي الماليزية، وكانت لمواجهة صاحب الضيافة في التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس آسيا 2019. وقتذاك عاد منتخبنا فائزاً 2-1 تحت قيادة مدربه الحالي المونتينغري ميودراغ رادولوفيتش.وبين تلك المدة ونظيرتها الحالية، تغيّرت الأمور كثيراً بالنسبة إلى المدرب الذي عاد إلى الإشراف على «رجال الأرز» عشية كأس آسيا التي أقيمت في قطر مطلع السنة الحالية. لاعبون اعتزلوا وآخرون أصبحوا خارج الخدمة، والكرة اللبنانية تغيّرت ظروفها وملاعبها ومقاربة أنديتها، فأصبح البحث عن اللاعب الدولي القادر على صناعة الفارق مسألة صعبة.
مرّت أشهر على عودة «رادو» إلى لبنان، حيث كانت الضغوط حاضرة والمطالبة بالنتائج الإيجابية مسألة أساسية، فلم يكن في مقدور الرجل إحداث التغيير الكبير والدخول في مرحلة تجارب. لكن مع هذه الوقفة الدولية أضحت الأمور مختلفة، وبات التركيز الأكبر على كيفية دمج العناصر الوافدة حديثاً في نظام اللعب، وهو أمر لا يمكن أن يحصل إلا عبر منحهم الوقت الكافي للعب على أرض الملعب.
من هنا، كان كلام رادولوفيتش واضحاً في المؤتمر الصحافي الذي يسبق المباراة، إذ قال: «مشاركتنا في «كأس مرديكا» مسألة مهمة لأننا سنعمل على تجربة لاعبين جدد أمام منتخبات نحترمها ونعرف إمكاناتها، فهي ستشكّل تحديّاً جيّداً بالنظر إلى إمكاناتها على الصعيدين الفردي والجماعي».

بارقة في تمارين المنتخب
بالفعل يمكن لهذه الدورة أن تضع الحجر الأساس لمنتخبٍ جديد، وذلك في موازاة مواصلة العمل على البحث عن لاعبين في بلاد الاغتراب قادرين على الانضمام إلى المنتخب، إذ إن لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم تصعّب الأمور أكثر من أي وقتٍ مضى، فكانت السبب مثلاً وراء عدم انضمام الحارس جبران لحود المولود في المكسيك كونه سبق أن مثّل تلك البلاد عبر أكثر من منتخب قبل استعادته للجنسية اللبنانية.
أضف أن بعض اللاعبين الآخرين لا يلتقون مع المعايير القانونية المطلوبة في «الفيفا»، وأهمها أن يكون أحد الوالدين أو أحد الجدّين ولد في لبنان ليحصلوا على الضوء الأخضر لتمثيل «بلاد الأرز».
وبانتظار تخطي عوائق هذه المسألة، أطلت بارقة في التدريب الأخير للمنتخب على ملعب الصفاء، قبل سفره إلى ماليزيا، وتمثّلت بمهاجم لا يبلغ من العمر سوى 17 عاماً، وهو سامي مرهج المولود في كولومبيا، والمتحدّر من بلدة بشمزين في قضاء الكورة. مرهج القوي البنية (1.87 م)، والذي استدعي أخيراً إلى تجمّع المنتخب الكولومبي للاعبين دون الـ 20 سنة بعد بروزه مع فريقه ديبورتيفو بيريرا في الدرجة الممتازة، حضر إلى لبنان للانضمام إلى منتخب الشباب في التصفيات الآسيوية، وذلك بفعل الارتباط العاطفي لوالده حبيب مع وطنه الأم رغم هجرته منذ زمنٍ بعيد، وهو قال في حديثٍ إلى «الأخبار»: «ولد سامي في كولومبيا، لكن كما ترون هو يتحدث العربية لأنني أردته دائماً أن يكون لبنانياً بالدرجة الأولى، وحلمت أن أراه هنا بقميص منتخب لبنان الذي أتمنى أن يدافع عن ألوانه».
«كأس مرديكا» محطة أساسية للمنتخب من أجل الشروع في عملية التغيير الضرورية


كلامٌ يدعو إلى التفاؤل بقدر الأداء الذي قدّمه الفتى اليافع في التدريب، حيث أشاد به رفاقه حتى، ما يرشّحه بشكلٍ كبير للالتحاق بهم في المرحلة المقبلة، وخصوصاً وسط حاجة المنتخب إلى مهاجمين إضافيين، شبان وحيويين، ويتمتعون بإمكانات فنية نادرة يمكنها أن تضخّ دماءً جديدة في التشكيلة، إذ من المتوقع أن يبني رادولوفيتش على انطلاقة مرحلة التغيير قبل الوقفة الدولية المقبلة التي ستحمل منتخبنا الوطني إلى فيتنام للمشاركة في دورة ودية ثلاثية منتخب الدولة المضيفة والهند بين 10 و16 تشرين الأول المقبل.

رادولوفيتش ينادي بالثأر
وما لا شك فيه أن مواجهة هذه المنتخبات الآسيوية بأساليبها المختلفة تعدّ مسألة مطلوبة على اعتبار أن لبنان سيواجه خصوماً تشبهها في استكمال التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا 2027 ابتداءً من شهر آذار 2025.
أما اللقاء مع طاجيكستان، فيحمل حساباتٍ خاصة كونه سيكون ثأرياً بحسب ما قاله رادولوفيتش: «لقد لعبنا جيّداً ضدهم في كأس آسيا وتقدّمنا عليهم قبل أن تعاكسنا الظروف وتحرمنا بطاقة حمراء من التأهل على حسابهم. لذا علينا الارتقاء اإلى مستوى التحدي الكبير في هذه المواجهة الثانية معهم، والثأر لخسارتنا الماضية، فهذا هو أحد الأهداف التي وضعناها لأنفسنا قبل مجيئنا إلى ماليزيا».
وإذ تخلو تشكيلة «رادو» من الإصابات، فإن عمله وجهازه الفني لحظا إخراج اللاعبين من حالة التعب جراء الرحلة الصعبة إلى العاصمة الماليزية، فكان المهاجم غابريال بيطار آخر الملتحقين بعد سفرٍ طويل حمله من كندا إلى سيلانغور حيث أقام المنتخب حصصه التدريبية، وتضمّنت عملاً كبيراً لناحية الانتشار والتحركات والمقاربة الإستراتيجية، المطلوب من اللاعبين الجدد الانغماس فيها إلى أقصى الدرجات قبل الوقفة الدولية المقبلة التي ستشكّل استكمالاً لمرحلة البناء بغية الوصول إلى النتائج المطلوبة.