بعد نهائي بعنوانٍ جديد في الموسم الماضي بين الرياضي وبيروت الذي أحرز اللقب للمرة الأولى، ها هو الموسم الحالي يفرز نهائياً آخر غير معتاد، وهذه المرّة بين أكثر الفرق إحرازاً لبطولة لبنان لكرة السلة في تاريخها، والفريق الحديث العهد فيها والساعي منذ موسمه الأول إلى اقتحام المنافسة بقوة.
يملك دينامو أفضلية الأرض في السلسلة النهائية (فادي مرق)

نهائي لا يحمل في العمق جوهراً جماهيرياً بفعل الفارق بين الرياضي صاحب الشعبية الجارفة ودينامو لبنان الذي يحاول شقّ طريقه إلى قلوب محبي اللعبة، لكنه بالتأكيد يحمل معاني كبيرة من الناحية الفنية لكرة السلة عامةً ولعشاق متابعة مباريات ذي مستوى عالٍ، والتي بلا شك ستبدأ الليلة من قاعة «روكلاند أرينا» الخاصة بدينامو الذي يملك أفضلية الأرض في السلسلة النهائية.
هذه السلسلة لا شك في أنها ستزيد أكثر من الضجة التي تحيط بكرة السلة هذه الأيام وسط النجاحات الخارجية التي عرفتها أخيراً، من تأهل منتخب لبنان إلى نهائيات كأس العالم ووصولاً إلى تتويج الرياضي بطلاً لمنطقته في بطولة «وصل».

الرياضي الواثق دائماً
ومن هذه النقطة الأخيرة ينطلق الفريق الأصفر بثقة نحو محاولة الوصول إلى منصة التتويج في البطولة المحلية، وهو يستطيع فعلها بنظر الكثيرين بفعل الإمكانات الفنية الموجودة لديه وتعدّد «الأبطال» القادرين على حمله في اللحظات الحاسمة والمباريات الكبرى.
من هنا، تسقط المقارنات إذا ما ذهبنا إلى مقاربة العناصر في الفريقين فرديّاً أو وفق ثنائيات، لكن لا يخفى أن ما يملكه دينامو ليس بقليل أيضاً، فنجومه المحليون هم الذين يكملون الصورة المثالية في المنتخب الوطني الذي ترك نجوم الرياضي تأثيرهم الإيجابي فيه بشكلٍ كبير.
لاعباه الأجنبيان أيضاً ليسا عاديين بل إن التركيبة نفسها التي حضرت في المنارة عرفها الفريق الذي اتخذ من طريق المطار مركزاً لانتصاراته، مستقدماً أميركياً هدافاً، إضافةً إلى لاعب ارتكاز بمواصفات عالية جداً لدرجة أنه ومنذ فترة طويلة لم تشهد البطولة مواجهةً بهذا الحجم تحت السلة، ولم تشهد قدوم لاعبَين بمستوى العملاقين ريث ديوب وجو لوال، وهو ما يبرّره المبلغ الذي دُفع لضمان وصول اللاعبَين إلى بيروت.
أصداء النهائي الكبير بنجومه المحليين والأجانب المميزين وصلت إلى أستراليا


وتمتد المواجهة الثنائية في هذه القمّة لتصل إلى الرأس المفكّر عند كل فريق، إذ بعدما كرّس أحمد فران نفسه المدرب الأصغر في تاريخ الدوري الذي يحرز اللقب قبل أن يحضر سلفه جورج جعجع منتزعاً هذه الصفة منه، يقف جاد الحاج أمام محطةٍ تاريخية أخرى في مسيرته، فهو المدرب الشاب الذي أقنع اللبنانيين بجدوى الاعتماد على المدرب المحلي في المنتخب، وبإمكانية صناعة المدربين الشبان تاريخاً جديداً لكرة السلة اللبنانية بحكم تطوّر إمكاناتهم وعقليتهم مواكبين الحداثة في اللعبة.
هو بالفعل يقف أمام محطة تاريخية قد تشكّل مفترقاً في مسيرته، وخصوصاً في حال نجح في قيادة دينامو إلى اللقب الأول في تاريخه.

دينامو يتحدى نفسه
طبعاً المهمة صعبة وهو أمرٌ يعرفه جيّداً كونه يعرف قدرات الفريق الآخر الذي أوفد إليه أفضل الخامات للاستفادة منها في المنتخب. لذا فإذا كانت هناك أفضلية رئيسية لدينامو ستكون في وجود الحاج لديه على اعتبار أنه أكثر المدربين القادرين على الخروج بأفكارٍ لاحتواء نجوم الرياضي، وما أكثرهم.
لكن هنا تكمن المهمة الشائكة والتحدي الشخصي لكل عنصرٍ من عناصر الفريق الفتي، فهناك على جاد خليل والمخضرم علي محمود التعامل مع وائل عرقجي وعلي منصور، وعلى الأميركي زاك لوفتون محاولة إيقاف مواطنه كيفن مورفي، بينما ستكون المواجهة الثنائية المنتظرة والأشرس بين ريث ولوال، والتي وصلت أصداؤها إلى أستراليا التي يحمل جنسيتها اللاعبون ذوو الأصول الجنوب سودانية.
أرقامهما الرهيبة تختصر القصة كلّها، إذ إن ريث يملك ما معدله 25 نقطة و10 متابعات بنسبة نجاح 51% في المباراة الواحدة، بينما وصلت معدلات لوال في البطولة إلى 30 نقطة و10.8 متابعات ونسبة 66% من كل المسافات.
بالفعل يا له من نزال، ويا له من نهائي يُنتظر أن يفرز معادلةً جديدة، فإما عودة «دولة الرياضي» لفرض سيطرتها التامة على ملاعب كرة السلة، وإما خروج دينامو بإعلانٍ جريء يؤكد فيه بأن خصمه ليس وحيداً في الساحة بل إنه حاضر لتغيير الواقع الذي فرضه «الأصفر» على كل خصومه في كل مراحل الموسم المحلي وامتداداً إلى القارة الآسيوية.