بعيداً عن ريال مدريد، حامل لواء الكرة الإسبانية في الساحة الأوروبية، يظهر جلياً تفوق الإنكليز في بطولة «تشامبيونز ليغ». فمنذ موسم 2018، وصلت أندية «بريميرليغ» إلى الدور نصف النهائي على أقل تقدير في كل نسخة من البطولة، باستثناء موسم 2019-2020، كما شاركت ستة أندية إنكليزية في آخر خمس نهائيات من أصل عشرة أندية مشاركة، مع وجود نهائيّين إنكليزيّين بشكلٍ خالص. تجلّى النجاح عام 2019، عندما توّج تشيلسي في بطولة الدوري الأوروبي على حساب نظيره الإنكليزي أرسنال بينما فاز ليفربول بدوري أبطال أوروبا متجاوزاً توتنهام في النهائي، ثم توّج بكأس السوبر الأوروبي. تفوّق لافت لمهد كرة القدم، جاء بفعل التميُّز والثبات.
تاريخياً، كان الإنكليز حاضرون دائماً في المحافل الأوروبية، غير أن الكفّة مالت لصالح الإسبان والألمان في العديد من المواسم، تحديداً خلال أوائل العقدين المنصرمين. توازى تخبّط الأندية الإنكليزية حينها مع عدم تساهل القيّمين على «بريميرليغ»، حيث اصطدمت الأندية باستحقاقات «مكدّسة» غيَّبت الراحة عن اللاعبين حتى في فترة الأعياد التي تعطّل فيها بقية الدوريات. لا تزال مشكلة ازدحام المباريات وكثرة البطولات تؤثر سلباً على الأندية الإنكليزية، وهو أمر اشتكى منه معظم المدربين، حيث تشارك فرق الدوري الممتاز في ثلاث بطولات محلية موسمياً، إضافة إلى المشاركة القارية، مع تكثيف المباريات خلال فترة الميلاد. «زحمة» تؤثر على اللياقة البدنية للاعبين وتنعكس سلباً على النتائج، تحديداً في الاستحقاقات الأوروبية. العنصر المغاير الذي ساهم بعودة تألق الإنكليز خارج نطاق البطولات المحلية، هو الانهيار المالي المستمر لكرة القدم الأوروبية منذ جائحة كورونا، مقابل ثبات قطاع كرة القدم في إنكلترا على خلفية صفقات عوائد النقل التلفزيوني وعقود الرعاية. وفي ظل عدم تأثر أندية الدوري الإنكليزي كثيراً بتداعيات كورونا مقارنةً بأندية أخرى أفلست أو تخلّت عن عناصرها الأساسية لخلق التوازن في الميزانيات، تسلّق الإنكليز سلّم البطولات الأوروبية مجدداً، على خلفية إمكاناتهم المالية الضخمة التي سمحت بتدعيم الفرق من خلال لاعبين أساسيين واحتياطيين ذوي جودة عالية، قادرين على المداورة والمنافسة ضمن مختلف المسابقات حتى الرمق الأخير.
هكذا، أصبحت الأندية الإنكليزية تمتلك مواهب بارزة ساهمت في استقدام الكفّة مرة أخرى لصالح بلدها الأم، كما لعب مدربو النخبة دوراً بارزاً في استحداث الطفرة، حيث قاد أمثال بيب غوارديولا ويورغن كلوب وتوماس توخيل... ثورة بفعل أسلوبهم المميز في كرة القدم. صحيح أن غوارديولا لم يجد بعد القطعة المفقودة في لغز دوري الأبطال رفقة مانشستر سيتي، إلّا أن النسخة الحالية تبدو النسخة المنشودة، خاصةً بعد تجاوز «السيتيزينز» لبايرن ميونخ في ذهاب دور ربع النهائي بنتيجة 3-0.
موسمٌ آخر قد يشهد وصول نادي إنكليزي إلى الدور نصف النهائي على أقل تقدير. يبدو غوارديولا قادراً على تحقيق اللقب الأوروبي الأول من نوعه في تاريخ مانشستر سيتي، ليستكمل بذلك تفوّق الإنكليز ضمن المسابقات الأوروبية.