هذا الانقسام شمل اتحادات وأندية وجماهير، وفوقهم جميعاً: لاعبون. بعضهم كانَ فخراً حقيقياً بالمواقف الواضحة الداعمة للحق، مثل اللاعب الجزائري رياض محرز على سبيل المثال لا الحصر، وبعضهم سقط إلى الحضيض الأخلاقي، على رأسهم المصري محمد صلاح.

هذا الأخير لخّص بمواقفه الرمادية المخزية صراع القضية على الرقعة الخضراء.


رغم انتظار أغلب الجماهير العرب من «فخرهم الأسبق» أن يرفع صوته عالياً بوجه حرب الإبادة الإسرائيلية على فلسطين وما تبعها من إرهابٍ وحشي على لبنان، باعتبار «أبو مكة» إحدى أكثر الشخصيات الرياضية تأثيراً على مستوى العالمين العربي والدولي، التزم صلاح الصمت واقتصرت مواقفه على منشورٍ أو اثنين يساوي بهما بين الضحية والجلاد.
السكوت أمام حرب الإبادة الاسرائيلية هو عدوان من نوعٍ آخر. لاعبو كرة القدم الذين يتبعهم ملايين المشجعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي هم مجرمون أيضاً بحسب وصف البعض إذا لم يدينوا الكيان على إرهابه في فلسطين ولبنان والمنطقة.
ورغم أن الأمر لا يتطلب سوى تغريدة للتأثير في الرأي العام ونصرة الحق، إلا أن الجشع المالي لهؤلاء اللاعبين هو ما يغلق أفواههم ربما.
تساهم العقود الضخمة التي يبرمها الرياضي بتحديد موقفه أمام الرأي العام تماماً كما يشتهي الداعم.


بطبيعة الحال، لا ينحصر تصنيف ملايين المتابعين بكونهم مجرد أرقام على تطبيقاتٍ رقمية، إنما مستهلكون محتملون بالنسبة إلى رعاة اللاعبين. عليه، تساهم العقود الضخمة التي يبرمها الرياضي إلى حد كبير بتحديد موقفه أمام الرأي العام، تماماً كما يشتهي الداعم، وترتبط درجة الانبطاح بمدى إنسانية ذلك الرياضي، وكيفية مقاربته للأموال المحتملة على حساب الدماء المزهقة.
في هذا الإطار، أكّد المدرب البارالمبي الأيرلندي، مارك روهان، في تصريحٍ له قبل أيام، أن ضغوط عقود الرعاية هي السبب الرئيسي وراء صمت الرياضيين المشهورين عالمياً بشأن فلسطين.
وقال روهان إن القرارات التي تتخذها السلطات الرياضية لا تستند إلى حياة الإنسان أو القيم الأخلاقية، بل إلى الإيرادات، إذ إن «الفيفا والاتحاد الدولي لكرة السلة وجميع المؤسسات الأخرى يعتمدون بشكل كبير على عائدات الرعاية».
وأشار روهان إلى أنه «عندما تظل أسماء بارزة مثل كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي وديفيد بيكهام صامتة، فإن الرياضيين من المستوى الأدنى يشعرون بعدم القدرة على الكلام»، مضيئاً على الحاجة إلى تحرك الرياضيين العظماء القادة للحصول على رد فعل كافٍ في عالم الرياضة.
لكن لسوء الحظ، يفتقر رياضيونا اليوم إلى هذه الصفة. فمن يسكت عن المجازر الحاصلة بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني لا يستحق أن يكون قدوة. إنهم ببساطة ليسوا قادة.